المعتقلون الجزائريون الستة لا يريدون مغادرة غوانتانامو

قاوموا محاولات ترحيلهم.. وواشنطن تؤكد أن الجزائر لم تعذب أيا من العائدين

TT

كانت إدارة أوباما تريد الإسراع في إعادة الجزائريين الستة المعتقلين في غوانتانامو إلى بلادهم لولا مشكلة واحدة، وهي أن الرجال الستة لا يرغبون في العودة. فعندما منح الرجال الستة، بحسب تصريحات محاميهم، الخيار بين عودتهم إلى بلادهم والسجن، اختار الرجال البقاء في غوانتانامو.

وكانت الإدارة الأميركية قد ضمنت انتصارا قانونيا بارزا يوم الخميس عندما ألغت محكمة استئناف فيدرالية قرار محكمة جزئية يمنع الحكومة من إعادة أحدهم. وقد أكد أحد المعتقلين أنه سيتعرض للتعذيب من قبل الحكومة الجزائرية أو الاستهداف من قبل المجموعات الإرهابية التي ستقتله إن رفض الانضمام إليها مرة أخرى.

وكانت القاضية الجزئية غلاديس كيسلر قد قضت بأن مزاعم فارحي سعيد بن محمد، 49 عاما، الذي اعتقل في غوانتانامو لمدة 8 سنوات «تثير القلق إلى حد بعيد». وقالت إن المحكمة يجب أن تتأكد من ضرورة حصول الإدارة على ضمانات دبلوماسية بأن المعتقلين الذين سيتم ترحيلهم إلى الجزائر سيعاملون بصورة إنسانية.

وقد رفضت هيئة محكمة الاستئناف في واشنطن قرار كيسلر يوم الخميس، مصدقة على الاستئناف الطارئ الذي تقدمت به الحكومة. وعلى الرغم من إجراءات الدعوى، فإنها لا تزال منظورة أمام القضاء، إلا أن الحكومة الأميركية تقول إن هناك سوابق قانونية تمنح السلطة التنفيذية صلاحية تقرير المكان الذي ينقل إليه المعتقلون.

من جانبهم، رفض محامو محمد التعليق على الأنباء، وقال ناشطو حقوق الإنسان إنهم سيستأنفون الحكم ربما أمام المحكمة العليا.

وتقول منظمات حقوق الإنسان إن النزاع السياسي في الجزائر أودى بحياة 200.000 شخص منذ 2002، وقد استخدمت الحكومة وسائل عنيفة لقمع التمرد الإسلامي.

في السياق نفسه، أشار تقرير وزارة الخارجية حول ممارسات حقوق الإنسان في الجزائر عام 2009 إلى أن محامي حقوق الإنسان المحليين قالوا إن «التعذيب يتواصل في مراكز الاعتقال ويمارس غالبيته ضد المعتقلين لأسباب أمنية».

ويوضح مسؤولو الإدارة أنه على الرغم من هذا التاريخ، فإن الولايات المتحدة خلال إدارة الرئيس بوش والرئيس أوباما أرسلت بالفعل عشرة معتقلين جزائريين إلى بلادهم وأن أيًّا منهم لم يحاكم. وقال مسؤول في الإدارة رفض الإفصاح عن اسمه بسبب استمرار الدعوى القضائية: «نحن نهتم بتقييم الدول التي نعيد إليها المعتقلين؛ ففي حالة الجزائر هناك سجل تعقب قائم وقد أوليناه أهمية كبيرة. وقد تعاملت السلطات الجزائرية مع هذا الملف بصورة جيدة فلم تحدث انتكاسة لأي من الحالات ولم يتعرض أي منهم للتعذيب». وأوضح المسؤول أن الإدارة رفضت إعادة معتقلين إلى دول مثل الصين وليبيا وسورية وتونس وأوزبكستان، حيث يعتقد المسؤولون الأميركيون أنهم سيواجهون التعرض للتعذيب أو لسوء المعاملة.

وكانت الإدارة تعد لترحيل أحد الجزائريين الستة لكن محامي عزيز عبد الناجي، 35 عاما، الذي اعتقل في غوانتانامو لأكثر من 8 سنوات، قالوا إنه «يعارض بشدة العودة إلى الجزائر». قرار الحكومة جاء بناء على الاعتقاد بأن ناجي عدل عن أفكاره مؤخرا، مما يمكن معه إعادته إلى الجزائر. وإذا مضى المسؤولون قدما في ذلك، فستكون أول حالة نقل قسري من خليج غوانتانامو من قبل إدارة أوباما.

وأوضح محامو الجزائريين الستة أن موكليهم يعيشون في خوف من إعادتهم قسرا. وقال ديفيد ريميس، وهو محام عن المعتقل أحمد بلباشا، الذي حكم عليه بالسجن غيابيا لمدة 20 عاما من قبل محكمة جزائرية العام الماضي لمزاعم بارتباطه بجماعة مسلحة غير قانونية: «هؤلاء الرجال يفضلون البقاء في غوانتانامو بقية حياتهم عن الذهاب إلى الجزائر، وهذا يدل دلالة واضحة على أنهم يخشون الذهاب، ولكن هذه الإدارة ترغب في دفعهم إلى الهاوية». وقالت «هيومان رايتس ووتش» إن المعتقلين الذين أعيدوا إلى الجزائر في وقت سابق لم ينظر إليهم على أنهم يشكلون تهديدا للجزائر، بسبب السن أو الظروف الصحية، وإن احتمالية التعرض للتعذيب بالنسبة لبقية المحتجزين أكبر. وقالت ستيسي سوليفان من «هيومان رايتس ووتش» إن «الولايات المتحدة لديها التزامات قانونية بعدم إرسال الناس إلى بلدان يمكن أن يتعرضوا فيها للتعذيب».

لكن مسؤولا في الإدارة قال إن حجج المحامين ونشطاء حقوق الإنسان «مجرد افتراضات غير مقنعة. ولم يوضح المسؤول ما إذا كان بلباشا، 40 عاما، سيعاد توطينه في بلد ثالث بسبب إدانته غيابيا». واعترف المسؤول أيضا أن هناك سببا عمليا آخر، لإرسال الجزائريين إلى بلادهم؛ فمن بين ما يقرب من 22 معتقلا متبقيا في معتقل غوانتانامو تريد الإدارة إعادة توطينهم في بلد ثالث، حصلت على تعهدات لنصفهم تقريبا. وطالبت ريميس بعدم التسرع في هذا الأمر، قائلة: «لماذا تتعجل الحكومة، فغوانتانامو لن تغلق في المستقبل القريب، وهؤلاء الرجال على استعداد للانتظار هناك حتى لو كانوا آخر من سيخرج».

* خدمة «نيويورك تايمز»