سيدة القصيم.. كيف تفهم الحياة وكيف يفهمها الآخرون

«الشرق الأوسط» تتجول بين سيدات بريدة وعنيزة ومجلس حرم أمير المنطقة.. وتطلع على نقاش المثقفات والإداريات

تحرص المرأة القصيمية على المشاركة في الفعاليات التي تقام في المنطقة (تصوير: ثامر الناصر)
TT

من «القصيم»، وتحديدا من «مواطن عبس» في «عيون الأجواء» ومعشوقة عنترة «عبلة» مرورا بمدينة «بريدة»، وهي العاصمة الإدارية والتجارية لمنطقة القصيم ووصولا إلى شمال غربي بريدة حتى سوق «قبة رشيد» و«الجردة»، في قلب بريدة القديمة، وعبورا بمدينة «عنيزة» ثاني أهم المدن القصيمية، وقصة تلك الثنائية بين حاضرتي القصيم الأساسيتين، التي شغلت وحيرت الرحالة والمؤرخين، سعت «الشرق الأوسط» في رحلة ميدانية لرصد بعض من ملامح الحراك الاجتماعي في حياة المرأة «القصيمية».

البداية مع مدينة «بريدة»، حيث حضر اسم هذه المدنية كثيرا في الآونة الأخيرة، بعد تردد اسم «سيدة القاعدة»، على لسان التنظيم نفسه في اليمن ومن ثم في وسائل الإعلام، إنها «هيلة القصير» التي كانت قد اعتقلت من قبل الأجهزة الأمنية بتهمة «الإرهاب» منذ بضعة أشهر.

تردد اسم المدينة مع تردد اسم «هيلة» حيث كانت المرأة تقيم وتعيش وتنشط، وهو ما يستدعي البحث في شأن المدينة من جديد، البحث بين ناسها وأماكنها، لما تشكله من بعد ديني هام شملها وضم منطقة «القصيم» بأسرها.

* تشدد بريدة.. أين الحقيقة؟

* ليس سرا لدى المتابع السعودي تكرار بعض الصور النمطية عن منطقة أو مدينة أو شريحة اجتماعية معينة، ومن تلك الصور «النمطية» ما يقال عن تشدد بريدة الديني؛ صورة نمطية تدعي «التشدد الديني» خاصة أن قوائم الإرهاب المعلنة من قبل وزارة الداخلية السعودية قد حوت أسماء من أبناء المنطقة، مثلها مثل غيرها من باقي المناطق السعودية. وكما قيل، حتى تعرف ماذا يعتقد الفرد فعليك أن تنظر في حال المرأة لديه.

«بريدة ليس لأهلها وقت لغير الاتجار والصلاة»، كما وصفت من قبل أحد الرحالة الغربيين، هي من حدثت فيها «فتنة القول بتعليم البنات» حسب عنوان كتاب لباحث من أحد أبناء المنطقة، هو الناقد والأديب عبد الله الوشمي، وهي المدينة التي تشغل حيزا في تفكير الراصدين لحركات الصحوة الإسلامية ورجالاتها ونماذجها، وهي المدينة التي لا تلبث أن يخفت صوتها بشأن قضية، إلا ويصدح بشأن أخرى، والتي اجتمعت فيها الأضداد جميعا، كما يردد كثيرون. فالمتشددون والمحافظون والليبراليون يجتمعون في بقعة واحدة أو ينتمون لها ويفتخرون بذلك، كما قال عنها الكاتب عبد الله الوشمي.

ما تعاني منه منطقة «القصيم» بشكل عام ومدينة «بريدة» بوجه خاص من التصاق صورة التشدد الديني النمطية، التي أصبحت أشبه بحالة «توأم سيامي» يستحيل معه الفصل نتيجة التصاق أبعاد اجتماعية وثقافية وجذور دينية، أخذ يثير غضب قاطنيها. وبحسب المحامي صالح الدبيبي، وهو أحد أبناء مدينة بريدة ومنخرط في لحمتها الاجتماعية من خلال قضايا ساكنيها، أكد أن مفهوم التشدد والتنطع الذي ألصق بمدينته غير صحيح. وتبقى سمات الشخصية القصيمية التي تتميز بقوة التعبير من قبل كل فئاته المتناقضة الدينية والليبرالية وحتى اللادينية باعتبارها شخصية «ناطقة لا تعترف بالصمت» على حد وصفه، مستشهدا بأعمدة الصحف التي تزاحمت بالأسماء والألقاب القصيمية التي عبرت عن مختلف التيارات والتحزبات في المجتمع السعودي. وأضاف الدبيبي أن حركة التنوير الديني إنما انطلقت من القصيم إلى جانب المشايخ المجددين أمثال الشيخ سلمان العودة، فالقصيم «هي من تصنع الحال والحال المعاكس لها».

من جانب آخر وفي ما له صلة بجانب دور المرأة القصيمية في مجتمعها، أشار الدبيبي إلى افتقارها إلى قدر من الشجاعة والمبادرة حتى تستعيد موقعها الماضي، الأمر الذي عزاه إلى الحشو الديني في فترة معينة ساهمت في تقليص فعاليتها.

وتبقى «المنطقة الأكثر جدلا» - بحسب الدبيبي – في حاجة ماسة إلى تجديد الدم الاجتماعي الذي يظهر ضعفه من خلال تواضع هيئة المطار الإقليمي لمنطقة القصيم، على الرغم من اكتظاظها بأكبر رؤوس الأموال.

* سيدة «القصيم»

* لعب البعد الديني والاجتماعي والثقافي والسياسي لفترة مضت دورا هاما في نسج حراك الحياة «القصيمية»، التي لم تكن أحوالها لتختلف كثيرا عن باقي مناطق السعودية، إلا أن أشهرها فتنة تعليم المرأة؛ الأمر الذي بقي عصيا في بريدة، بل، وحسب مداعبات بعض من هم من أهلها، فلما «يقارب ربع القرن تأخر تعليم الإناث عن الذكور».

إلا أن حال «القصيمية» اليوم غير ما كان، وبات ما يشاع عن تأخرها عن الركب من قبل الغرباء يثير حنقا وغضبا شديدا؛ فهي، كما تدافع، سجلت حضورا بارزا اجتماعيا من خلال الجمعيات الخيرية النسوية التي بات نشاطها واضحا وفاعلا وسط «بريدة» و«عنيزة» ومختلف مدن ومحافظات القصيم، بالإضافة إلى اشتهار نساء انحدرن من القصيم في المحافل العالمية مثل «ابتسام البسام»، العميدة السابقة لأكاديمية الملك فهد في لندن، و«ثريا التركي» رئيسة قسم الأنثربولوجيا في الجامعة الأميركية بالقاهرة، بالإضافة إلى سيدة الأعمال الأكثر شهرة في السعودية وإحدى أهم المستثمرات في سوق المال والأعمال العالمي «لبنى العليان».

من جانب آخر، لا يمكن تجاوز ما حققته من انتصار على عادات جائرة أقصتها عن القيام بنشاطاتها الاستثمارية والتجارية. لقد باتت تمتلك وتدير مدارس أهلية ونوادي ومراكز صحية ورياضية إضافة إلى مصانع غذائية. كما ما زالت الستينية والسبعينية، التي اختزنت ذاكرتها الكثير والكثير بشأن منطقتها وأحوالها وألغازها تفرش بضائعها في منافسة علنية لرجل التجارة الأول «القصيمي» وسط ما عرف بأكثر المدن محافظة (بريدة)، وتحديدا سوق «قبة رشيد» أو سوق «المسوقف» أو ما يعرف بسوق «البسام» في عنيزة وغيرها، مجسدة حالها الأصيل منذ ولادة المنطقة.

نمو معرفي وثقافي مشهود للحياة الاجتماعية «القصيمية»، كتغير مفهوم تعدد الزوجات الذي اشتهر بشدة في المنطقة مقارنة بباقي مدن السعودية، ومعدل الإنجاب، إلى جانب الانفتاح على الآخر، مقابل رواج زواج المسيار لفترة الذي سرعان ما انحسر، إضافة إلى بدء منافسة سيدات القصيم «العاصمة السعودية» والمنطقة الغربية في الأزياء والاهتمام بالماركات الأجنبية، وكيفية إخراج حفلات الزفاف من خلال الاعتناء بماهية الزفة وكوشة العروس واستيراد فرق موسيقية أو ما درج على تسميتها محليا باسم «طقاقات» من (الرياض، وجدة) وبصحبة الآلات الموسيقية لإحياء الحفل في القصيم..

وعلى الرغم مما حققته «القصيمية» من انتصارات على السائد الاجتماعي الذي تمت رعايته تحت العباءة الدينية من قبل الجهات المسيطرة، فإن عين الزائر، والزائرة ما زالت تلمح بعضا من رواسب الحالة الثقافية القديمة، كافتقار المدينة لسلسة من مطاعم الوجبات السريعة الغربية وامتناع عدد كبير من المحال عن بيع السجائر أو قلة وجود محال الأشرطة الغنائية. وتظهر طريقة لبس العباءة مثالا آخر، باعتبار أن مواقف الإنسان ولوازمه اللغوية نابعة من ثقافته وبيئته، حيث تنعدم حالات كشف المرأة لوجهها تماما وإن كانت وافدة عربية أو آسيوية أو أفريقية، وعلى الرغم من بروز شواهد على خفض العباءة حتى الكتف أو تمتعها ببعض الزينة، فإنها تبقى محدودة مقارنة بارتداء عباءة الرأس مع الحفاظ على سوادها التام، التي ما زالت تعد قضية أساسية.

* سجال بريدة وعنيزة.. نسخة نسائية

* عندما تذكر «عنيزة» أو«بريدة» لدى أحد من أهالي منطقة القصيم، فإن أكثر ما يتبادر إلى ذهن المستمتع ذكرى حرب «داحس والغبراء» التي دارت رحاها قبيل ظهور الإسلام على أرض «قصيباء» شمال مدينة «بريدة» جراء تنافس بين فرس وحصان لقبيلتين مختلفتين.

فالتنافس «الحلو» بين الثنائية القصيمية تعدى الرجال إلى النساء؛ فمجرد أن يذكر اسم رائدة التعليم في القصيم نورة الرهيط وفي الكرم موضي البسام وسيدة الأعمال لبنى العليان، حتى تسرع سيدات «بريدة» للرد بأسماء لها ذات الوقع.

وكما مهرجان التمور الذي باتت المدينتان تتنافسان على إقامته في فترة متزامنة، تنافست سيدات المدينتين على إقامة المهرجانات الأنثوية والاستضافة النسائية لعدد من سيدات الأعمال أو الأديبات من الدول المجاورة.

حتى بدا مجلس حرم أمير منطقة القصيم، الأميرة نورة بنت محمد بن سعود، الذي يفتح أبوابه أربعة أيام من كل أسبوع لاستقبال نخبة من سيدات القصيم من مدنها ومحافظاتها كافة، محاولة لتجسيد نمط ثقافي واجتماعي متفرد، مختصرة بذلك المسافات ولاغيه الحواجز النفسية والاعتبارية كافة لنساء المنطقة، فبمجرد أن تحتار في اسم ومكان إحدى سيدات بريدة حتى ترشدك إليه أخرى بعنيزة والعكس صحيح، وكأنك أشبه ما تكون وسط دليل تليفوني بشري.

وكما ذكرت رنا الدبيان مديرة مركز سيدات الأعمال التابع للغرفة التجارية النسوية في مجلس الأميرة نورة، فإنه بات يجمع بصورة مستمرة كلا من الكاتبة والمثقفة وسيدة الأعمال والسيدات الأعضاء في الجمعيات الخيرية ومسؤولات إداريات من مختلف القطاعات الحكومية وعلى مختلف توجهاتهن، مما ساهم في قطع شوط كبير في تسهيل التواصل بين مدن المنطقة ومحافظاتها، إلى جانب التبادل المعرفي بين المستثمرات.

تقول نوال العجاجي مديرة إدارة التعليم الأهلي والأجنبي إن التواصل المعرفي بين نساء المنطقة من خلال مجلس الأميرة نورة بات السمة الغالبة، الأمر الذي انعكس بالإيجاب على سير المهام وبالأخص بين موظفات الدوائر الحكومية التعليمية.

* «القصيمية» وفتنة التعليم

* مضى زمن طويل على فتنة تعليم المرأة والممانعة الشديدة التي أبدتها منطقة القصيم ممثلة بصورة رسمية في مدينة «بريدة» بشأن افتتاح مدارس رسمية للفتيات التي أقرت رسميا عام 1380هـ، عوضا عما درج على تسميته بـ«الكتاتيب» منها مدرسة «هيلة السيف» و«أم هزاع» جنوب بريدة، و«أم الدخيل». ومن المدارس أيضا مدرسة «أم الفوزان» قرب مصلى العيد ومدرسة «بنت بن سطام» غرب بريدة، التي اقتصرت على «مطوعة» توفر العلم الديني من تلاوة القران والكتابة وحساب الأرقام، إلى جانب بعض الدروس الفقهية، كاستجابة لإرث تقاليد المنطقة التي نادت: «فلنعلم المرأة دينيا أو لتبقَ في البيت»، بذريعة معارضة البعض تعليم النساء عقليا كما نادى كاتب نشر مقالا سنة 1379 هـ بأن يكون تعليم النساء «دينيا لا عقليا، لأن ضعف المرأة وتزعزعها في آرائها وحاجاتها المستمرة إلى سند تستند عليه وشعورها بالحاجة إلى من يساعدها، كل ذلك يستلزم تثقيفها ثقافة دينية منظمة..». وقد نشر في جريدة القصيم آنذاك. بعد مضي السنين، فإن عدد طالبات مدينة بريدة فقط، وعقب مضي 14 عاما من صدور قرار افتتاح مدارس الفتيات بلغ 3 آلاف طالبة، و804 نساء عاملات، وفقا لدراسة الماجستير للدكتور محمد الربدي من كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي استحكمت عام 1402 هـ وطبعت ونشرت عام 1405هـ (1985) بعنوان: «بريدة.. دراسة في الخصائص والطبيعة السكانية».

في المقابل، تعود الجوهرة الربدي بالذاكرة لأكثر من 35 عاما، مستذكرة عصر الكتاتيب «والمطوعة» سطامة كما درج على تلقيبها من قبل طالباتها، التي عكفت على التدريس لنحو 100 طالبة بأعمار مختلفة بلغت حتى 15 عاما، اكتظظن جميعهن في ساحة واحدة وتفرقن في حلقات مختلفة، كل بحسب مستواها التعليمي من الصباح الباكر وحتى 12 ظهرا تعلمن منها الكتابة والقراءة والأرقام وعددا من الدروس الفقهية.

الربدي، وهي من أسرة تعد إحدى أكثر الأسر شهرة في تشجيع ودعم تعليم الفتيات منذ بداية بزوغ فجر ما لقب بالفتنة في «بريدة» تقول: «كانت النساء آنذاك يتمتعن بكثير من الوعي والثقافة، فهن حريصات على معرفة الأخبار السياسية من خلال الاستماع على جهاز الراديو المتوفر آنذاك أو التمتع بقصص رجالهن بعد أن يحطوا ركابهم في مدينتهم ختاما لرحلة تجارية لن تكون الأخيرة».

إلا أنه لا يزال يتردد على ذاكرة جواهر الربدي أحد الأسئلة التي لم تجد لها إجابة آنذاك، وهي لماذا اقتصر تعليم الفتاة على اللوح الخشبي على الرغم من توفر الدفاتر الورقية التي استمتع باستخدامها الطلاب في ذلك الوقت.

وبدأ تعليم الفتيات في منطقة القصيم في ظل انتشار مقولة «نعم لتتعلم الفتاة الكتابة؛ وإنما فقط بالشك والتطريز» التي خلقت حافزا للمعرفة وإصرارا على النهل المعرفي حتى باتت تزاحم «القصيمية» وبدعم ولي أمرها لحجز فرص وظيفية في مختلف الجهات الرسمية الحكومية والخاصة، وإن كانت في مناطق نائية، وقبلها مقاعد جامعية، كما ذكرت أمينة المشيقح رئيسة قسم التوجيه الإداري في إدارة الإشراف التربوي ببريدة. وتضيف المشيقح أنه على الرغم من صعوبة بداية مرحلة التعليم في مدينة بريدة التي لجأ بعض أهاليها إلى تسجيل فتياتهن بأسماء أخوالهن لا بألقاب عائلاتهن تفاديا للسخرية، فإنه بات هناك حرص على التعليم حتى من قبل من أشرفت على سن التقاعد الوظيفي.

وبحسب المشيقح، فإن مشهد «ركض الرجال نحو طلب الوظائف لنسائهم»، تكرر بعدها كثيرا، حتى ولو قلت الفرص المتاحة وبدا التنافس والانتظار على اللائحة للفوز بوظيفة في إحدى القرى والمناطق النائية، وهو أكبر دليل على حجم التبدل المعرفي والثقافي لأفراد المجتمع، مضيفة أن هم الفتاة القصيمية في الآونة الأخيرة بات الفوز بمقعد جامعي ووظيفة حكومية، حتى بلغ الأمر التسابق على البعثات الجامعية.

ومن بين ضجيج ولهيب معركة فتنة تعليم البنات التي سبقت عام 1380هـ، وهو تاريخ صدور قرار افتتاح مدارس الفتيات في السعودية، ومحاولات لهدر دم بعض المؤيدين لافتتاح مدارس الفتيات، خرجت جامعة «القصيم» بعد أن احتوت كليات المنطقة كافة تحت مظلة واحدة لتأكد على ما بلغته المرأة القصيمية من تقدم معرفي، وبلغ عدد خريجاتها سنويا 4000 خريجة من مختلف التخصصات العلمية والأدبية.

* فتاة القصيم

* باتت الفتاة القصيمية تنافس وبشراسة على حجز مقاعد في الكليات الصحية أبرزها كلية الطب البشري وطب الأسنان والعلوم الطبية والصيدلة، بحسب ما ذكره الدكتور محمد الفهيد مدير الشؤون التعليمية في جامعة القصيم، التي بلغ عدد طالبات السنة التحضيرية فيها 350 طالبة، خرجت من بينهن الجامعة ما يقارب 100 طبيبة خلال 10 أعوام وهو تاريخ افتتاحها. هذا، ولم يكن قسم الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية وكلية الأعمال أقل شأنا.

وأكد الفهيد على سياسة الجامعة التي باتت ترتكز على التوسع الكمي في مختلف مدن ومحافظات القصيم التي افتتحت كلياتها في عنيزة ومحافظة البكيرية والمذنب والرس، مع مراعاة مخرجات التعليم الأنثوي الجامعي واتساقه مع متطلبات المجتمع، وذلك باستحداث قسم العمارة الذي سيفتح أبوابه بعد عامين إضافة إلى إتاحة قسم التصاميم والاقتصاد ومن فروعه تصميم الأزياء، والأبرز افتتاح قسم القانون للفتيات. يأتي ذلك بعد زمن كان يعتقد فيه أن «المرأة لا تكلف بتعلم ما لا حاجة إليهه، وما حاجة المرأة في تعلم العلوم الزائدة على اللازم من هندسة وجغرافيا ولغات أجنبية»، بحسب أحد شيوخ الدين ممن أورد كلامهم المؤلف الوشمي في كتابه عن فتتة القول بتعليم البنات. حتى بلغ تحول الرؤى والمفاهيم إلى تسابق الطلبة من الجنسين على برامج الابتعاث الخارجية وحرص عدد كبير من منسوبات الجامعة على استغلال الفرص المتاحة من قبل الجامعة بالمشاركة في دورات تدريبية خارجية وحضور مؤتمرات دولية.

من جانب آخر، أكد الفهيد المساواة التامة بين الطالب والطالبة في لائحة أنظمة الجامعة من دون تمييز جنس عن آخر، إلى جانب عدم اشتراط قبول تسجيل الطالبة في الجامعة توفير موافقة خطية من قبل ولي الأمر. فالتعليم الجامعي حق مشروع لكل فتاة.

* عوائق من الماضي

* على الرغم من مساعي الإدارة الحديثة نحو بث روح جديدة تتلاءم ومتغيرات العصر مع الحفاظ على الموروث الاجتماعي والبعد الديني، فإن بعض الأصوات الأنثوية لعدد من طالبات الجامعة ما زالت ترى تأثر بعض العقول المسؤولة عن إدارة الجامعة وبالأخص من الجانب النسوي ببعض عوالق الماضي؛ إذ ما زالت ترى إيقاع العقوبة على من تحمل أحد الأجهزة المتقدمة مثل «بلاك بيري»، مع مصادرته وتحطيمه، إلى جانب منع إدخال ذاكرة التخزين «الفلاش ميموري» وإن كان من قبل طالبات الطب لقاعات وحرم الجامعة، بالإضافة إلى الاحتفاظ بطالبات الحافلات «على الرغم من ارتفاع درجات حرارة الطقس» حتى الرمق الأخير من خروج الطلاب الذين تفصلهم 3 كلم حتى لا يصادف خروج أي من الجنسين، في وقت متقارب. الأمر الذي نفاه مدير الشؤون التعليمية في الجامعة، مؤكدا عدم توفر ما يقر ذلك في أي من لوائح وأنظمة الجامعة، التي اقتصرت على تحديد زمن محدد لخروج الطالبات كافة باستثناء من قبل ولي الأمر وموافقة خطية من قبله، منوها بأن المساحة الشاسعة التي تفصل بين البنين والبنات تبعد فرضية جدوى مثل هذا التصرف.

وأكد مدير الشؤون التعليمية على الفرص المقدمة للطلاب والطالبات من خلال برامج الابتعاث الخارجية التي تشهد إقبالا كبيرا من الجنسين، بالإضافة إلى ما تقدمه الجامعة من دورات ولقاءات خارجية للأكاديميات أنفسهن.

وتقف السيدة «القصيمية» على أرض صلبة من العلم وتمثل بعض النماذج مرجعية كبرى في تخصصها وقد حضرت في معظم القطاعات، على الرغم من تاريخ المرأة الذي امتلأ بالمفارقات، كما أنها لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا بعد اختراق عدد من الحواجز الفكرية والاجتماعية وغيرها.