البوسنة تحيي الذكرى الخامسة عشرة لمجزرة سريبرينتسا.. بينما الكشف عن المقابر الجماعية مستمر حتى اليوم

رئيس العلماء يؤم الصلاة على 754 جثة أعيد دفنها

TT

خيمت أجواء الحزن أمس على البوسنة عامة وسريبرينتسا خاصة في الذكرى الخامسة عشرة للمجزرة الأكبر في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية التي قضت على أكثر من 10 آلاف نسمة خلال أيام قلائل، أي بين 11 و19 يوليو (تموز) 1995. وذلك إثر اجتياح القوات الصربية للمدينة التي كانت الأمم المتحدة قد أعنت أنها «آمنة «، ونزعت أسلحة أهلها، لتصبح لقمة سائغة للصرب.

وقد أم رئيس العلماء، مصطفى تسيريتش، الحضور في صلاة الجنازة على 754 من ضحايا الإبادة في سريبرينتسا، حيث يعاد دفن المئات منهم كل عام في ذكرى. وكان بين الحضور الذين تجاوز عددهم 50 ألف نسمة، من قضى 10 أيام سيرا على الأقدام للوصول إلى سريبرينتسا في محاولة لتذكر معاناة الذين بقوا على قيد الحياة، بعد نجاحهم في اجتياز نطاق الموت الذي ضربه الصرب على سريبرينتسا ومحيطها في يوليو سنة 1995.

وقد كرست جميع وسائل الإعلام البوسنية يوم 11 يوليو لتغطية فعاليات إحياء الذكرى في بلوتتشاري حيث ترقد رفات أكثر من 4 آلاف من ضحايا سريبرينتسا، بينما يوجد أكثر من 3 آلاف هيكل عظمي في مخازن خاصة في انتظار إعادة دفنها في السنوات المقبلة بعد تحديد الحمض النووي. ومن المتوقع أن يكون آلاف آخرون لا يزالون في مقابر جماعية مجهولة إذ لا يمر شهر دون العثور على إحداها أوعلى عدد منها. كما تعيد وسائل الإعلام ولا سيما المرئية منها، عرض أشرطة وثائقية عن سريبرينتسا، ولا سيما عمليات القتل والتهجير، ووصول الناجين إلى توزلا في تلك الأوقات العصيبة التي أجبرت فيها مكاتب الأمم المتحدة الصحافيين على توقيع وثيقة يلتزمون فيها عدم إنتقاد الأمم المتحدة..

وقال مصطفى تسيريتش في تصريح « للشرق الأوسط «:» قضية سريبرينتسا غيرت مفهومي للوقت وللزمان، وأشعر بأني أعيش 11 يوليو كل يوم، وأحس بأن 11 يوليو قريب مني باستمرار، وكأنه حدث بالامس، نحن نعيش 24 ساعة سريبرينتسا والابادة الجماعية. ولا أستطيع قول الجديد سوى أن هناك بكاء، وهموم، وهناك عجز عن تقديم البلسم الشافي للضحايا وذويهم، ووقف ما يعتمل في النفس من ألم «.وأضاف: « 11 يوليو يعيد كل هذه الصور وكل هذه المعاناة. ما نقوله أن الاتحاد الأوروبي أصدر بيانا يعتبر يوم ذكرى الابادة الجماعية سريبرينتسا ذكرى في كل أوروبا. ولكن هذا لا يكفي، يجب أن تكون هناك مناهج دراسية تتحدث عن سريبرينتسا في أوروبا، من الابتدائية إلى الثانوية إلى الجامعة، وكيف كان ممكنا أن يحدث في أووربا ما حدث في نهاية القرن العشرين «. وأردف « أوروبا أخرجت المسلمين واليهود من إسبانيا عام1492. واستقبلهم المسلمون في البلقان، وفي الحرب العالمية الثانية عاش العالم بأسره الهولوكوست بطرق مختلفة، وفي تسعينات القرن الماضي، حدثت الإبادة في سريبرينتسا. إذن يجب على أوروبا أن تتنبه لهذه الحقائق التاريخية حتى لا تتكرر سريبرينتنسا «.

وبخصوص حضور الرئيس الصربي إلى سريبرينتسا قال أنه زار سريبرينتسا من قبل» وزيارته هذه لا تضيف جديدا. زيارته ليست حدثا يمكن التركيز عليه، ولا هي زيارة صادقة، ولكنها من أجل أن يقول للغرب أن صربيا ليست مسؤولة، وأن القضية مسؤول عنها شخص مات، وهكذا ببساطة يتنصلون من الجريمة. ومعاملته للمسلمين في السنجق لا تؤكد بأنه صادق بل هو ينافقنا في سريبرينتسا وفي السنجق «.

وعلى الصعيد العالمي، تجمع العديد من البوسنيين أمام سفارات بلادهم في مشاركة وجدانية بذكرى مصابهم الجلل. كما خرجت تظاهرات صامتة في عدة مدن احياءا للذكرى.وكان البرلمان الأوروبي قد أقر العام الماضي أن ما حدث « كان إبادة جماعية « واعتبر يوم 11 يوليو من كل عام، يوما لاحياء ذكرى سريبرينتسا في أوروبا كلها. وقد تسمر الآلاف من البوسنيين ممن لم تسعفهم ظروفهم الصحية أوالمادية أوغيرها من الحضور إلى بلوتتشاري، أمس، أمام أجهزة التلفزيون لمتابعة فعاليات وبرامج الذكرى 15 لمجزرة سريبرينتسا. وفي برلين شيد ناشطون ومدافعون عن حقوق الإنسان وجمعية « مدافعون عن الشعوب المهددة « نصبا تذكاريا للأمم المتحدة يتكون من 16، 774 زوج حذاء، تذكيرا بالدورالسلبي لعبته الأمم المتحدة في البوسنة بين 6 أبريل(نيسان) 1992 و21 نوفمبر(تشرين الثاني) 1995. وقد أقيم النصب التذكاري أمام بوابة براندنبورغ في برلين، وقال المنظمون أنهم فعلوا ذلك للتدليل على فشل الأمم المتحدة في البوسنة آنذاك، وحملوها مسؤولية جريمة الإبادة. وقال رئيس جمعية «مدافعون عن الشعوب المهددة «، فيليب روخ « هدفنا هو أن نقدم إلى المواطنين الصورة الحقيقية للأجواء التي تمت فيها الابادة في سريبرينتسا والمسؤولية المشتركة بين الصرب من جهة، والأمم المتحدة والمجتمع الدولي من جهة أخرى.