ميدفيديف يعلن أن إيران تقترب من امتلاك قدرات تسلح نووية.. وواشنطن تشيد بصراحته

الرئيس الروسي ينتقد إيران ويؤكد أنها لا تتصرف بالطريقة المثلى

الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ووزير الخارجية سيرغي لافروف خلال مغادرتهما مقر وزارة الخارجية في موسكو أمس بعد اجتماعهما بالسفراء الروس (أ. ف. ب)
TT

في سابقة علنية نادرة أقر الكرملين أمس باحتمال اقتراب إيران من صنع سلاح نووي، وأعلن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أن إيران تقترب من امتلاك القدرات النووية التي يمكن أن تسمح لها بامتلاك الأسلحة النووية. ويعكس هذا الموقف الجديد تشددا إضافيا في الموقف الروسي تجاه إيران وبرنامجها النووي، في حين أن البلدين تربطهما علاقة جيدة تقليديا. وعبر ميدفيديف عن أسفه لأن مثل هذا الاحتمال لا يشكل في حد ذاته انتهاكا لمعاهدة الحد من الانتشار النووي. واعتبر أنها «إحدى المشكلات»، وقال «إن الجانب الإيراني لا يتصرف بالطريقة المثلى». وأضاف أن «توضيح كل القضايا العالقة سيصب أولا في مصلحة إيران». وفي أول رد فعل على التصريحات الروسية، رحبت الولايات المتحدة بكلام ميدفيديف، ووصفت ذلك التصريح بأنه علامة على تنامي الوحدة الدولية في هذه القضية.

ودعا ميدفيديف خلال لقائه سفراء روسيا الاتحادية في الخارج وممثليها لدى المنظمات والهيئات الدولية أمس إلى عدم تبني أي «مواقف مبسطة» في التعامل مع المشكلة النووية. وعلى الرغم من أنه عاد إلى ما سبق وأعلنه سلفه فلاديمير بوتين حول أن العقوبات لا تحل شيئا ولا تأتي بالنتائج المرجوة، اعترف ميدفيديف بأن إيران لا تتصرف كما يرام على الإطلاق، على حد قوله، مشيرا إلى أن تصرفات إيران بعيدة عما وصفه بالتصرفات المثالية.

وناشد الرئيس الروسي القيادة الإيرانية إبداء روح الانفتاح والتعاون والشفافية في تعاملها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وإذ قال بضرورة التحلي بالصبر واستئناف الحوار البناء مع طهران، كشف الرئيس الروسي عن أن الهدف من القرار الأخير الذي اتخذه مجلس الأمن بشأن إيران يتمثل في دفعها إلى استئناف العملية التفاوضية في أسرع ما يمكن، مشيرا إلى أن الدبلوماسية يمكن أن تمنى بالفشل في حال عدم استغلال هذه الفرصة، وهو ما يمكن أن يكون فشلا جماعيا. وكانت موسكو أعلنت الأسبوع الماضي عن رفضها لتوقيع أي عقوبات جديدة ضد إيران من جانب واحد فيما دعا سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية إلى استئناف عمل «السداسية» الدولية.

وأضاف أن روسيا ترفض اتخاذ مثل هذه العقوبات الأحادية الجانب، مشيرا إلى أنه في حال اعتبارها امتدادا وخطوة جديدة ترتبط بالقرار 1929 الذي أصدره مجلس الأمن، فإن ذلك سيكون أمرا غير مقبول. وكان ميدفيديف قد تحدث خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة عن أن إيران تقترب من امتلاك القدرات التي تمكنها من تطوير قنبلة نووية، إلا أنه في ذلك الحين تحدث استنادا إلى معلومات الأجهزة الاستخبارية الأميركية، حسب قوله. وتشديد موقف روسيا حيال إيران يتصادف مع التقارب الروسي - الأميركي الذي أطلقه الرئيسان ميدفيديف وباراك أوباما.

وقال ميدفيديف إن «آثار الحرب الباردة أصبحت من الماضي ولا يحق لنا وقف العملية الرامية إلى إقامة علاقات تفاهم متبادل بين الدولتين العظميين، روسيا والولايات المتحدة». وتأتي هذه التصريحات في حين شهدت موسكو وواشنطن فضيحة تجسس انتهت بأول عملية تبادل للجواسيس بين البلدين منذ انتهاء الحرب الباردة.

وأشار ميدفيديف إلى أن البلدين يتفقان تماما في موقفهما المشترك من تأمين أمن كل منهما، مشيرا إلى معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية التي وقعها مع نظيره الأميركي باراك أوباما في أبريل (نيسان) الماضي. ودعا ميدفيديف إلى العمل من أجل تشكيل تحالفات جديدة مع بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتشجيع التجارة والاستثمار. وأضاف الرئيس الروسي أن بلاده تعارض أي خطوات أحادية الجانب فيما يتعلق بقضايا نشر عناصر الدرع الصاروخية وعسكرة الفضاء الكوني مع ضرورة الإبقاء على المستوى المطلوب للقدرات الدفاعية.

وطالب الرئيس ميدفيديف السفراء الروس في الخارج بالعمل على تحسين صورة ونوعية نشاطهم في البلدان التي يمثلون روسيا فيها اعتمادا على المرونة والسهولة لدى اتخاذ القرار بما يرتقي بالعمل إلى مستوى أفضل، مشيرا إلى ضرورة ألا يقتصر عملهم على التسابق في إرسال أكبر كم من التقارير الإعلامية. وناشدهم أن تتسم تقاريرهم بالعمق التحليلي للأحداث وتصوراتهم لتطورها سواء على المستوى الثنائي أو المتعدد الأطراف.

ورحبت الولايات المتحدة بتصريح ميدفيديف حول إيران، ووصفت ذلك التصريح بأنه علامة على تنامي الوحدة الدولية في هذه القضية. وقال مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما «كان ميدفيديف هذه المرة أكثر صراحة من أي مرة سابقة تناول فيها برنامج إيران النووي، وينبغي اعتبار هذا علامة طيبة على تزايد الوحدة الدولية بشأن برنامج إيران النووي».

وكان المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس قد قال خلال مقابلة ضمن برنامج «ميت ذي برس» على شبكة «إن بي سي» أول من أمس إن علاقات الولايات المتحدة مع كل دول العالم تقريبا تحسنت بفضل سياسة «اليد الممدودة» التي ينتهجها أوباما، وإن هذا أدى إلى دعم صيني - روسي أكبر للموقف الأميركي فيما يتعلق بإيران. وقال غيبس: «نحن نقيم علاقات أفضل مع كل دول العالم تقريبا بفضل سياسة اليد الممدودة التي ينتهجها الرئيس». وأوضح غيبس «من الواضح أننا اتخذنا وجهة مختلفة تماما للسياسة الخارجية». واعتبر غيبس الانتقادات لإدارة أوباما «مبالغة في التبسيط»، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة نجحت في الحصول على دعم روسيا والصين لفرض عقوبات جديدة على إيران حول برنامجها النووي المثير للجدل.

وشدد غيبس على أن أوباما «قال للعالم إنه سيسره التحدث مع إيران إذا أتت إلى طاولة المفاوضات ووفت بالتزاماتها». وقال متوجها إلى صحافي الـ «إن بي سي»: «أعتقد أنك بالغت في تبسيط ما يحاول الرئيس القيام به، لأن ما حققه لم يكن ممكنا في الإدارة السابقة». وأشار استطلاع للرأي شمل 24 ألف شخص في 22 دولة ونشرت نتائجه الشهر الماضي، إلى تأييد واسع للولايات المتحدة للعام الثاني على التوالي في تناقض واضح مع الموقف من الولايات المتحدة خلال عهد بوش. وعند السؤال ما إذا كان الرئيس الأميركي سيقوم «بالعمل الصواب» في الشؤون الدولية، أبدى 87% في فرنسا، و90% في ألمانيا و84% في بريطانيا ثقتهم في أوباما. وسجلت هذه الأرقام تراجعا طفيفا منذ العام الماضي، لكن بمقارنتها مع أرقام 13% و14% و16% تباعا التي سجلت في الدول نفسها حول بوش. إلا أن الاستطلاع أظهر تراجعا لشعبية أوباما في عدد من الدول الإسلامية. في باكستان اعتبر 8% فقط أن أوباما سيقوم «بالعمل الصواب» في الشؤون الدولية، بتراجع من 13% في العام الماضي.

ويأتي ذلك فيما أعلنت مؤسسة «أتوم ستروي إكسبورت» المسؤولة عن بناء محطة بوشهر النووية في إيران عن استكمال عملية تحضير المحطة للتشغيل في سبتمبر (أيلول) المقبل. وقالت المصادر إنه جرى اختبار عمل معدات المفاعل النووي والأنظمة التكنولوجية المساعدة على ضوء أنظمة التصميم فيما من المرتقب تقويم كفاءة المعدات الأساسية في الدائرة الأولى على ضوء ما وصفته بالتدوير على الساخن استعدادا لتشغيل المحطة دون إشارة إلى الموعد المحدد للتشغيل والذي سبق. وقال المسؤولون الروس وفي مقدمتهم سيرغي كيرينكو رئيس «روس أتوم» إنه سيكون في نهاية صيف هذا العام، وإن أشارت مصادر روسية إلى أنه سيكون في سبتمبر المقبل.

وفي هذا الصدد أشار سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية إلى أن موعد التشغيل يرتبط فقط بالمسائل التقنية وأن موعد التشغيل الفعلي سيكون خلال الفترة 23 أغسطس (آب) – 22 سبتمبر 2010. وكانت مصادر روسية كشفت أمس عن وصول جواد أوجي نائب وزير النفط الإيراني إلى موسكو للقاء المسؤولين الروس في وزارة الطاقة، وممثلي شركات النفط والغاز دون أن تفصح المصادر عن المواضيع المحددة التي يستهدف الضيف الإيراني مناقشتها.