إسرائيل تقول إن المفاوضات المباشرة تنطلق الشهر القادم.. والسلطة تنتظر لتسمع من ميتشل أولا

اجتماعات فلسطينية مكثفة لحسم المسألة تسبق اجتماع لجنة المتابعة العربية

نتنياهو يحيي نواب في الكينست خلال جلسة أمس (أ.ب)
TT

يلتقي مبعوث عملية السلام جورج ميشتل بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله السبت المقبل، في اجتماع حاسم سيقرر مصير الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى مفاوضات مباشرة.

ويحمل ميتشل معه «خطوات» إسرائيلية لتعزيز الثقة وتشجيع السلطة على إطلاق المفاوضات المباشرة، وقالت مصادر إسرائيلية مطلعة إن المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ستستأنف خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن المفاوضات المباشرة ستنطلق في الأول من الشهر المقبل، وذلك بعد أن توصلت الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية إلى تفاهم بضرورة الانتقال إلى المفاوضات المباشرة بأسرع وقت ممكن.

وكان الرئيس الأميركي اتصل نهاية الأسبوع الماضي بالرئيس الفلسطيني وحثه على الدخول في مفاوضات مباشرة. وقال صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير إن الرئيس الأميركي باراك أوباما طلب من الرئيس محمود عباس خلال الاتصال الهاتفي الأخير بينهما الانتقال إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل. إلا أن عريقات أكد أن القيادة الفلسطينية بانتظار ما سيحمله المبعوث الأميركي جورج ميتشل خلال مهمته الجديدة في المنطقة يوم السبت المقبل أولا.

ولم تجد السلطة الخطوات التي يدرس نتنياهو اتخاذها لإطلاق مفاوضات مباشرة، كافية، ووصف مسؤول فلسطيني اعتزام إسرائيل إقرار «إجراءات بناء ثقة» مع السلطة الفلسطينية بأنها «مناورة ومسرحية هزلية».

وقال تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في بيان صحافي إن «إجراءات بناء الثقة» الإسرائيلية تصلح فقط «لمسرحية هزلية مارستها تل أبيب على امتداد السنوات السابقة، منذ اعتمدت الرباعية الدولية خطة خارطة الطريق الدولية عام 2003».

ورأى خالد أن الانتقال إلى مفاوضات مباشرة دون إحراز أي تقدم في ملفي الحدود والأمن والترويج لذلك بحوافز تسميها الإدارة الأميركية وإسرائيل «إجراءات بناء الثقة» بين الجانبين، «يعني الاستجابة لمناورات إسرائيلية».

وتعرض إسرائيل على السلطة وقف «نشاطات» جيش الاحتلال في بعض المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، بحيث ستكون هذه المدن خاضعة بشكل كامل للسلطة الفلسطينية دون أي تدخل من قبل الجيش الإسرائيلي، وإزالة المزيد من الحواجز، والسماح بفتح 6 مراكز جديدة للشرطة الفلسطينية في المناطق المصنفة «B»، ويتركز دورها أساسا في الحفاظ على النظام العام والقضايا الجنائية فقط، في حين تبقى صلاحية «محاربة الإرهاب» بيد إسرائيل فقط، وتسليم السلطة مساحة كافية لشق طريق للمدينة الجديدة، روابي، المزمع إقامتها إلى الشمال من رام الله.

وقال عريقات إنه لا علم له بمثل هذه الخطوات، مؤكدا أن المطلوب من نتنياهو ليس خطوات بناء ثقة وإنما المبادرة لاتخاذ قرار باستئناف مفاوضات الحل النهائي من النقطة التي توقفت عندها.

وأكد عريقات أن السلطة لن تذهب إلى المفاوضات المباشرة، قبل ذلك، وقبل قيام نتنياهو بوقف شامل وكامل لمشروع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس وتوضيح رأيه في قضايا الأمن والحدود.

وكانت السلطة أرسلت مع ميتشل 3 أسئلة مهمة إلى إسرائيل، الأول: هل هي مستعدة لاستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها نهاية عام 2008؟ والثاني: هل تعترف بشرق القدس عاصمة للدولة الفلسطينية؟ والثالث: كيف تنظر إلى حدود عام 67، وهل تقبل بها كأساس لحل الدولتين؟ ولم تُجِب إسرائيل عن هذه الأسئلة.

ويقول نتنياهو إنه لن يطرح أيا من مواقفه في ما يخص قضايا الحل النهائي إلا خلال المحادثات المباشرة مع الفلسطينيين، وتجري الاستعدادات الآن في رام الله لعقد اجتماعات على أعلى مستوى للقيادة الفلسطينية تضم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومركزية حركة فتح والمجلس الثوري للحركة، وقادة الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت إطار المنظمة، وهذا يسبق اجتماع لجنة المتابعة العربية لمبادرة السلام الذي سيعقد في القاهرة في 29 يوليو (تموز) الحالي.

وقال عريقات: «إن اللجنة ستكون صاحبة القرار الفاصل في موضوع المفاوضات وسيرها». وقال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: «هذه مؤشرات لقبول البدء في مفاوضات مباشرة، إذ إن نهج المفاوضات غير المباشرة غير عملي حتى الآن».

وقبل ذلك كان مسؤولون عرب وجهوا انتقادات للطريقة التي يقود بها ميتشل المفاوضات، وأبرزهم وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، الذي قال إن طريقة عمل ميتشل «يمكن أن تعطي نتائج بعد عشر سنوات»، ما يعني الحاجة إلى تغير في طريقة العمل وممارسة ضغوط من أكثر من جانب للوصول إلى حل.

وحتى فلسطينيا وإسرائيليا، انتقد مفاوضون مخضرمون سير المفاوضات الحالية، وعبر أحمد قريع، رئيس الوفد الفلسطيني السابق، وأحد مهندسي اتفاق أوسلو في عام 1993، عن أسفه للبطء الذي تعاني منه المفاوضات، ليس الآن وحسب، بل منذ 19 عاما، معتبرا أن التوتر المتصاعد مع إسرائيل بسبب بناء المستوطنات في القدس «قنبلة موقوتة» تقضي على الثقة بين الجانبين.

وانضم قريع إلى تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة وزعيمة المعارضة في البرلمان حاليا أمام منتدى يجمع حضورا أكثره من الأكاديميين الإسرائيليين في القدس، في دعوة الجانبين إلى العمل بشكل أكثر جدية على تحقيق حل إقامة دولتين. واتفق الجانبان على أن تقدما ملموسا حصل بشأن قضايا رئيسية عندما توقفت المحادثات، وأن المباحثات المستقبلية يجب في حال استئنافها أن تبدأ من حيث انتهت.

وقالت ليفني، التي قادت الوفد الإسرائيلي المفاوض في المباحثات السابقة، إن «مسيرة أنابوليس لم تفشل، ولم تنتهِ. لقد أوقفت. ولا بد لها أن تستمر». وتابعت: «الأمر لا يتعلق بالتاريخ، ولا بمن يملك حقوقا أكثر من غيره. لقد كان يدور حول كيفية تقسيم الأراضي لإقامة دولتين، حتى نؤمن المستقبل لأطفالنا. وثمن عدم التوصل إلى اتفاق بالنسبة إلى إسرائيل أكثر فداحة من ثمن التوصل إلى اتفاق».