حادثة الجثة في الطائرة السعودية تتفاعل لبنانيا.. والتحقيق يميل إلى استبعاد العمل الإرهابي

أول الغيث استقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت من منصبه

TT

قدّم أمس قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد الركن وفيق شقير استقالته من منصبه، وذلك على خلفية حادث العثور على جثة شاب لبناني في صندوق منظومة العجلات في طائرة تابعة لشركة «ناس» السعودية، التي كانت أقلعت من مدرج مطار بيروت وحطت في مطار الرياض فجر السبت الماضي، في وقت تفاعلت فيه هذه القضية سياسيا وقضائيا وأمنيا على أعلى المستويات، نظرا لما تشكله من خرق أمني فاضح لحرمة مطار بيروت، يطرح أسئلة كبيرة حول أمنه وسلامة الطيران المدني فيه، وبالتالي سلامة المسافرين والوافدين من سياسيين ودبلوماسيين ومدنيين.

تقدّم أمس قائد جهاز أمن المطار، العميد الركن وفيق شقير، بكتاب خطي إلى وزير الداخلية اللبنانية زياد بارود، طلب بموجبه إعفاءه من مهام قيادة جهاز أمن المطار. في حين بيّنت التحقيقات أن «الشخص الذي عثر على بقايا جثته يدعى فراس حسين حيدر (20 عاما)، وهو لبناني من بلدة مركبا الجنوبية ومن سكان منطقة برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية، وأن شقيق المتوفى ويدعى علي تعرّف على جثته بعدما عُرضت عليه صورتان مرسلتان من السلطات السعودية، وأفاد بأن شقيقه فراس كان قد تغيّب عن منزل ذويه منذ ثلاثة أيام، وهو كان يعاني من توتر عصبي ونفسي وتغيّر واضح في سلوكه منذ فترة ستة أشهر».

وكشف مصدر قضائي مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم وضع يده على الملف، وباشر التحقيق فيه منذ صباح السبت الماضي ومن دون انقطاع، مؤكدا أن «القضاء يولي أهمية قصوى لهذا الحادث الخطير، وأن التحقيق شمل حتى الآن عددا كبيرا من موظفي المطار، خصوصا الذين كانوا مداومين في عملهم وقت حصول الحادث». وأوضح المصدر أن «الخيوط بدأت تتشكف شيئا فشيئا، في ضوء المعلومات التي ترد إلى لبنان من السلطات السعودية»، مشيرا إلى أن «التنسيق اللبناني السعودي قائم والسلطات السعودية تزوّد لبنان بكل المعلومات والوثائق التي تتوفر لها تباعا».

وردا على سؤال عما إذا كان التحقيق يستبعد العمل التخريبي، أعلن المصدر القضائي أن «التحقيق لا يستبعد أي فرضية ولا يجزم بأي محاولة ما لم ينتهِ، وتجري مطابقة المعلومات مع الوقائع، لكن المعطيات المتوافرة حتى الآن تجعل استبعاد العمل الإرهابي أقرب إلى الواقع». مشيرا إلى أن «التثبت من هوية صاحب الجثة مائة في المائة ينتظر نتائج فحوص الـ(دي إن إيه) ومطابقة البصمات التي تجريها السلطات السعودية، وإن كان بعض أقارب الشاب فراس حيدر أفادوا أن الجثة تعود له».

في هذا الوقت أعلن وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار أنه «تم تحديد هوية الشاب الذي عثر على جثته عالقة في عجلة طائرة سعودية أقلعت من مطار بيروت، بعدما تعرف أفراد العائلة عليه من خلال صور أرسلتها السلطات السعودية»، مشيرا إلى أن «هناك تقارير تفيد أنه كان غير مستقر نفسيا، إلا أن ذلك لم يتأكد بعد».

وتحولت القضية إلى مادة سجال سياسية واسعة في لبنان، ففيما اعتبر النائب أحمد فتفت عضو كتلة المستقبل، التي يرأسها رئيس الحكومة سعد الحريري، أن حادث الطائرة السعودية «خطير جدا لأن هناك ثغرة بهذا الحجم في مطار رفيق الحريري الدولي، وهذه مسؤولية كبيرة على المسؤولين عن أمن المطار». وقال: «في أي دولة في العالم يتم اتخاذ إجراءات فورية بحق المسؤولين الذين قصروا في حادث كهذا عند حصوله». ورأى أن «الخطورة تكمن في أن يتمكن شخص من الوصول إلى طائرة أثناء إقلاعها، وهذا الأمر يؤثر كثيرا على سمعة لبنان الأمنية، وسنسمع الكثير من الكلام القاسي في الساعات المقبلة بعد أن تتبين نتيجة التحقيقات»، داعيا إلى «اتخاذ إجراءات سريعة وجدية».

وأتى الرد من «المكتب العمالي» في حركة أمل، التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليغمز من قناة «الإهمال الحكومي»، مشيرا إلى «عدد من الحوادث سُجّلت في الآونة الأخيرة تصنّف بالكارثية لجهة السلامة العامة للطيران المدني، بدءا من كارثة الطائرة الإثيوبية (التي سقطت بعيد إقلاعها من مطار بيروت مطلع العام)، مرورا بحادثة الطائرة الإثيوبية الثانية التي اضطرت إلى العودة والهبوط الاضطراري قسرا في المطار، ثم خبر هبوط طائرة في مطار الرياض قادمة من مطار بيروت واكتشاف جثة عالقة في أحد إطاراتها». وسأل المكتب في هذا الإطار عن سبب «التأخير في تشكيل هيئة الطيران المدني التي صدر قانونها من المجلس النيابي منذ سنوات كثيرة»، لافتا إلى أن «تفاقم الإهمال يستدعي معالجة جذرية ومحاسبة صارمة، وليس التغني بحركة المطار والوافدين ونِسبهم، وإغفال تشكيل الهيئة المسؤولة عن إدارة وسلامة هذه الحركة».

أما النائب نبيل نقولا عضو تكتل التغيير والإصلاح، الذي يرأسه النائب ميشال عون، فقد رأى أن «مطار بيروت (فالت)»، معتبرا أن «هناك مشكلة في الإدارة. والسؤال يبقى: كيف دخل هذا الشخص إلى أرض المطار؟».