تأجيل عقد جلسة البرلمان العراقي أسبوعين.. وبرلمانيون يعتبرونه «خرقا دستوريا»

قيادي في كتلة علاوي لـ «الشرق الأوسط»: عقدها غير مجد مع عدم توصل القادة إلى تسمية الرئاسات الثلاث

نائب في البرلمان الجديد يجري اتصالا عبر هاتفه الجوال بعد انتهاء الجلسة الأولى التي عقدت في الشهر الماضي (أ.ب)
TT

بينما لا تزال الحوارات والمفاوضات مستمرة بين الأطراف السياسية في العراق من أجل حسم توزيع المناصب الرئاسية الثلاثة (الجمهورية والوزراء والبرلمان) في البلاد، أعلنت الأطراف ذاتها أمس، تأجيل جلسة البرلمان المقرر انعقادها اليوم إلى أسبوعين آخرين.

وتعيش البلاد شللا سياسيا منذ إجراء الانتخابات النيابية في مارس (آذار) الماضي، مع عدم توصل الكتل إلى اتفاقات فيما بينها لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

وأكد سلمان الجميلي، عضو القائمة العراقية، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، أن قرار تأجيل جلسة البرلمان من الناحية القانونية «غير صحيح»، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الناحية القانونية والدستورية لا يحق تمديد جلسة البرلمان إلى فترة أخرى»، مضيفا: «إلا أن البلاد تعيش اليوم أزمة سياسية وقد يكون تعقد الأمور حيال تشكيل الحكومة المقبلة في البلاد إلى هذا المستوى أدى إلى هذا الخرق الدستوري»، بحسب قوله.

وكان البرلمان السابق قد أبقى في 2005 جلسته الأولى مفتوحة مدة 41 يوما، وحول تكرار مسألة تمديد جلسة البرلمان كما حصل في الدورة السابقة، قال الجميلي: «كانت الدورة السابقة تعمل وفقا لقانون إدارة الدولة وليس وفق الدستور الذي فعل مع الدورة الجديدة الأمر الذي تم تأجيل الجلسة حينها نحو 41 يوما»، مضيفا: «إن الكتل السياسية في الوقت الحالي عاجزة عن التوصل إلى اتفاق سواء حيال الرئاسات الثلاث أو تشكيل الحكومة الجديدة، وعليه فإن العملية السياسية تعيش أزمة نتجت عنها حالة الخرق الدستوري التي نعيشها الآن (تمديد جلسة البرلمان)»، بحسب قوله.

ووصف رئيس المجلس المؤقت فؤاد معصوم تأجيل الجلسة بأنه «مخالفة دستورية»، إلا أنه قال «ليس معقولا أن ندخل جلسة البرلمان ولا يُسمع (فيها) إلا مزيد من الاختلافات».

وأضاف في مؤتمر عقده بعد الانتهاء من اجتماع ممثلي الكتل الفائزة «لا بد أن ندخل مجلس النواب، وهناك على الأقل اتفاق لعدد من الكتل القادرة على تشكيل وتسمية رئيس للبرلمان ونائبيه ورئيس للجمهورية». ومضى يقول «صحيح هذه مخالفة دستورية، لكن كما يقول المثل (هذه ليست أول قارورة تكسر في الإسلام)»، حسبما أوردته وكالة «رويترز».

وكانت بعض الشخصيات السياسية قد توقعت أن يتم تأجيل جلسة البرلمان، وقال أسامة النجيفي، القيادي في القائمة العراقية، إن «العراقية» تريد الالتزام بالمادة الدستورية التي تنص على عقد جلسة البرلمان من أجل اختيار رئيس له، موضحا لـ«الشرق الأوسط»: «إن القائمة دخلت في نقاشات ومفاوضات من أجل تسوية مشكلة المناصب الرئاسية الثلاثة (الجمهورية والوزراء والبرلمان)، وبما أن هذا الأمر لم يتحقق إلى الآن، فإنها (العراقية) ترى أن عقد جلسة البرلمان غير مجد خاصة مع عدم توصل الأطراف السياسية إلى توافق حيال المناصب الرئاسية».

يذكر أن فترة اختيار رئيس الجمهورية التي حددها الدستور قد نفدت بحلول اليوم، حيث كانت الكتل الفائزة مدعوة إلى استئناف الجلسة بعد مرور نحو شهر كامل على انعقاد أولى الجلسات في 14 من الشهر الماضي.

وتجري مشاورات بين كتلة علاوي الفائزة في الانتخابات وكتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي من أجل تشكيل الحكومة، غير أنه لا يبدو في الأفق أي توافق بين الطرفين مع إصرار كل كتلة على إسناد منصب رئاسة الوزراء إليها. وبينما طرح الطرفان فكرة تقاسم الرئاسات بينهما من خلال منح أحد الزعيمين، علاوي أو المالكي، رئاسة الوزراء والآخر رئاسة الجمهورية، لوح الأكراد بمقاطعة الحكومة القادمة إذا لم تسند إليهم رئاسة الجمهورية معتبرين المنصب «استحقاقا قوميا» للأكراد. كما رفض الائتلاف الوطني العراقي الذي يقوده عمار الحكيم فكرة التحالف بين المالكي وعلاوي لأن ذلك يعني حرمان الائتلاف من مناصب مهمة في الحكومة القادمة، وهدد بالوقوف في صف المعارضة.

من جانبه، توقع عضو في الائتلاف الوطني، رفض الكشف عن اسمه، بأن تصل الأطراف السياسية في البلاد إلى اتفاق حول من يتولى رئاسة الحكومة منتصف شهر رمضان، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط»: «نتوقع أن تتوصل الأطراف السياسية إلى اتفاق على الشخصية التي ستتولى منصب رئاسة الحكومة خلال شهر رمضان المقبل، على أن تستغرق عملية تشكيل الحكومة زهاء الشهرين»، بحسب قوله.

ورجح المصدر «إحياء» التحالف بين المالكي والحكيم في حال تدخلت المرجعية الشيعية. وقال المصدر: «لا يخفى على الجميع أن التحالف بينهما ليس متماسكا داخليا، ولا سيما أن المنضمين إليه لا تجمعهم قناعة واحدة»، مضيفا: «هناك من دخل إلى هذا التحالف جراء الضغوط التي مورست عليه سواء السلطوية أو الضغوط من قبل المرجعية أو حتى الضغوط الخارجية»، لكنه عاد وأكد قائلا: «لكن من الممكن أن يشهد التحالف اتفاقا بين أطرافه خاصة إذا مورست ضغوط من قبل المرجعية، الأمر الذي يساعد على الوصول إلى نتيجة يمكن من خلالها الاتفاق على جملة من الأمور ويتم إعلان التحالف ككتلة أكبر في البرلمان».

وينص الدستور العراقي على أن رئيس الجمهورية يدعو مجلس النواب الجديد للانعقاد خلال 15 يوما من مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، ويجب على المجلس الجديد أن يختار في جلسته الأولى رئيسا له ونائبين للرئيس وبالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب وعبر الانتخاب السري المباشر، ثم يقوم مجلس النواب خلال مدة أقصاها 30 يوما بانتخاب رئيس الجمهورية، ويقوم الأخير خلال 15 يوما بعد انتخابه، بتكليف مرشح الكتلة الأكبر في مجلس النواب بتشكيل الحكومة، ويكون أمام رئيس الوزراء المكلف 30 يوما لإنجاز مهمته، فإذا لم ينجح يكلف رئيس الجمهورية شخصا بديلا عنه.