الدفاع في محاكمة «خلية بلعيرج» يطلب الاقتداء بحكم محكمة مصرية ضد شيوعيين أثناء عهد السادات

محام يتساءل: كيف دخلت أسلحة إلى المغرب في التسعينات ولم يعرف بها البصري الرجل القوي آنذاك؟

TT

طالب دفاع المعتقلين السياسيين الخمسة المتابعين في ملف «خلية بلعيرج» المغربية المتهمة بالإرهاب، بالاقتداء بحكم سبق أن أصدرته محكمة مصرية ضد شيوعيين مصريين شاركوا في مظاهرات ضد الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وقال إن هناك تشابها في القضيتين. وقال الدفاع إن جهات، لم يحددها، وراء فبركة هذا الملف، كما انتقد النيابة العامة باعتمادها على ما قالت عنه اعترافات المتابعين في محاضر الشرطة القضائية للمطالبة بإدانتهم على الرغم من أن هذه التصريحات متناقضة في تواريخ ووقائع وأسماء الأشخاص.

وخلال الجلسة التي جرت أمس أمام الغرفة الجنائية في محكمة الاستئناف المختصة بقضايا الإرهاب في سلا المجاورة للرباط، استهل ماء العينين سيداتي مرافعته بتلاوة نسخة حكم صادر عن محكمة مصرية في قضية معتقلي الحزب الشيوعي المصري الذين اتهمهم نظام الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1977، بالانقلاب على الشرعية والرغبة في قلب نظام الحكم عبر الخروج في مظاهرات في الشوارع، لكن حكم المحكمة اعتبر أن قرار الحكومة المصرية زيادة الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطن المصري بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية، هي التي كانت وراء خروج الناس إلى الشارع وليس الحزب الشيوعي، ليطلب سيداتي من هيئة الحكم الاقتداء بهذا الحكم أثناء النظر في ملف المعتقلين السياسيين الخمسة.

كما أشار ماء العينين إلى أن تيار الاختيار الإسلامي اختفى من الوجود عام 1993، بعد حصول انشقاقات كبيرة بين قياداته، خصوصا بين المعتصم والمرواني، مما دفع بالمعتصم ومحمد أمين الركالة بمعية عناصر أخرى في التنظيم إلى امتهان العمل العلني في السنة نفسها، وتأسيس حزب البديل الحضاري عام 1995، مستغربا كيف يمكن للقيادة بعد الانشقاق أن تتفق على وقائع تعود إلى عام 1994 وحتى تاريخ اعتقالهم.

كما أوضح ماء العينين أن كلا من المعتصم والمرواني قررا الخروج إلى العلن، لكن في تنظيمين مختلفين بعد أن بدت بوادر الإصلاحات السياسية الكبرى التي عرفها عهد الملك الراحل الحسن الثاني والتي أسفرت عما يسمى التوافق السياسي بينه وبين أحزاب الكتلة الديمقراطية. واستغرب ماء العينين من أن الوقائع التي يتابع من أجلها المعتقلون السياسيون الخمسة وتعود إلى وآخر الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، تمت من دون علم الرجل القوي، وزير الداخلية الراحل إدريس البصري الذي أدار، حسب قوله، وزارة الداخلية والمخابرات وعددا من الأجهزة الأمنية بيد من حديد، متسائلا كيف أنه عام 1992 دخلت أسلحة إلى المغرب دون علم الوزير وأجهزته.

كما قدم ماء العينين كتابا يتضمن بعض حوارات وآراء المرواني خلال فترة التسعينات، يؤكد فيها هذا الأخير نبذه للعنف واحتكار المجال السياسي وتكفير الغير، مذكرا بأن تأسيس المرواني لحزبه (الحركة من أجل الأمة) المحظور تم في مقر حزب اليسار الاشتراكي الموحد وليس في مقر حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، أو جماعة العدل والإحسان الأصولية المحظورة، موضحا أنه إذا كانت الوقائع المتابع من أجلها حقيقية، لماذا لم يتم اعتقالهم عام 2004 و2005، مشددا على أنه كانت هناك تعليمات من جهات عليا لاعتقالهم، خصوصا من طرف ما سماه «الوافد الجديد الذي في فمه ملعقة من ذهب» في إشارة غير مباشرة من طرف حزب الأصالة والمعاصرة الذي انزعج من التقارب الإسلامي واليساري، مما قد يؤثر على طموحه بالهيمنة على المشهد الحزبي وخلخلته.

وانتقد ماء العينين الحكم الابتدائي لأنه اعتمد في إدانة المتابعين في هذا الملف على أقوالهم فقط دون تقديم دليل واحد ملموس وسند قانوني يدين هذه الأفعال، على الرغم من أن ما جاء في محاضر الشرطة القضائية زيف الكثير من الوقائع حسب الدفاع والمتهمين.

وفي السياق نفسه، كشف محمد جلال عما سماه «تناقض محاضر الشرطة القضائية» التي اعتمدت عليها المحكمة الابتدائية في إصدار أحكامها، إذ كشف عن أن أقوال المعتقلين السياسيين الخمسة متناقضة ومتضاربة بخصوص تواريخ اللقاءات التي تمت في السابق والأسماء التي حضرتها، وقال جلال إن محضر محمد أمين الركالة والمرواني يشير إلى أن لقاء طنجة عقد في صيف عام 1992، لكن اختلفا في أسماء الحاضرين، فإلى جانب المعتصم وبلعيرج وعبادلة ماء العينين، ذكر الركالة عنصرا ما زال في حالة فرار يدعى «المحمودي»، أما المرواني فإنه أشار إلى حضور جمال الباي دون ذكر المسعودي، في حين أن محضر ماء العينين العبادلة قال حسب جلال إن الاجتماع تم في أكتوبر (تشرين الأول) 1992، حضره إلى جانب القيادة وبلعيرج، كل من جمال الباي وأشخاص لم يعد يتذكرهم.

كما كشف جلال عما سماها تناقضات في محاضر الشرطة القضائية بخصوص واقعة «ماكرو» للسطو على سيارة لنقل الأموال، إذ حسب محضر المعتصم، اعترف هذا الأخير بأن التخطيط لعملية السطو كان في لقاء عقد في منزل عبد الصمد بنوح عام 1994 وليس 1992، وفيه تم تأسيس الجناح المسلح لتنظيم الاختيار الإسلامي، في حين أن باقي المعتقلين اعترفوا حسب المحاضر بأن تأسيس الجناح العسكري كان في لقاء عقد في الرباط، إلى جانب أن المرواني اعترف أنه كان لديهم 3 مسدسات وسيارة من نوع «مرسيدس 240» للفرار، في حين اعترف رضوان الخليدي بأنه كان هناك 4 مسدسات وسيارة من نوع «رونو 18» للفرار.

وهذا ما جعل جلال ينتقد النيابة العامة التي أكدت في مرافعاتها أن اعترافات المعتقلين متطابقة واعتبرتها حجة لإدانتهم، مشيرا إلى أن واقعة «ماكرو» سبق للدولة أن قامت باعتقال المتهمين ومحاكمتهم سنة 1994 بعد الاستماع لهم واعترافهم بما نسب لهم بحكم نهائي.