الالتحاق بهارفارد ووييل أسهل من القبول بمنظمة «التعليم من أجل أميركا»

يستيقظون في الساعة السادسة والنصف صباحا للذهاب إلى مدارس صيفية لطلاب رسبوا في الاختبارات

TT

أعربت ألنيدا بيغرز، التي تخرجت في جامعة هارفارد عام 2010، عن دهشتها عندما اكتشفت أن الالتحاق بأفضل كليات الحقوق في البلاد وبرامج الخريجين قد يكون أسهل من القبول بوظيفة التدريس في منظمة «تيتش فور أميركا» (التعليم من أجل أميركا).

وتقول بيغرز إنه من بين 15 إلى 20 من الأصدقاء في جامعة هارفارد الذين تقدموا بطلبات للعمل في منظمة «التعليم من أجل أميركا»، تم قبول ثلاثة أو أربعة فقط. وأضافت بيغرز: «هذه ليست الفرصة الأخيرة، تقدم الكثير في أغسطس (آب) من عام 2009، لقد كانوا من بين أبرز الطلاب ومتطوعين». وتضيف أن أحد أقرب أصدقائها أراد العمل في منظمة «التعليم من أجل أميركا»، لكن تم رفضه، وكان عليه قبول التقديم في كلية الحقوق بجامعة فيرجينيا.

وكان لدى وييل كولين، التي تخرجت في جامعة فيلانوفا عام 2010، صديق تم رفضه في هذه المنظمة، وبدلا من ذلك سيعمل بالتدريس في مؤسسة فولبرايت. وتقول جوليانا كارلسون، التي تخرجت حديثا من جامعة ييل - التي تقدم 18 في المائة من الطلاب في السنة النهائية بها للعمل في هذه المنظمة، وهو رقم قياسي - إنها تعرف نحو ستة من الطلاب المتفوقين «المبهرين» الذين تم رفضهم، على الرغم من أن هذا الرقم قد يكون أكبر. وقالت كارلسون: «يتردد الأشخاص في إخبارك بهذا الأمر نظرا لأن عدم القبول يعد وصمة عار».

وعندما تخرج روبرت روزن في جامعة كاليفورنيا عام 2009، لم يتقدم إلى هذه المنظمة خشية أن يواجه الرفض. وبدلا من ذلك، تطوع للعمل في حلقة دراسية لأحد الأصدقاء بصورة أسبوعية للعام المقبل، ليرى ما إذا كان يحب التدريس أم لا، وكذلك لبناء الخبرة التي من شأنها إقناع منظمة «التعليم من أجل أميركا». وبسؤاله عن مدى صعوبة دخول هذه المنظمة، قال جيمس غولدبيرغ، خريج عام 2010 في جامعة ديوك، «يشبه ذلك الأمر القبول في الدراسات العليا في إحدى جامعات النخبة».

ويعتبر غولدبيرغ وروزن وكارلسون وكولين وبيغر أنفسهم من المحظوظين لكونهم من بين 4500 فرد اختارتهم هذه المنظمة غير الهادفة للربح للعمل في مدارس عامة للفقراء من بين 46359 متقدما (بزيادة 32 في المائة عن عام 2009)، وهو رقم قياسي. ولا شك في أن هذه الأعداد ارتفعت بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، التي قلصت الخيارات الوظيفية حتى أمام الخريجين من أفضل الجامعات. وفي عام 2007، أي أثناء الانتعاشة الاقتصادية، تقدم نحو 18172 فردا.

وفي العام الحالي، وفي الذكرى السنوية العشرين لها، عينت المنظمة أكثر من أي صاحب عمل آخر مزيدا من الطلاب في السنة النهائية في العديد من الكليات، بما في ذلك جامعات ييل ودارتموث وديوك وجورج تاون وكارولينا الشمالية. وفي جامعة هارفارد، تقدم 293 طالبا في السنة النهائية، أو 18 في المائة من الدفعة، مقارنة بنحو 100 طالب عام 2007. وقالت كارلسون، خريجة جامعة ييل، «تم خفض عدد كبير من الوظائف في مجالات التمويل والعلاقات العامة والاستشارات».

وفي مقابلات، قال أكثر من عشرين طالبا من الذين سيصبحون معلمين في هيوستن، التي يقع بها واحد من ثمانية مراكز تابعة لمنظمة «التعليم من أجل أميركا» والتي تقدم دورة تدريبية صيفية لمدة خمسة أسابيع حول الممارسات داخل غرفة الدارسة، إن فرصة مساعدة الأطفال الفقراء وجسر الفجوة في الإنجاز كانت من بين الأسباب الرئيسية التي دفعتهم إلى التقدم إلى المنظمة. وقال فيكتور ألكويسيرا، مكسيكي المولد ومتخرج من جامعة ييل، وكوشا نافيدار، إيراني المولد ومتخرج من جامعة ديوك، إنها فرصة لرد الجميل لدولة أعطتهم الكثير.

بيد أنه هناك أوجه جذب مادية أخرى. لقد أصبحت منظمة «التعليم من أجل أميركا» بمثابة علامة تجارية بين النخبة تساعدهم على تكوين سيرة ذاتية جيدة. وفي ظل سوء الأوضاع الاقتصادية، توفر المنظمة وظيفة للخريجين لمدة عامين بعائد مادي جيد؛ حيث يتقاضى أعضاء المنظمة راتب المدرس المبتدئ في الأحياء التي يعملون بها. وبالنسبة إلى كولين، الذي سيدرس في إحدى المدارس المتوسطة في دالاس، يبلغ الراتب الذي سيتقاضاه 45 ألف دولار، وهو نفس الراتب الذي من الممكن أن يحصل عليه إذا عمل بوظيفة في العلاقات العامة في إحدى الشركات المالية. وقالت كارلسون، التي ستتقاضي هي الأخرى 45 ألف دولار من التدريس بالمرحلة الأولى في سان فرانسيسكو، «أشعر أنني محظوظة للغاية. أعرف عددا كبيرا من الأفراد في جامعة ييل، الذين لم يحصلوا على أي وظيفة أو خطة للتوظيف عندما تخرجوا».

وعلى النقيض تقدم منظمة «بيس كوربس» (فيلق السلام)، التي تقارن منظمة «التعليم من أجل أميركا» نفسها بها، بدل معيشة يتم تغيره وفقا للدولة التي يعمل بها المتطوعون، وراتب يبلغ 7500 دولار عندما تنتهي المهمة التي تمتد إلى 27 شهرا.

وفي حين تحظى منظمة «التعليم من أجل أميركا» باحترام كبير بين طلاب الجامعات - حيث يقول غولدبيرغ إن جلسات التوظيف في جامعة ديوك تجذب 50 طالبا - فهناك آراء مختلفة من جانب خبراء التعليم بشأنها.

وتشير الأبحاث إلى أنه بصفة عامة كلما كان المدرسون أكثر خبرة، كان أداء الطلاب لديهم أفضل، وانتقدت العديد من الدراسات معدل القبول في منظمة «التعليم من أجل أميركا».

وقال جوليان فاسكويز هيليغ، الأستاذ بجامعة تكساس، «تصدمني دوما الضجة المثارة فيما يتعلق بحجم منظمة التعليم من أجل أميركا (نحو 0.2 في المائة من جميع المدرسين) وتأثيرها المختلط». ونشر الدكتور هيليغ وسو جين جيز من جامعة كاليفورنيا في الآونة الأخيرة تقييما مهما بعد مراجعة أكثر من عشرين دراسة. وأشارت إحدى هذه الدراسات إلى أنه «بحلول العام الرابع، غادر 85 في المائة من المدرسين بمنظمة التعليم من أجل أميركا» المدارس بمدينة نيويورك.

وقال الدكتور هيليغ: «قد يكون هؤلاء الأفراد من النجوم، لكن معظمهم يتركون العمل قبل أن يتقنوا مهنة التدريس».

وتحدت كاري جيمس، المتحدثة باسم المنظمة، هذا التقرير. وتستشهد البيانات الصحافية الصادرة عن المنظمة برسالة دكتوراه في جامعة هارفارد عام 2008 تشير إلى أن 61 في المائة من أعضائها يواصلون العمل بعد انتهاء فترة العامين. ومع ذلك تقول نفس الرسالة أيضا إن «التقديرات تشير إلى أن عددا قليلا من الأفراد يظلون في نفس المدرسة التي بدأوا فيها أو في نفس المهنة أكثر من خمس أو ست سنوات». ولم يتم إلقاء الضوء على هذه النتيجة في البيانات الصحافية.

ويقول العديد من الأعضاء الجدد بالمنظمة إنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانوا سيستمرون في التدريس أم لا. وقد أرجأت بيغرز، التي تم قبولها في كليات الحقوق في جامعتي هارفارد وفاندربيلت، الذهاب إلى هذه الكليات من أجل التدريس في إحدى المدارس الابتدائية في هيوستن لمدة عامين. وتعتزم بعد ذلك الذهاب إلى كلية الحقوق، وتقول إنها تأمل بعد الانتهاء بعمل شيء ما في مجال التعليم.

وللقبول في منظمة «التعليم من أجل أميركا»، يجتاز المتقدمون عملية مطولة، مع رفض الآلاف في كل خطوة من خطوات هذه العملية. ويشمل ذلك التقديم على الإنترنت؛ ومقابلة على الهاتف؛ وعرض خطة للدروس؛ ومقابلة شخصية؛ واختبارا مكتوبا؛ ومناقشة مراقبة بين مجموعة من المتقدمين. وتقول راشيل بوست، خريجة جامعة ميريلاند التي سوف تدرس في ميامي، إنها فوجئت بمدى عدوانية بعض المتقدمين في نقاش المجموعة. وقالت: «إنهم يقولون إنكم لستم ضد بعضكم البعض، إنها فقط جلسة نقاش. لكن بعض الأفراد لا يتعاملون معها بهذه الصورة، حيث إن روح المنافسة تسيطر عليهم».

وتساعد ميزانية تشغيل قدرها 185 مليون دولار (يأتي ثلثاها من التبرعات الخاصة، والباقي من مصادر حكومية) على تمويل المشغلين في 350 جامعة لتوسيع وعاء المتقدمين. وقال ألكويسيرا، الذي يعمل محررا في «ييل ديلي نيوز» ومدرسا في مدينة نيو هيفن، «لست متأكدا كيف حصلوا على اسمي».

ويقطن الأعضاء الجدد، وعددهم 774، والذين يتدربون في هيوستن، في مساكن جامعة رايس. ويقوم الكثير منهم بالسهر إلى ما بعد منتصف الليل لإعداد خطط الدروس، ويستيقظون في الساعة السادسة والنصف صباحا للالتحاق بالحافلة التي تقلهم للتدريس في مدارس صيفية لطلاب رسبوا في الاختبارات. إنه لدرس قاس لهؤلاء الذين أتوا لمحاربة فجوة الإنجاز.

* خدمة «نيويورك تايمز»