سفينة «الأمل» الليبية ترسو في «العريش» المصري بعد وساطة رجل أعمال سويسري يهودي صديق لليبرمان

«مؤسسة القذافي» لـ«الشرق الأوسط»: من يقترح على الليبيين مواجهة إسرائيل عليه مخاطبة الجيوش العربية

TT

بعد رحلة محفوفة بالمخاطر، شهدت تهديدات إسرائيلية باستخدام القوة العسكرية وتدخلات أميركية، رست مساء أمس سفينة «الأمل» الليبية في ميناء العريش المصري. وقال جمال عبد المقصود مدير ميناء العريش إن السفينة وصلت إلى منطقة الانتظار بالميناء مساء أمس بعد تعرضها لضغوط إسرائيلية.

وقال عبد المقصود إن السفينة ستقوم بتفريغ حمولتها اليوم بعد انتهاء الإجراءات الخاصة بعمليات التفريغ ونقل المعونات التي عليها على متن شاحنات. وبدا أن وصول سفينة «الأمل» إلى ميناء العريش كان نتاجا لصفقة سياسية أبرمتها «مؤسسة القذافي للتنمية» التي يترأسها المهندس سيف الإسلام النجل الثاني للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي مع الحكومة الإسرائيلية بوساطة مصرية وغربية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن «مؤسسة القذافي» أصدرت مساء أمس تعليماتها إلى السفينة للتوجه إلى ميناء العريش الذي كان مقررا أن تصله نحو الساعة الثامنة والنصف مساء أمس بالتوقيت المحلي، بعد وصول المؤسسة إلى اتفاق شارك في صنعه وسطاء من أوروبا وبضمانات أوروبية ومصرية سيتم بموجبه السماح ببدء إعادة عملية الإعمار في غزة.

وكشفت المؤسسة في بيان رسمي لـ«الشرق الأوسط» عن وجود وسيط أوروبي عرض التدخل والوساطة، مشيرة إلى أنه تم القبول بشروطها بما فيها السماح بدخول مواد البناء من إسمنت وحديد لإعادة الأعمار. وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن رجل أعمال سويسري يهودي لعب دورا في هذه الوساطة.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن رجل الأعمال اليهودي السويسري مارتن شلاف، الذي تربطه علاقات قوية بكل من وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان والليبيين، توسط بين السلطات الليبية والإسرائيلية. وحسب الصحيفة فإن شلاف كان يعمل على إقناع الليبيين بأن يتم تفريغ حمولة السفينة في ميناء العريش.

وأضافت المؤسسة «أبلغنا الوسيط أنهم يقبلون بشروطنا وعمل كل ما يلزم للتنفيذ، لقد تمت الموافقة على السماح لليبيا بإنفاق مبلغ خمسين مليون دولار كانت تعهدت بها في القمة العربية التي عقدت في قطر العام الماضي لتنفيذ مشاريع إسكانية حتى لا يحل فصل الشتاء وتجد العائلات الفلسطينية نفسها في العراء».

كما أعلنت السماح بدخول مواد البناء والإسمنت والحديد لأول مرة من أجل إنجاز مشاريع إعادة الإعمار، موضحة أن الأطراف المعنية تعهدت أيضا بالسماح بنقل المرضى للعلاج خارج قطاع غزة.

وشددت المؤسسة على أن المعاناة الإنسانية للشعب المحاصر في غزة لا ينبغي أن تكون محل مزايدة أو مهاترة من أي طرف حتى ولو كان فلسطينيا، معتبرة أن معاناة غزة لا يمكن مقايضتها بأهداف سياسية لأي طرف.

وأضافت: أما الأصوات التي تقول إن على الليبيين الدخول في مواجهة مسلحة فإننا نرد عليهم بالقول إن ذلك لم ولن يقدم للشعب الفلسطيني أي شيء. إن ذلك الطلب ينبغي توجيهه للجيوش العربية وليس لسفينة شحن بسيطة مهترئة ليس عليها إلا مواد غذائية وعدد محدود من الشباب المؤمنين بضرورة تقديم كل مساعدة لأهالي غزة وفك الحصار عنهم.

ولفتت إلى أن كل من يعنيه شأن الشعب الفلسطيني ينبغي أن يعمل بكل الطرق الممكنة لإنجاز الغايات لا أن نتخذ معاناة الشعب الفلسطيني سببا أو أداة سياسية لتحقيق مكاسب في معارك قد لا تكون واجبة.

وتابع البيان أنه «أمام الإصرار الإسرائيلي على منع سفينة (الأمل) من الوصول إلى غايتها فإننا نشعر بأن سفينة الأمل قد حققت غايتها وبينت للعالم أجمع حقيقة ما يجري»، مشيرا إلى أن الموقف الذي واجهته «الأمل» جعل المؤسسة في حاجة للتفكير والمفاضلة بين البدائل المتاحة.

وأكدت أن رسو السفينة في ميناء أسدود الإسرائيلي كان دائما خيارا غير مطروح وغير مقبول مثلما لم يكن واردا لديها الدخول في مواجهة وسفك دماء الأبرياء.

من جهته، قال يوسف الصواني المدير التنفيذي لـ«مؤسسة القذافي» لـ«الشرق الأوسط» قبل مؤتمر صحافي عقده أمس في طرابلس لشرح تفاصيل الاتفاق إن الهدف وراء تنظيم رحلة السفينة لم يكن لتحقيق دعاية إعلامية أو القيام بعملية استفزازية، مضيفا: «إننا لسنا في معركة مع أحد وإن هدفنا هو الحرص على إيصال مساعدات إنسانية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني المحاصر وتقديم أكبر دعم ممكن له».

وشهدت الساعات الأخيرة قبل بدء دخول السفينة الميناء المصري لحظات عصيبة بعدما طوقتها 8 قطع من البوارج الحربية الإسرائيلية من الجانبين لدفعها إلى الابتعاد عن الطريق إلى غزة.

وفيما يشبه الممر الإجباري حاصرت القطع الحربية الإسرائيلية السفينة من الجانبين، وعلى بعد 200 متر فقط منها، للحيلولة دون اتجاهها إلى غزة، فيما شكا طاقم السفينة في وقت سابق من قيام إسرائيل بالتشويش المتعمد على الاتصالات التي تجريها.

وقال مصدر أمني مصري إنه كان من المفترض وصول السفينة إلى ميناء العريش فجر أمس إلا أن حدوث عطل في المحركات تسبب في التأخير نحو 12 ساعة. وأضاف أنه سيتم إدخال الحافلات التي تقل الأفراد وشاحنات المعونات الطبية عن طريق معبر رفح على الحدود بين مصر وغزة.

وتابع أن دخول الأنواع الأخرى من المعونات سيكون بالتنسيق مع مسؤولي السفينة إلا أنه لم يفصح عما إذا كان سيتم السماح بدخول المساعدات الأخرى غير الطبية عبر معبر رفح أما معبر العوجة على الحدود بين مصر وإسرائيل بوسط سيناء مما يعني وصول المعونات إلى قطاع غزة مرورا بالأراضي الإسرائيلية.

وتقل السفينة 12 بحارا من جنسيات مختلفة، ما بين سورية وكوبية وهايتية وهندية، بالإضافة إلى 9 نشطاء، هم 6 ليبيين ونيجيري ومغربي وجزائري.

وكان رئيس الحكومة المقالة في قطاع غزة، إسماعيل هنية، قد ناشد ربان سفينة «الأمل» بعدم تغيير مسارها والإصرار على الوصول إلى غزة، وقال: «إياكم أن تقعوا في الفخ وأن ترسوا في مياه غير مياه غزة، فأنتم أملنا الذي يتحرك في عرض البحر المتوسط».