الإعدام لعميل لإسرائيل زود «الموساد» بإحداثيات أدت إلى سقوط ضحايا في حرب 2006

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الجو السياسي الضاغط وراء تشديد الأحكام

TT

أصدرت المحكمة العسكرية في لبنان برئاسة العميد الركن نزار خليل حكما قضى بإنزال عقوبة الإعدام بحق اللبناني الموقوف علي حسين منتش (53 عاما)، بعدما أدانته بجرم «التعامل مع استخبارات العدو الإسرائيلي (الموساد) وتزويدها بمعلومات وإحداثيات استثمرها الإسرائيليون خلال حرب يوليو (تموز)، وأدت إلى سقوط شهداء مدنيين وعسكريين وحزبيين، وتدخله في جرائم القتل التي وقعت».

وترك هذا الحكم وقعا قويا في الأوساط السياسية والقانونية اللبنانية لكونه الحكم الأقسى في حق عميل إسرائيلي، خصوصا أنه أتى غداة الحملة التي أطلقتها في الآونة الأخيرة شخصيات سياسية وحزبية لبنانية طالبت بتعليق المشانق للعملاء والجواسيس، وملاقاة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لها بإبدائه استعداده للتوقيع على إعدام العملاء حالما يصدر القضاء أحكامه بحقهم. سيما أن هذه الحملة جاءت في خضم موجة كشف الشبكات التي تعمل لصالح العدو واستخباراته، وقدرة الاستخبارات الإسرائيلية على اختراق الساحة اللبنانية بشكل كبير، وأخطرها اختراق الجيش والأجهزة الأمنية عبر تجنيد ضباط لبنانيين برتب عالية، فضلا عن توقيف العميل شربل قزي الموظف في شركة «ألفا» للهاتف الجوال وما تردد عن احتمال تزويده الإسرائيليين بقاعدة المعلومات العائدة للتخابر الجوال.

وتعليقا على هذا الحكم، أكدت مصادر قضائية وحقوقية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الحكم المتشدد سيكون له الأثر البالغ على باقي الملفات المماثلة التي هي قيد المحاكمة أمام المحكمة العسكرية، وهو بالتأكيد سيقض مضاجع باقي المتهمين بمن فيهم الضباط الثلاثة في الجيش منصور دياب وشهيد تومية وغزوان شاهين الذين هم قيد المحاكمة، إضافة إلى العميد المتقاعد في الأمن العام أديب العلم، وإن كانت ظروف كل قضية تختلف عن الأخرى بعض الشيء». وأكدت المصادر أن «الجو السياسي الضاغط والمطالب بالتشدد في العقوبات على العملاء سيكون له الأثر على مجريات المحاكمات، بمعنى أن القضاء لا يصدر أحكامه المشددة خلافا للقانون، ولكن هذا الجو يحول دون منح المتهمين أسبابا تخفيفية».

وكانت هيئة المحكمة العسكرية نطقت بالحكم في حضور المحكوم عليه الذي مثل في قفص الاتهام، من دون أن يتفوه بأي كلمة، ولم يكن له أي رد فعل سوى أن عينيه اغرورقتا بالدمع فور انتهاء الجلسة وسوقه إلى مكان توقيفه، وذكرت حيثيات الحكم أن منتش «تلقى خلال عام 2005 اتصالا على هاتفه الجوال من رقم مجهول تبين أنه إسرائيلي وأبلغه أنه يرغب في التعامل معه، فوافق منتش على العرض وسافر إلى المجر ومن هناك انتقل إلى تل أبيب ومنها إلى مستعمرة (كريات شمونة) حيث أقام فيها 5 أيام، وخضع لدورة تدريبية على استعمال أجهزة اتصال متطورة، استخدمها في تزويد الإسرائيليين بالمعلومات التي كانوا يطلبونها منه، وتقاضى لقاء هذه المعلومات مبالغ مالية طائلة».

وأفاد الحكم بأن منتش «تمكن خلال عدوان إسرائيل على لبنان في يوليو عام 2006 من مساعدة الإسرائيليين عبر تزويدهم بإحداثيات دقيقة عن مواقع للجيش اللبناني والمقاومة (حزب الله) ومنشآت مدنية وحكومية منها سرايا النبطية ومدارس ومساجد وكنائس ومنازل لقادة وعناصر في حزب الله تعرضت جميعها للقصف خلال تلك الحرب، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى العسكريين والمدنيين والحزبيين في داخلها»، في حين أن القرار الاتهامي نسب له إقدامه على «تزويد الإسرائيليين بإحداثيات عن الهيئة الصحية الإسلامية التابعة لحزب الله والمجاورة للملحمة التي يملكها في بلدة زبدين، الأمر الذي عرضها للقصف وأدى إلى مقتل العاملين فيها مصطفى منصور وعلي فقيه».

وقد ختمت المحكمة العسكرية هذه المحاكمة بالاستماع لمطالعة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي سامي صادر الذي طلب تطبيق مواد الاتهام بحق المتهم بصورة مشددة لثبوت الأفعال المنسوبة إليه، في حين اعتبر وكيله المحامي أنطوان كيروز أن المعلومات التي أعطاها المتهم للإسرائيليين ليست مهمة ولم تتوفر لديه النية الجرمية، واستطرد طالبا منحه أوسع الأسباب التخفيفية.

يذكر أن هذا هو حكم الإعدام الثاني الذي يصدره القضاء العسكري اللبناني بحق متعامل مع إسرائيل، بعد حكم الإعدام الذي صدر في شهر مارس (آذار) الماضي بحق العميل محمود رافع بعد إدانته بمساعدة الإسرائيليين على اغتيال القياديين في حركة الجهاد الإسلامي الأخوين نضال ومحمود مجذوب في صيدا ربيع عام 2006 بواسطة سيارة مفخخة.