اليمن: هجوم «مزدوج» على مقرين أمنيين للمخابرات والأمن العام.. والسلطات تتهم «القاعدة»

واشنطن تجدد التزامها بمساعدة اليمن للقضاء على «القاعدة» في جزيرة العرب

جرحى يمنيون في مستشفى جنوب زنجبار بعد الهجوم الذي شنته «القاعدة» أمس على مبنى المخابرات (ا.ف.ب)
TT

هاجم مسلحون يعتقد أنهم من تنظيم القاعدة، أمس، مبنيين لجهازي المخابرات والأمن العام، في محافظة أبين بجنوب اليمن، الأمر الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وهذا هو الهجوم الثاني من نوعه، في البلاد، في غضون شهر واحد.

وقالت مصادر يمنية رسمية إن أكثر من 20 إرهابيا، هاجموا بصورة مزدوجة، في الصباح الباكر، مبنى المخابرات وجهاز الأمن السياسي ومبنى إدارة الأمن العام في مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين، وحاولوا اقتحامه مستخدمين أسلحة متوسطة وخفيفة وقنابل وبنادق قنص، غير أن حراس المبنيين اشتبكوا مع المهاجمين وأفشلوا محاولة الاقتحام.

وقال شهود عيان لـ «الشرق الأوسط» إن مدينة زنجبار الصغيرة، تحولت إلى ساحة حرب، حيث أفاق السكان من نومهم على أصوات الرصاص والقنابل، الأمر الذي نشر الفزع في نفوس المواطنين، وإن المهاجمين انقسموا إلى فريقين وبدأوا في مهاجمة مبنيي المخابرات والأمن العام المتجاورين، وبحسب رواية المصادر الأمنية اليمنية، فقد قتل في الهجوم المزدوج جنديان ومهاجمان وجرح ما لا يقل عن 15 آخرين، جلهم من الجنود، وبحسب مصادر محلية لـ «الشرق الأوسط»، فقد نقل 3 من الجنود الجرحى إلى مدينة عدن لتلقي العلاج بسبب وضعهم الحرج جراء الإصابات الخطيرة.

وأكدت الداخلية اليمنية اعتقال 9 من المهاجمين الذين فر بقيتهم مخلفين وراءهم واحدة من 3 سيارات استخدموها في تنفيذ هجومهم المزدوج، وقال مركز الإعلام الأمني التابع للوزارة، إنه عثر بداخل السيارة على أحزمة ناسفة وقنابل يدوية، إضافة إلى ملابس عسكرية وأقنعة و«إبر منشطة». ووجهت السلطات اليمنية أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة بالتورط في الهجوم الذي وصفته بالإرهابي وقالت إن الهدف منه، كان استهداف «قيادات أمنية كبيرة، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل ولم تحقق أهدافها».

وشرعت أجهزة الأمن اليمنية في التحقيق في الهجوم لكشف «ملابساته وهوية منفذيه والجهة المخططة له»، قائلة «إن الساعات القادمة ستكشف عددا من الحقائق المتعلقة بالجريمة»، وقالت إن «عملية تعقب الجناة متواصلة في مدينة زنجبار والمناطق المجاورة لها»، وإنها «فرضت طوقا أمنيا محكما على المناطق التي يحتمل لجوؤهم إليها».

ويعد هذا الحادث هو الثاني من نوعه خلال أقل من شهر، فقد هاجم أكثر من 10 مسلحين في 19 يونيو (حزيران) الماضي، مبنى جهاز الأمن السياسي (المخابرات) في مدينة عدن، وقتل في الهجوم 11 شخصا، هم 7 جنود و3 نساء وطفل، في حين تمكن المهاجمون من الفرار، ووجهت السلطات أصابع الاتهام، حينها، إلى «القاعدة».

وشنت أجهزة الأمن اليمنية، وفي أعقاب هجوم عدن، حملة اعتقالات في صفوف مشتبهين بالمشاركة في الهجوم الذي أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الأحد الماضي، تبنيه له، وأنه جاء ردا على العمليات العسكرية التي جرت في وادي عبيدة بمحافظة مأرب أثناء ملاحقة عناصر مطلوبة من «القاعدة»، ويقول مراقبون إن هجوم الأمس، جاء ردا على حملة الاعتقالات التي طالت عددا من العناصر المشتبه بمشاركتها في هجوم عدن.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، كان ضباط جهاز الأمن السياسي في محافظة أبين، عرضة لنيران مسلحين مجهولين أقدموا على اغتيال 3 من الضباط في حوادث متفرقة ومتشابهة، حيث تمت عمليات الاغتيال أمام منازل الضباط من قبل مسلحين يستقلون دراجات نارية، ويلوذون بعد ذلك بالفرار.

وتعد محافظة أبين ومنذ أكثر من عقدين، معقلا لجماعات متشددة، تنشط في أكثر من منطقة في المحافظة، وفي السابق ذكرت بعض التقارير المحلية أن تلك الجماعات لديها معسكرات تدريب في جبال المراقشة، وسبق أن وقعت مواجهات بين مسلحي هذه الجماعات والجيش اليمني، قبل عدة سنوات، غير أنها لم تسفر عن القضاء عليها أو على وجودها، خاصة أن هذه الجماعات أسهمت عسكريا إلى جانب النظام اليمني في الحرب الأهلية التي دارت رحاها صيف عام 1994، بين شريكي الوحدة اليمنية حينها.

في موضوع آخر، يزور مسؤول عسكري أميركي بارز اليمن لعدة أيام، وقالت السفارة الأميركية في صنعاء إن الزيارة تتعلق بمكافحة الإرهاب، وأضافت في بيان مقتضب لها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن زيارة الجنرال مايك هوستيج، قائد القوات الجوية في القيادة المركزية الأميركية ومعه مساعد التجنيد العسكري، اللواء ريتشارد هوك، تأتي «استمرارا لعلاقات طويلة الأمد بين القوات الجوية في القيادة المركزية الأميركية والقوات الجوية اليمنية»، وأنها، الزيارة، تؤكد من جديد «التزام الولايات المتحدة بمساعدة اليمن في القضاء على التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، على أمنه واستقراره».

ووجهت خلال الأشهر الـ 6 الأولى من العام الجاري، عدة ضربات جوية استباقية لمواقع يعتقد أن عناصر وقيادات من تنظيم القاعدة، تستخدمها كمعسكرات للتدريب وأوكار للتخفي، ورغم أن الجيش اليمني أعلن أن سلاحه الجوي هو من نفذها، إلا أن أصواتا عديدة في داخل اليمن تقول إن طائرات أميركية من دون طيار، هي من نفذت تلك الغارات، خاصة بعد القصف الجوي الخاطئ الذي راح ضحيته، الشهر الماضي، جابر الشبواني، نائب محافظ محافظة مأرب، بشرقي البلاد، والذي لم تتحدث السلطات عن قصف يمني له ولم تنف الأنباء بشأن تنفيذه بطائرة أميركية من دون طيار، وبالأخص أن العديد من المواطنين في محافظات مأرب وشبوة والجوف يتحدثون عن مشاهدتهم الدائمة لمثل هذه الطائرات تحلق في سماء مناطقهم، غير أن السلطات اليمنية لم تؤكد ذلك، حتى اللحظة، ويظل أمرا غير معترف به رسميا.