رسائل ودية متبادلة بين بوتفليقة وساركوزي تحمل بوادر انفراج في العلاقات

الجزائر تتوقع زيارة كوشنير الخريف المقبل

TT

تتحدث الأوساط السياسية بالجزائر عن بوادر انفراج في الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا، على خلفية تبادل رسائل ودية بين الرئيسين عبد العزيز بوتفليقة ونيكولا ساركوزي. ويرتقب أن يزور وزير الخارجية برنارد كوشنير الجزائر في الخريف المقبل، لترتيب زيارة منتظرة لبوتفليقة إلى باريس مؤجلة منذ أكثر من عام بسبب ملف الاستعمار.

ودعا الرئيس بوتفليقة نظيره الفرنسي ساركوزي إلى «تعميق حوارنا السياسي ومواصلة بناء شراكة استثنائية وعميمة المنفعة على بلدينا وشعبينا». كان ذلك في رسالة بعثها إليه بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الفرنسية الذي يصادف 14 يوليو (تموز) من كل سنة. وجاء في الرسالة أيضا: «إنه لمن دواعي سروري والجمهورية الفرنسية تحتفل بعيدها الوطني، أن أتوجه إليكم باسم الجزائر شعبا وحكومة، وباسمي الخاص بأحر عبارات التهاني مشفوعة بأخلص تمنياتي بالصحة والسعادة لكم، وبالازدهار والرفاه للشعب الفرنسي الصديق.. وبودي أن أجدد لكم بهذه المناسبة التزامي بالعمل معكم على تعميق حوارنا السياسي».

وكان ساركوزي صرح للصحافة بأنه قال لبوتفليقة في مكالمة هاتفية: «أرجوك أن تحضر الاجتماع، حضورك ضروري بالنسبة لي». كان ذلك قبيل انعقاد قمة «فرنسا أفريقيا» بمدينة نيس الفرنسية في مايو (أيار) الماضي. وقد أعلن بالجزائر أن بوتفليقة لن يشارك فيها، لكنه حضرها في النهاية تحت إلحاح ساركوزي. وترى أوساط سياسية أن رسالة بوتفليقة تحمل بوادر انفراج في الأزمة التي خلفها الماضي الاستعماري لفرنسا بالجزائر. فهي تقطع جفاء دام وقتا طويلا، تخللته تصريحات نارية من كلا الجانبين وأحداث زادت في طول النفق المظلم الذي دخلته العلاقات الثنائية منذ صعود ساركوزي إلى سدة الحكم عام 2007.

ويعتبر حديث بوتفليقة عن استعداده لبناء شراكة استثنائية مع فرنسا مؤشرا على بعث التحضيرات لزيارة كانت ستقود بوتفليقة إلى باريس صيف العام الماضي، لكنها «ألغيت مؤقتا»، بحسب تعبير سلطات البلدين آنذاك، لأسباب غير معروفة رسميا لكنها مرتبطة بتذمر الجزائريين من عدم توافر استعداد من جانب فرنسا للاعتراف بجرائم الفترة الاستعمارية (1830-1962)، وهو موضوع حساس للغاية في الجزائر ويوليه المسؤولون الجزائريون أهمية خاصة.

ويتوقع مراقبون زوال الموانع النفسية التي حالت دون زيارة وزير الخارجية برنار كوشنير إلى الجزائر في فبراير (شباط) الماضي، بعد رسالة بوتفليقة. وكوشنير، دون بقية المسؤولين الفرنسيين، يثير حساسية كبيرة لدى الجزائريين بسبب مواقفه التي توصف بـ«العدائية ضد الجزائر». وكان آخرها قوله لصحيفة فرنسية: «إن جيل الثورة الجزائري لا يزال في السلطة، وبعده سيكون الأمر ربما أقل تعقيدا». يقصد أن الأشخاص الذين يقودون الحكم في الجزائر، شاركوا في حرب التحرير (1954-1962) ومعهم يصعب إقامة علاقات طبيعية مع فرنسا بسبب تأثرهم برواسب التاريخ المشترك.

وبخصوص مدى قبول الطرف الفرنسي بمبدأ تقديم الاعتذار عن جرائم الاستعمار، وهو شرط تضعه الجزائر لتطبيع العلاقات، قال أستاذ التاريخ المتخصص في العلاقات الجزائرية الفرنسية محمد القورصو لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا الموضوع بالذات يخضع لضغط كبير بفرنسا يمارسه تياران، أحدهما تصحيحي والثاني عدمي، يبذل أفرادهما مجهودات كبيرة للحؤول دون أية خطوة لاعتراف رسمي بفظاعة الاحتلال الفرنسي بالجزائر». ويضيف القورصو: «إن أصوات ممثلي هذا التيار هي المسموعة حاليا بفرنسا، ومن أبرزهم الكاتب باسكال بروكنير الذي أصدر مؤلفا يدين كل فرنسي يتبنى الاعتذار».