انتقادات واسعة لساركوزي بسبب دعوته 13 زعيما أفريقيا للمشاركة في احتفالات العيد الوطني الفرنسي

منظمات حقوق الإنسان احتجت لوجود عسكريين ملاحقين بسبب جرائم حرب بينهم

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يحيي قدامى الضباط المدعوين بمناسبة العيد الوطني لفرنسا في باريس أمس وقد شارك في هذه المناسبة 400 عنصر من 13 مستعمرة فرنسية سابقة (رويترز)
TT

أثار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انتقادات واسعة، بسبب دعوته قادة 13 دولة أفريقية للمشاركة بالعيد الوطني الفرنسي. إذ ارتأى ساركوزي أن يدعو 13 رئيس دولة أفريقية ليكونوا ضيوف الشرف في العرض العسكري، وارتأى أيضا أن تشارك وحدات من الدول المعنية في العرض تكريما للدم الأسود الذي أهرق دفاعا عن التراب الفرنسي في الحربين العالميتين الأولى والثانية، واحتفالا بالعيد الخمسين لحصول هذه الدول على استقلالها من فرنسا الدولة المستعمرة السابقة.

ولم تكن مشاركة هؤلاء القادة وحدها جديدة في احتفالات 14 يوليو (تموز)، وهو اليوم الذي يذكر بانطلاقة الثورة الفرنسية عام 1789 واحتلال قلعة الباستيل في قلب باريس. فقد افتقد الفرنسيون هذا العام في عيدهم الوطني حفلة الاستقبال الكبرى (الغاردن بارتي) التي كانت تقام في حديقة قصر الإليزيه مباشرة عقب انتهاء العرض العسكري في جادة الشانزليزيه القريبة. فالزمن علامته الأولى سياسة التقشف وقصر النفقات، التي طالت الرئاسة وأحزنت الـ7 آلاف محظوظ الذين اعتادوا التلذذ في السنوات الأخيرة بما كانت تعمر به الموائد المنصوبة في نواحي الحديقة الأربع.

وبالعودة إلى الحفل، فقد كان مشهد المنصة الرسمية التي نصبت ككل عام في ساحة الكونكورد التي شهدت قبل 220 عاما تدحرج رأس الملك لويس السادس عشر، فريدا من نوعه، إذ أحاط رؤساء بنين وبوركينا فاسو والكاميرون وأفريقيا الوسطى والكونغو والغابون ومالي وموريتانيا والنيجر والسنغال وتشاد وتوغو بالرئيس ساركوزي. فيما كانت زوجات الرؤساء يحطن بكارلا بروني ساركوزي، وبعضهن يرتدين الثياب التقليدية. وشاركت عناصر من الفرق الموسيقية الأفريقية مع فرقة موسيقى الحرس الجمهوري الفرنسية. كذلك، كانت الوحدات الأفريقية (30 عنصرا في كل وحدة) من أول من افتتح العرض العسكري، حاملة أعلامها التي قدمت أمام المنصة الرسمية.

وفي ختام العرض الذي جرى في غالبيته تحت المطر الكثيف، هبط ثمانية مظليون يحملون أعلام فرنسا والاتحاد الأوروبي والبلدان الأفريقية المشاركة في ساحة الكونكورد التي تنتصب في وسطها المسلة الفرعونية رغم رداءة الطقس. لكن بعيدا عن مظاهر البروتوكول، فقد أثارت دعوة الرؤساء الأفارقة الفرنكفونيين جدلا سياسيا وانتقادات واسعة. فقد احتجت منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان على وجود عسكريين من بين الذين دعتهم فرنسا ملاحقين بسبب جرائم حرب ارتكبوها وهم ملاحقون بشأنها، فيما دعت 80 منظمة إلى تجمع في ساحة الجمهورية عشية العرض العسكري لرفض وجود أشخاص «لطخت أياديهم بدماء شعوبهم» للتنديد بوجود «قادة أفارقة ديكتاتوريين، مثل قادة تشاد وتوغو وأفريقيا الوسطى والكونغو والغابون....» أي غالبية المدعوين. ورد الإليزيه بتأكيد أنه لا ملاحقين من بين المدعوين أو المشاركين في العرض العسكري.

وعلى المستوى السياسي، أفضت دعوة الأفارقة إلى إثارة الجدل مجددا حول سياسة فرنسا الأفريقية، إذ اغتنم بعض اليسار الفرصة لاتهام ساركوزي بإعادة إحياء «السياسة الاستعمارية»، والبعض الآخر باستمرار اللجوء إلى أشخاص يلتفون على وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية في التعاطي مع القادة الأفارقة. وكان سفير فرنسا السابق في السنغال جان كلود روفان قد أثار عاصفة قبل أيام، عندما قال في مقابلة صحافية مع جريدة «لوموند» إن كلود غيان، أمين عام الرئاسة، هو المشرف الفعلي على سياسة فرنسا الأفريقية على حساب وزارة الخارجية.