اختفاء سجين محكوم بالمؤبد.. يثير مخاوف.. بعد تسلم بغداد سجن كروبر من الأميركيين

مسؤول بـ«العدل» لـ«الشرق الأوسط»: تسلمنا 1443 سجينا باستثناء أخوي صدام حسين ووزير دفاعه

TT

شكل اختفاء السجين علي لطفي جسار، المحكوم بالسجن المؤبد على خلفية اختطاف وقتل البريطانية مارغريت حسن، الناشطة في حقوق الإنسان، خلال عملية نقل سجناء داخل العراق سجالا بين السجون العراقية والمحكمة المختصة والمجلس الأعلى للقضاء العراقي، وأعاد إلى الأذهان سلسلة من حوادث الهروب من السجون، وأبرزها هروب سجناء من سجن بادوش في محافظة نينوى، ومن سجن تكريت في محافظة صلاح الدين.

ويأتي ذلك تزامنا مع قيام القوات الأميركية بتسليم أكبر سجونها (كروبر) القريب من مطار بغداد الدولي، أمس، إلى الحكومة العراقية مع عدد كبير من السجناء، حسب تصريح لوكيل وزارة العدل لشؤون السجون العراقية، بوشو إبراهيم دزئي.

دزئي أكد لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس، أن «وزارة العدل تسلمت (أمس) سجن كروبر و1443 سجينا بدلا من 1600 كما كان متوقعا»، مشيرا إلى أن «الحكومة العراقية لم تتسلم بعض أركان النظام السابق المحكومين بالإعدام من قبل المحكمة الجنائية العليا الخاصة بمحاكمة أركان النظام السابق» والتي كانت قد قضت بإعدام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ومساعده طه ياسين رمضان وأخيه غير الشقيق برزان التكريتي.

وكشف وكيل وزارة العدل العراقية أن «قائمة السجناء الذين تسلمناهم من القوات الأميركية مع سجن كروبر اليوم (أمس) لا تضم أسماء سلطان هاشم أحمد، وزير الدفاع الأسبق ووطبان الحسن، وزير الداخلية الأسبق، وسبعاوي الحسن، رئيس دائرة الأمن العام الأسبق (الأخوين غير الشقيقين لصدام حسين)، ورشيد حسين التكريتي، مساعد رئيس أركان الجيش الأسبق، وعزيز صالح نومان عضو القيادة القطرية لحزب البعث، وهؤلاء محكومون بالإعدام من قبل المحكمة الجنائية العليا الخاصة».

وكان دزئي قد قال لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس، إن «وزارة العدل سوف تنفذ حكم الإعدام بحق من تتسلمهم من القوات الأميركية، والذين قضت المحكمة الجنائية العليا بإعدامهم واكتسبت قراراتهم القضائية الدرجة القطعية».

وفيما يتعلق بقضية اختفاء السجين العراقي، أبدى دزئي عدم معرفته بالقضية، وقال «حتى الآن لا تتوافر لدينا معلومات دقيقة نستطيع أن نبلغكم بها، ونحن نحقق في الموضوع وسنصل إلى نتيجة يوم الأحد المقبل، كون غدا (اليوم) وبعده عطلة نهاية الأسبوع (الجمعة والسبت)»، مقرا بأن «السجين المختفي كان بمسؤوليتنا وليس بمسؤولية وزارة الداخلية».

وأفاد محامي عائلة الناشطة البريطانية في مجال الإغاثة مارغريت حسن، التي خطفت وقتلت في 2004 في العراق، أمس، إن المدان بالمشاركة في خطفها وقتلها اختفى من السجن حيث يمضي عقوبة السجن مدى الحياة.

وأرجأ قاضي المحكمة الجنائية المركزية أمس إلى 29 من الشهر الجاري، وللمرة الخامسة جلسة استئناف الحكم الصادر على علي لطفي جسار الذي كان حكم عليه بالسجن مدى الحياة في الثاني من يونيو (حزيران) 2009.

وقال سرمد الصراف، محامي عائلة حسن، في تصريح لصحافيين بعد جلسة مرافعة، إن «المحكمة أكدت لنا بصورة غير رسمية أن علي لطفي جسار قد يكون هاربا». وأضاف أن «القاضي أخبرني أنه تسلم من الجهات المختصة أن المحكوم كان في سجن جمجمال، في محافظة السليمانية الواقعة ضمن إقليم كردستان، حتى أبريل (نيسان) الماضي».

وأضاف أن «القاضي اتصل بسجن التسفيرات في بغداد (المسؤول عن نقل السجناء) فأخبروه بشكل غير رسمي أنه قد يكون هاربا». وتابع أن «المعلومات المتوفرة تؤكد أنه نقل من سجن التاجي في بغداد في 13 مايو (أيار) ضمن مجموعة سجناء نقلوا إلى سجن التسفيرات في بغداد وتعرضوا لاختناق في عملية النقل بسبب الحر مما أسفر عن وفاة سبعة منهم». ونقل المحامي عن القاضي تأكيده أن جسار «ليس بين المتوفين».

وقال إن «المحكمة ستخاطب مجلس القضاء الأعلى لتعلمه بحيثيات القضية، وسيفاتح المجلس وزارة العدل المسؤولة عن السجون لمعرفة أين اختفى المدان». وقد أدين جسار «بالاشتراك بقتل وخطف» الناشطة البريطانية و«ابتزاز» السفارة البريطانية.

وقال محام آخر طلب عدم كشف هويته، إن «ما جرى اليوم مأساة كبيرة». وتساءل «هل يعقل أن الدولة لا تعرف أين يضعون موقوفيها؟». وأوضح الصراف أنه أبلغ الثلاثاء الماضي بأن جسار موجود في سجن في منطقة الكرادة في بغداد لكنه لم يحضر الجلسات «بدون ذكر أسباب». وكان جسار استأنف الحكم وأكد أنه كان في عمان عند وقوع الحادثة. وقررت محكمة التمييز إعادة القضية للتحقيق في تأشيرات الدخول التي تبين لاحقا أنها مزيفة.

وقال محام لوكالة الصحافة الفرنسية، إن جسار ينتمي إلى كتائب ثورة العشرين. وسلمت السفارة البريطانية المحكمة أدلة تشمل تسجيلات صوتية يظهر فيها جسار يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة مع مسؤولين بالسفارة، بالإضافة إلى تسعين رسالة إلكترونية.

وطلب المدان مبلغ مليون دولار من الحكومة البريطانية لقاء تحديد مكان جثة حسن الذي لم يعرف بعد، بحسب محامي الحق الشخصي. واعتقلت قوة عراقية أميركية مشتركة جسار (25 عاما) في منزله في حي الجامعة (غرب بغداد) في 23 مارس (آذار) 2008. وقال جسار الذي يعمل مهندسا أنه بريء من التهمة وأن اعترافاته جاءت نتيجة التعذيب الجسدي الذي تعرض له خلال الاعتقال. وكانت مارغريت حسن خطفت في أكتوبر (تشرين الأول) 2004 ثم قتلت بعد شهر. ولم يتم العثور على جثتها حتى الآن. واتهمت عائلة حسن الحكومة البريطانية بأنها كانت سبب مقتلها برفضها التفاوض مع خاطفيها.

وقال ديدري وجيرالدين وكاثرين ومايكل فيتزسايمونس في بيان مشترك عقب شريط بثته وسائل إعلام لمقتل امرأة قيل إنها حسن «نعتقد أن رفض الحكومة البريطانية فتح حوار مع الخاطفين أودى بحياة شقيقتنا». وكانت حسن تحمل ثلاث جنسيات البريطانية والأيرلندية والعراقية. وعثرت قوة مشتركة في الأول من مايو (أيار) 2005 على حقيبة وملابس حسن في منطقة تقع بالقرب من المدائن جنوب غربي بغداد.