البرلمان اللبناني يؤجل البت في الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين

في أعقاب توافق داخلي على القفز فوق الملفات الخلافية

مظاهرة فلسطينية في بيروت أمس تحمل الأعلام اللبنانية والفلسطينية، مطالبة البرلمان اللبناني بإقرار اقتراح لمنح المزيد من الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان (رويترز)
TT

كما كان متوقعا، أمس، أرجأ رئيس المجلس النيابي اللبناني، نبيه بري، دراسة اقتراحات رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط حول الحقوق الفلسطينية إلى 17 أغسطس (آب) المقبل، تاركا للجنة الإدارة والعدل النيابية الوقت الكافي للانتهاء من مناقشاتها فتقديم الاقتراحات، وبحسب بري «لن تقر إلا بإجماع اللبنانيين».

وكان البرلمان اللبناني قد عقد جلسة تشريعية اتّسمت بالهدوء بعكس سابقتها التي شهدت اصطفافا طائفيا عمل على احتوائه سريعا. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية بارزة أنه «تم التوافق وقبل انعقاد الجلسة التشريعية بالأمس على تأجيل البت في الملف الفلسطيني وبالتالي تأجيل طرح اقتراحات وليد جنبلاط على التصويت لمزيد من المشاورات والتوصل إلى ورقة مشتركة بين الأفرقاء كافة أكانت ورقة الرئيس السنيورة معدلة أو ورقة جديدة تعدها لجنة الإدارة والعدل يتم التصويت عليها لاحقا».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «التوافق كان عاملا للقفز فوق الملفات الخلافية حاليا لتمرير الموسم السياحي على خير».

واعتبرت مصادر مسيحية واسعة الاطّلاع أن «اقتراحات وليد جنبلاط لم تعد موجودة وخارج إطار البحث ولو كانت لا تزال صالحة لما عمل تيار المستقبل وبالتالي الرئيس السنيورة على ورقة جديدة» وأضافت: «إعلان الرئيس بري أن الاقتراحات لن تقر إلا بإجماع اللبنانيين ترك أثرا إيجابيا في نفوسنا وسنتوصل قريبا لورقة جديدة تحظى بتوافق الجميع على ألا تتطرق لا من قريب أو من بعيد لحق التملك».

وفيما تغيّب رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط عن الجلسة التشريعية، رحّب ممثل اللقاء، وزير المهجرين أكرم شهيب، بطرح تأجيل البحث بالاقتراحات الأربعة تماما كممثلي مختلف الأحزاب والتكتلات السياسية.

وشدد عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل على «وجوب الحصول على وقت إضافي لاستكمال النقاش فيما يخص حقوق اللاجئين الفلسطينيين»، مضيفا: «بكل بساطة إن هذا الموضوع حساس، والأولوية هي مصلحة لبنان وهناك أولوية أخرى فالفلسطينيون ضيوف ويجب أن يعيشوا حياة كريمة، ونحن نسعى للتوفيق بين الأولويتين وعدم الوصول إلى التوطين». وقال الجميل: «سمعنا أن لدى (الأونروا) أزمة مالية وهذا أمر خطير جدا». وشدد في هذا السياق على «وجوب عدم رمي المسؤولية على عاتق لبنان، لا سيما أن المسألة في الأصل من مسؤولية المجتمع الدولي».

وإذ كشف الجميل أن حزب «الكتائب» سيطرح وفي اليومين المقبلين ورقة عن الحقوق الفلسطينية، اعتبر المستشار السياسي لرئيس الحزب سجعان قزي أن «هناك قرارا دوليا وعربيا بإفلاس الأونروا من أجل نقل المسؤولية عن الفلسطينيين إلى الدولة اللبنانية وتوطينهم في لبنان».

وفي وقت يستمر التنسيق المباشر بين حزب الكتائب وتكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه العماد ميشال عون بملف الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين، شدّد النائب آلان عون على أن «البحث في الحقوق الفلسطينية ليس تضييعا للوقت»، لافتا إلى أن «هذا الموضوع حساس ولا يجوز أن نتسرع فيه والهواجس التي لدينا محقة خاصة أننا نتحدث اليوم عن سياسة مبرمجة لإنهاء دور الأونروا». ودعا زميله في التكتل النائب إبراهيم كنعان لمذكرة من البرلمان تذكر الأمم المتحدة بواجباتها تجاه الفلسطينيين.

من جهته اعتبر وزير العمل بطرس حرب أن «النقاش الهادئ بالملف الفلسطيني يسمح بإظهار جو وطني غير متفسخ كما حصل في المرات السابقة ويتيح للمجلس النيابي الخروج بموقف موحد أمام العالم رافضا للتوطين ومؤكدا على الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني».

واعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم أنه «آن الأوان لإقرار الحقوق الإنسانية للفلسطينيين في لبنان وإنصاف الشعب الفلسطيني»، وأكد أن «الأخوّة الفلسطينية - اللبنانية تفرض على اللبنانيين إقرار هذه الحقوق، مع وجود حاجة للتمييز بين أهمية إقرار هذه الحقوق وبين رفض التوطين المجمع عليه لبنانيا وفلسطينيا».

وتزامنا مع الجلسة النيابية، نظم اعتصام أمام مركز الأمم المتحدة «الإسكوا» في وسط بيروت بمشاركة عدد من ممثلي الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني اللبناني والفلسطيني وأبناء مخيمات بيروت، تحدث خلاله عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين علي فيصل عن أن «إقرار الحقوق الإنسانية للفلسطينيين في لبنان يشكل مصلحة فلسطينية لبنانية».

ولفت فيصل إلى أن «الشعب الفلسطيني ليس جزءا من التجاذبات الداخلية في لبنان، ويرفض أن يمنح جوائز ترضية على حساب حقوقه الإنسانية ويرفض مقايضتها بأي قضية أخرى»، معتبرا أن «المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية لجهة زيادة موازنة الأونروا».

ورحّب ممثل حركة «حماس» في لبنان علي بركة بالتأجيل الذي حصل في مجلس النواب حيال بحث الحقوق الفلسطينية الإنسانية والاجتماعية، آملا أن «يتم إقرار الحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين ولا سيما حق العمل وحق التملك»، مستطردا: «لكن لا مانع لدينا من تأجيل البحث بهذه الاقتراحات ما دام في ذلك مصلحة لبنانية فلسطينية».