فرنسا: وزير المالية السابق والعمل الحالي يتحول من مصلح إلى عبء على الحكومة والرئاسة

حلقات جديدة في مسلسل الفضائح المرشح للاستمرار

TT

كل يوم يمر يأتي بجديده في فرنسا ويغذي مسلسل الفضائح الذي يبدو أنه مرشح للاستمرار بعض الوقت، ولذا لم تفلح مداخلة الرئيس ساركوزي التلفزيونية الاثنين الماضي في غلق صفحته كما أنها لم «تحصن» وزير العمل الحالي والمالية السابق إريك فيرت على الرغم من «البركة» الرئاسية وتجديد الثقة فيه مع دعوته للاستقالة من أمانة مالية الحزب الحاكم، وهو ما أعلنه في اليوم التالي.

ويبدو أن صحيفة «لو كنار أونشينيه» الأسبوعية الساخرة فاجأت الوسط السياسي والإعلامي بخبر نشرته، وفيه أن فيرت في الأيام الأخيرة من عمله وزيرا للمالية، سارع إلى بيع قطعة أرض في غابة «كومبياني» تضم مضمارا لسباقات الخيل إلى شركة «صديقة» بمبلغ 2.5 مليون يورو وهو، بحسب الصحيفة، لا يتناسب مع القيمة الحقيقية للأرض فضلا عن أن وزارة المالية أبرمت «اتفاقا حبيا» مع الشركة المعنية ولم تضع الأرض المذكورة في المزاد.

وبالطبع سارع الوزير الذي لم يتخلص بعد من فضيحة ثرية فرنسا الأولى ليليان بتنكور إلى نفي ما جاءت به الصحيفة الساخرة وإلى تأكيد أنه اتبع حرفيا الأصول المعمول بها؛ لا بل إن وزارة المال حققت عملية مربحة لخزينة الدولة.

وما زالت رياح الفضيحة الأولى تتقاذف فيرت، حيث يظن أنه «غض الطرف» عن تجاوز وريثة شركة «لوريال» للصناعات التجميلية للقوانين المالية المعمول بها في فرنسا وعن فتحها لحسابات سرية في سويسرا على الرغم من التنبيه الذي تلقته وزارته من الأجهزة القضائية. فضلا عن ذلك، لم تهدأ الحملة عليه وعلى زوجته فلورانس التي كانت تعمل في شركة تدير ثروة ليليان بتنكور مما يدعو للظن أنه كان هناك «تضارب مصالح» بين عمل وزير المالية على محاربة هروب رؤوس الأموال من فرنسا وفتح حسابات سرية، وعمل زوجته في إدارة ثروة بتنكور. وفي هذا السياق، ينظر القضاء في اتهامات محاسبة، كانت تعمل سابقا لدى عائلة بتنكور، أكدت في مقابلة صحافية ثم للشرطة المالية أن «مغلفات» كانت تعطى للسياسيين في منزل العائلة وأنه ُُطلب منها سحب 50 ألف يورو كجزء من هبة مالية قيمتها 150 ألف يورو لحملة المرشح ساركوزي عام 2007 يفترض أنها سلمت لفيرت، المسؤول المالي عن حملة الرئيس الحالي.

وجاء أمس بمزيد من التفاصيل؛ إذ كشف أن باتريس دو ميستر، مدير أعمال ليليان بتنكور والرئيس الإداري لزوجة فيرت، أوقف مع ثلاثة أشخاص آخرين للتحقيق معهم؛ بينهم المصور والفنان فرنسوا ماري بانيه الذي منحته ليليان بتنكور ما يقارب المليار يورو وهو موضع شكوى من قبل ابنة بتنكور التي تتهمه باستغلال ضعف والدتها للتحايل عليها واستلاب جانب من ثروتها. ويستطيع القضاء أن يبقي الأشخاص الأربعة محتجزين لمدة 48 ساعة. وجاء احتجازهم بعد عملية تفتيش دقيقة قامت بها الشرطة المالية في مكاتب ميستر وفي منزله، وقد وضعت يدها على ملف فلورانس فيرت زوجة الوزير.

وقال أوليفيه ميتزنير، ومحامي ابنة ليليان بتنكور إن الاحتجاز سيساعد على إظهار الحقيقة. وكان ميستر أعلن أنه لم يقبض قرشا واحدا من بتنكور. غير أنه اعترف لاحقا أنه تسلم منها 5 ملايين يورو عام 2008. وسارعت وريثة «لوريال» إلى تأكيد ثقتها فيه. ويعتقد المراقبون في باريس أن مسلسل بتنكور - فيرت مرشح للاستمرار بعض الوقت وأنه حافل بالمفاجآت. وهذه التطورات لن تمر من غير خسائر تصيب الحكومة؛ إذ أصبح كثيرون لا يستبعدون أن تطيح بالوزير فيرت بعد أن أصبح «عبئا» على الحكومة وعلى رئيس الجمهورية بعد أن كان ورقة أساسية في خطته لإصلاح نظام التقاعد.