تعيين أول قاضيتين شرعيتين في ماليزيا يرافقه جدل حول الصلاحيات

النساء يشكلن نصف عدد المحامين في البلاد

TT

أشادت المنظمات النسائية بقرار تعيين قاضيتين، مؤخرا، في المحاكم الإسلامية في ماليزيا، لكن الغموض لا يزال يغلف دلالات هذا القرار، وخاصة أنه سيتعين على القاضيتين الجديدتين الانتظار مدة شهر قبل التوصل إلى قرار بشأن ما إذا كانتا ستستبعدان من النظر في قضايا معينة.

من المقرر أن تشرع لجنة مؤلفة من 20 قاضيا رفيع المستوى في دراسة ما إذا كانت الإرشادات الواردة في الشريعة الإسلامية تحظر على النساء تناول قضايا قانونية معينة، مثل الطلاق. ومن المتوقع أن ينهي القضاة تشاورهم في غضون شهر، حسبما ذكر محمد يوسوب تشي تيه، القاضي في محكمة الاستئناف الشرعية.

وأضاف خلال مؤتمر صحافي عقده الأربعاء: «ستمثل مبادئ الشريعة المرشد لنا في اتخاذ قرارات بشأن قضايا الولاية القضائية».

من جانبهم، أعرب أنصار حقوق المرأة عن أملهم في أن يساعد تعيين رفيدة عبد الرازق وثريا رملي في تناول المخاوف المرتبطة بتعرض النساء إلى معاملة غير منصفة من جانب المحاكم الشرعية.

طبقا للنظام القضائي الماليزي المؤلف من مستويين، بمقدور المحاكم العلمانية تناول معظم القضايا الجنائية والكثير من القضايا المدنية، في الوقت الذي تنظر فيه المحاكم الشرعية في القضايا الأسرية والأخلاقية المرتبطة بالمسلمين.

وأشارت منظمات نسائية إلى تلقيها كثيرا من الشكاوى من نساء يشتكين من تعرضهن إلى التمييز داخل المحاكم الشرعية. وأوضحت نورهياتي كابراوي، الناشطة المعنية بالنساء المسلمات، أن من أكثر الشكاوى شيوعا أن النساء يواجهن صعوبة أكبر في المبادرة بطلب الطلاق وضمان الحصول على نفقة من أزواجهن السابقين.

ويأتي قرار التعيين الأخير بعد خمس سنوات من إصدار السلطات الدينية في هذه الدولة التي يدين غالبية سكانها بالإسلام فتوى تجيز تعيين المرأة قاضية شرعية.

على الرغم من صدور قرار تعيين القاضيتين في مايو (أيار)، لم يعلن نجيب رزاق، رئيس الوزراء، عنه إلا في هذا الشهر. ومن المقرر أن تعمل رفيدة (39 عاما) في محكمة شرعية بكوالالمبور، بينما جرى تعيين ثريا (31 عاما) في منطقة بتراجايا الفيدرالية.

وقال نجيب في بيان أصدره الأسبوع الماضي: «نأمل أن يعزز قرار التعيين إقرار العدالة في جميع القضايا المنظورة أمام المحاكم، بما في ذلك تلك التي تتضمن الأسر وحقوق النساء».

من المقرر أن تعمل رفيدة وثريا في المحكمة الفرعية، وهي أدنى درجات التقاضي داخل نظام المحاكم الشرعية، الذي يتضمن كذلك المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف.

وسبق لثريا العمل مساعدة لمدير قسم التدريب الشرعي، في الوقت الذي عملت فيه رفيدة باحثة في إحدى المحاكم الشرعية. وخلال حديث لهما في مؤتمر صحافي تعهدت القاضيتان الجديدتان بتطبيق القانون طبقا لما تمليه المبادئ الشرعية. وقالت رفيدة إنها لا ترى أي اختلاف بينها وبين أقرانها الرجال.

وفي سؤال لها حول شعورها إزاء إمكانية منعها من النظر في قضايا بعينها، أجابت رفيدة بأنها تترك الحكم في هذا الأمر لـ«حكمة» اللجنة المعنية.

يذكر أن النساء يعملن منذ أمد بعيد قاضيات بالمحاكم العلمانية الماليزية، وتشكل النساء قرابة نصف الـ400 محام المسجلين لدى اتحاد محامي المحاكم الشرعية، وهي منظمة ينال المحامون عضويتها طواعية.

إلا أنه قبل صدور فتوى عام 2005، ثار جدال بين العلماء المسلمين في ماليزيا حول ما إذا كان يمكن تعيين نساء قاضيات شرعيات طبقا لقواعد الإسلام.

من ناحيتها، قالت نورهياتي، وهي من دعاة حقوق المرأة، إن بعض العلماء أعربوا عن شكوكهم حيال ما إذا كانت النساء يتمتعن بالقدرات الذهنية والعاطفية التي تؤهلهن إلى العمل كقاضيات، وتساءلوا حول ما إذا كانت القاضيات سينحزن إلى صف المدعيات من النساء.

واستطردت نورهياتي بأن منع المسلمات من النظر في قضايا معينة سيأتي بمثابة «إهانة» لهن لما أثبتنه من كفاءة في عملهن كقاضيات في المحاكم العلمانية.

وقالت سعدية دين، المحامية بالمحاكم الشرعية المتخصصة في القضايا الأسرية، إنه منذ صدور الفتوى استفسرت المحاميات من السلطات القضائية مرارا حول موعد تعيين قاضيات. وأكدت «كنا ننتظر هذه اللحظة».

من ناحيتها، قالت زاليها قمر الدين، نائبة المدير العام لمعهد التفاهم الإسلامي، وهو مؤسسة بحثية في كوالالمبور، إن قرار تعيين القاضيتين لاقى ترحيبا واسعا وأن ولايات ماليزية أخرى أبدت اهتمامها بالاحتذاء به. وأضافت: «تنبع أهمية هذه القرارات من أنها تمهد الطريق أمام تعيين مزيد من النساء في مستويات قضائية أعلى في المستقبل».

واستطردت زاليها، وهي أستاذة قانون ساعدت في الضغوط التي مورست لتعيين قاضيات، أن الفتوى الصادرة عام 2005 صدرت على المستوى الوطني، وأن تعيين قاضيات استلزم الفوز بدعم كبير قضاة محكمة شرعية ووزير جديد.

من جهتها، قالت ميرا سامانتير، رئيسة منظمة إغاثة المرأة، وهي منظمة غير حكومية، إنه من المثير لخيبة الأمل أن يستغرق قرار تعيين قاضيات شرعيات كل هذا الوقت.

وأضافت: «لقد سادت دوما هذه الفكرة الخاطئة حول أن النساء لن يتمكن من إتقان تناول قضايا دينية. بخلاف تعيين القاضيتين الجديدتين، نأمل أن يجري أيضا تطبيق قواعد نسائية».

* خدمة «نيويورك تايمز»