ملابسات غامضة حول وفاة يهودي تسلط الضوء على أوضاع مسنين فضلوا البقاء في المغرب

الشرطة وجدته ممدا داخل شقته في الدار البيضاء.. والنيابة العامة تطلب تشريح الجثة

TT

طلبت النيابة العامة في الدار البيضاء تشريح جثة يهودي مسن عثر عليه ميتا داخل شقته في شارع محمد الخامس وسط الدار البيضاء، وفتحت تحقيقا في محيطه لتحديد أسباب الوفاة، لكن مصادر أمنية رجحت عدم وجود جريمة.

وتعتبر هذه المرة الثالثة التي يعثر فيها على جثة يهودي مسن في الدار البيضاء في ظروف غامضة، وكان سبب الوفاة في المرتين السابقتين هو السرقة. وفي كل مرة يعثر فيها على جثة يهودي يقترن ذلك باهتمام إعلامي وأمني كبير، يعيد إلى الذاكرة حادثة قتل رجل الأعمال اليهودي المغربي ألبير ربيبو بمسدس من طرف إرهابيين في 11 سبتمبر (أيلول) 2003 أمام مقر عمله في الدار البيضاء.

وفي انتظار استكمال التحقيق يستبعد أن تكون أسباب حادثة الوفاة الأخيرة إجرامية. ونسب إلى مصدر أمني أن «معاينة الجثة كشفت عن عدم وجود أي آثار للعنف عليها ولا أي أثر للكسر أو السرقة». وعثرت شرطة منطقة آنفا على جثة ميمون إدمون لوسكي، الذي تجاوز السبعين من عمره، ممدة على الأرض في شقته حيث كان يعيش وحيدا، وذلك بعد إخطارها من طرف خادمته التي اكتشفت الجثة عند وصولها إلى الشقة في الصباح.

وتسلط هذه الحادثة الأخيرة الضوء على أوضاع عدد من اليهود المغاربة الذين رفضوا مغادرة بلدهم، ويعيشون وحيدين، يقاومون الأمراض ويتحدون الشيخوخة، بعد أن هاجر أبناؤهم وأحفادهم إلى الخارج. ويقول سيمون ليفي، مدير المتحف اليهودي في الدار البيضاء «هجرة اليهود المغاربة أمر معقد ومتشعب. فالبعض هاجر بإرادته، لكن آخرين دفعوا إلى ذلك دفعا، وآخرين تم استدراجهم». ويضيف سيمون ليفي أن العقود الماضية عرفت الكثير من محاولات العودة للمغرب، لكن هذه المحاولات كانت تفشل بسبب الظروف الاقتصادية غير الملائمة وانعدام فرص العمل، الشيء الذي دفع عددا من العائدين إلى تغيير وجهتهم صوب أوروبا وأميركا، خاصة فرنسا وكندا.

وكان عدد اليهود المغاربة الذين يعيشون في المغرب يقدر بنحو 250 ألف يهودي قبل عام 1947، غير أن الهجرات المتتالية قلصت هذا الرقم إلى أقل من 4 آلاف يهودي ألف حاليا، معظمهم من كبار السن الذين تجاوزوا سن السبعين. ويعيشون وحيدين، مثل ميمون إدمون لوسكي، يتحدون الضجر والشيخوخة، ولا يخرجون إلا في أعياد الفصح والمهرجانات الدينية اليهودية المغربية التي تستقطب عشرات الآلاف من السياح اليهود المغاربة القادمين من مختلف أنحاء العالم، خاصة من إسرائيل التي يعيش فيها زهاء مليون يهودي مغربي، والتي تكون مناسبة للقاء الأبناء والحفدة وجمع شمل العائلات اليهودية المغربية حول الأطباق الشهية للمطبخ اليهودي المغربي والأهازيج الشعبية ومواويل الملحون والأندلسي لبضعة أيام في السنة.