غضب سوداني يسبق اجتماعات دولية بالخرطوم.. وطه يؤكد: لا نعامل بعدالة

مصدر دبلوماسي لـ «الشرق الأوسط»: قطيعة دبلوماسية سودانية غير معلنة لفعاليات الدول الغربية في الخرطوم

جندي تابع للقوات الأفريقية في قرية دار السلام شمال دارفور (رويترز)
TT

يعقد مبعوثو الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي المختصون بالسودان، اجتماعا تشاوريا اليوم في الخرطوم، بمشاركة الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية، بالإضافة إلى النرويج وقطر، للخروج بمقترحات تتعلق باستفتاء الجنوب، والسلام في دارفور، وسط غضب سوداني.

وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية السودانية لـ«الشرق الأوسط»، معاوية عثمان خالد، إن الخرطوم سوف تستضيف اليوم اجتماعا تشاوريا يشارك فيه المبعوث الأميركي للسودان، سكوت غرايشن، إلى جانب نظرائه من فرنسا وبريطانيا والصين وروسيا، بالإضافة إلى مبعوثي الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ومجموعة إيقاد والمؤتمر الإسلامي، ودولة النرويج بصفتها الدولة التي استضافت مؤتمر المانحين لدعم السودان، ودولة قطر التي ترعى محادثات السلام في دارفور. وأشار خالد إلى أن الاجتماع سيناقش مجمل قضايا السودان، بما فيها سير تنفيذ اتفاق السلام الشامل، وقضية دارفور، مضيفا أن الاجتماع يعتبر الأول للآلية التي انبثقت عن اجتماع أديس أبابا حول قضايا السودان، في مايو (أيار) الماضي.

وفي السياق ذاته، استبق نائب الرئيس السوداني، علي عثمان محمد طه، الاجتماعات الدولية بهجوم شديد على المجتمع الدولي ومنظماته، واتهمه بازدواجية المعايير. وقال في جلسة لمؤتمر ولايات التمازج، عقد في جنوب السودان، في مدينة أويل، «إن هناك إحساسا عاما للسودانيين بأن المجتمع الدولي لا يعامل السودان معاملة عادلة»، وعزا ذلك لأسباب سياسية، وقال إن «المطالب التي لم يستوفها السودان نبذل جهودا وطنية مقدرة لبلوغها»، ووصف مواقف صندوق النقد والبنك الدوليين بأنهما ضد القادة السودانيين. وأضاف أن الدعم الدولي للسودان ليس منحا أو معونات، وإنما حق مستحق بحكم عضويته، ووفقا للقانون، ولا نستجديه. وحذر من ازدواجية المعايير، وقال إن التعامل بازدواجية المعايير أفقد العالم الثقة في عدالة مؤسساته وحياديتها، مدللا على ذلك بخروج مظاهرات الاحتجاج عندما تجتمع دول مجموعة الثماني ودول العشرين لإظهار صوت الضمير الحي.

وطالب طه المجتمع الدولي بسماع أصوات الاحتجاجات لتعديل سلوكه، وقال: «نرحب بتعاون المجتمع الدولي وآلياته، لكنه اشترط أن يكون التعاون قائما على الشراكة، والسير في اتجاهين، وليس في اتجاه واحد».

وأكدت باريس مشاركتها في اجتماعات اليوم، بينما أشارت واشنطن إلى أن غرايشن سيشارك في الاجتماعات. وذكر مكتب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في بيان، أن غرايشن سيتشاور خلال زيارته للخرطوم مع سفراء روسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا والنرويج والاتحاد الأوروبي لدى السودان، كما سيجري مباحثات مع ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وأوضح البيان أن مبعوث أوباما سيجتمع خلال وجوده في الخرطوم مع فرق التفاوض من حزب المؤتمر الحاكم، ومن الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي تقوم بمناقشة ما بعد الاستفتاء، المقرر في يناير (كانون الثاني) 2011، كما سيجتمع مع لجنة استفتاء جنوب السودان التي ستشرف على إجراء الاستفتاء.

وأضاف البيان أن المناقشات ستتركز على تطبيق البنود الباقية من اتفاقية السلام الشامل، التي من أهمها استفتاء يناير المقبل في جنوب السودان ومنطقة أبيي، وسيقوم غرايشن بعد ذلك بزيارة الفاشر في إقليم دارفور، حيث يزور معسكرات اللاجئين، ثم يجتمع مع بعثتي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي قي الإقليم. وفي جوبا عاصمة جنوب السودان سيقوم غرايشن، كما أكد البيان، بمقابلة المسؤولين عن الحركة الشعبية لتحرير السودان لبحث قضايا تطبيق اتفاق السلام الشامل.

ويأتي الاجتماع في وقت كشف فيه مصدر دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» عن وجود قطيعة دبلوماسية سودانية غير معلنة لفعاليات الدول الغربية في الخرطوم. وأقامت السفارة الفرنسية احتفالا بمناسبة العيد الوطني، حضره دبلوماسيون وسياسيون معارضون، والحركة الشعبية، بينما تغيب ممثلو الحكومة السودانية والمؤتمر الوطني الحاكم عن الاحتفال. وعزا المصدر التغيب إلى مقاطعة الدول الغربية لحفل تنصيب الرئيس البشير في مايو (أيار) الماضي، وهو ما يعتبر «تعاملا بالمثل». إلى ذلك قال السفير الفرنسي في الخرطوم، باتريك نيكلوس، خلال الاحتفال: «لقد بدأ السودان عاما حاسما، وهو الأخير من المرحلة الانتقالية لاتفاق السلام الشامل، وما زال هناك الكثير الذي يحب القيام به حتى موعد الاستفتاء وتنفيذ نتائجه»، وعبر عن تمنيات بلاده السلام والأمن للسودان كله، وفي دارفور كذلك، وكشف عن حوار بين الخرطوم وباريس نهاية الصيف في العاصمة الفرنسية لتقويم العلاقات الثنائية.

إلى ذلك أنهى الأمين العام للحركة الشعبية، باقان أموم، جولة في بروكسل، عقد خلالها مباحثات مع الدول الأوروبية، تركزت على السلام في السودان، وقيام استفتاء سكان الجنوب في وقته، وقال أموم لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجميع أكدوا لنا دعمهم لخيار الجنوبيين في الاستفتاء، بما في ذلك قيام دولة جديدة ومستقلة، وشرحنا لهم الوضع الراهن السياسي، والتعقيدات التي تواجه السودان». وأشار أموم إلى أن المفوضية الأوروبية للتنمية قررت دعم جنوب السودان والمناطق المتأثرة بالحرب بمبلغ 150 مليون دولار، تخصص للتنمية والتعليم والصحة، كما أكد تعهد الاتحاد الأوروبي بدعم الاستفتاء والعمل على إجرائه في مواعيده المحددة.