مسؤولون أميركيون: أميري كان عميلا لـ«سي آي إيه» داخل إيران منذ عدة سنوات

تصريحات متقي تشير إلى شكوك في طهران حول روايته

شهرام أميري خلال مؤتمره الصحافي أول من أمس (رويترز)
TT

قال مسؤولون أميركيون أن العالم الإيراني، الذي يقولون إنه انشق وهرب إلى الولايات المتحدة ثم عاد إلى طهران يوم الخميس عمل مخبرا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) داخل إيران منذ عدة أعوام، وقدم معلومات عن البرنامج النووي الإيراني، وذلك حسب ما يفيد به مسؤولون أميركيون.

ووفقا لما نقلته نيويررك تايمز عن المسؤولين الأميركيين فقد تحدث اشهرام أميري إلى ضباط استخبارات أميركيين بالتفصيل عن تحول جامعة داخل طهران إلى مقر سري للجهود النووية الإيرانية، . وأضافوا أنه عندما كان أميري داخل إيران كان من بين المصادر التي أوردت معلومات من أجل التقييم الاستخباراتي الوطني المتنازع عليه فيما يتعلق ببرنامج الأسلحة الإيرانية المشتبه فيه، والذي نشر عام 2007. ويقول الأميركيون إنه على مدى أعوام قدم أميري ما وصفه مسؤول بأنها معلومات «هامة وأصلية» عن خصائص سرية في البرنامج النووي الإيراني.

وتقدم رواية الأميركيين، وواضح أن جزءا منها يحاول تشويه رواية أميري عن اختطاف وكالة الاستخبارات المركزية له، آخر ما يطرأ على إحدى أغرب الروايات خلال الحقبة النووية. كما يقدم ذلك أول إشارة إلى الطريقة التي حصلت بها الولايات المتحدة على معلومات استخباراتية من علماء إيرانيين، بالإضافة إلى عمليات اختراق نظم كومبيوترية إيرانية سبق أن وردت عنها تقارير.

وقال أميري بعد ان وصل الى طهران اول من امس انه اختطف بينما كان يؤدي العمرة وخدر ووجد نفسه في أميركا وأنه تعرض للتعذيب في محالوة لاجباره على التعاون . و لكن المسؤولين الأميركيين يردون على ذلك بأن اتهاماته بأنه تعرض للاختطاف مختلقة وإنه يسعى إلى النجاة من عملية تعذيب شديدة مؤكدة ستقوم بها السلطات الإيرانية.

وأكد أحد المسؤولين الأميركيين، شريطة عدم تحديد هويته، لنيويورك تايمز في معرض مناقشة عملية سرية لجذب علماء إيرانيين: «يعتمد أمنه على التزامه بهذه القصة المختلقة بشأن الضغوط والتعذيب. والتحدي الماثل أمامه هو أن يقنع السلطات الأمنية الإيرانية أنه لم يتعاون مطلقا مع الولايات المتحدة».

ويوم الخميس، وبينما كان ابن أميري يستقبل أباه بدفء في أرض الوطن، أعطى وزير الخارجية الإيرانية أول إشارة رسمية على الشكوك الإيرانية في قصته. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن وزير الخارجية منوشهر متقي قال لوكالة الأنباء الفرنسية: «علينا أولا النظر إلى ما حدث خلال العامين وبعد ذلك نقرر هل هو بطل أم لا. ويجب على إيران أن تنظر فيما إذا كانت مزاعمه عن تعرضه للاختطاف صحيحة أم لا». وبعد أكثر من عام من إنكار أي معرفة بأميري بينما كان يعيش سرا في توكسون وبعد ذلك لفترة موجزة في فيرجينيا، كان مسؤولون أميركيون مستعدين بصورة مثيرة للدهشة خلال الأيام الأخيرة لوصف ما قاموا به في هذه القضية. وربما يكون ذلك جزءا من السعي لتجنب تهم بالتعامل مع قضية أميري بصورة غير متقنة.

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» أول من أوردت أن أميري منح 5 ملايين دولار، وقال مسؤولون يوم الخميس إن هذا المبلغ شيء ثابت لأي شخص يقدم معلومات ضرورية. ولكن أشار المسؤولون إلى أنه كان من المفترض تسليم المال على فترة طويلة، ولم يكن أميري قادرا على أن يأخذها معه بسبب العقوبات الأميركية التي تحظر عمليات التحويل المالية إلى إيران. ومن غير الواضح كيف ساعدت المعلومات التي قدمها أميري في التقييم الاستخباراتي لعام 2007. وقد قال هذا التقييم إن إيران أوقفت عملها على تصميم سلاح نووي عام 2003. ومن المحتمل أن يتراجع تقييم استخباراتي وطني جديد، أرجئ أكثر من مرة العام الحالي، عن بعض من النتائج التي خلص إليها التقرير السابق. وعلى سبيل المثال، يعتقد مسؤولون استخباراتيون أميركيون حاليا أن العمل على تصميم سلاح نووي استؤنف ومستمر حتى الوقت الحالي، على الرغم من أنه قد يكون بوتيرة أقل مما كان عليه الحال في وقت سابق من العقد الحالي.

ولا يعتقد أن أميري، وهو متخصص في تقييم المواد الإشعاعية، كان عنصرا محوريا في أي من الجهود النووية الإيرانية لتصميم أسلحة. ولكنه عمل في جامعة مالك أشتر، التي يعتقد مسؤولون أميركيون أنها تستخدم كغطاء أكاديمي للهيئة المسؤولة عن تصميم أسلحة ورؤوس حربية نووية يمكن أن تثبت في رأس صاروخ إيراني. ويدير هذه العمليات محسن فخري زاده، وهو أكاديمي إيراني له علاقات قريبة مع الحرس الثوري الإيراني منذ وقت طويل. ويقول مسؤولون أميركيون إن فخري زاده يشغل منصب رئيس الجامعة، وفي محاولة لتجنب المفتشين الدوليين قام بإعادة تنظيم هيكل البرنامج الإيراني. وكشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهي مؤسسة معارضة مقرها فرنسا، عام 2004 عن وجود ما أسماه بمقر إداري سري للجوانب العسكرية في البرنامج الإيراني. وكشف المجلس عن المزيد من المعلومات عام 2008، وقال إن الموقع في ضاحية داخل طهران بالقرب من الجامعة ليعطيه غطاء أكاديميا، ويطلق عليه موجده. ويقول محمد محدثين، وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية داخل المجلس لنيويورك تايمز ، إن الكلية «لا تبدو مثل جامعة». وأضاف أنها بدلا من ذلك تبدو «مركزا لأبحاث وتطوير الأسلحة»، وتعمل بالتعاون مع موقع موجده. ويقول مسؤولون استخباراتيون إن في مرحلة ما وخلال عمله كمخبر سري، قام أميري بزيارة السعودية، ورتبت وكالة الاستخبارات المركزية لإخراجه سرا من البلاد والوصول في النهاية إلى الولايات المتحدة حيث أقام في أريزونا. ومن غير الواضح ما إذا كان أميري حاول إحضار زوجته وطفله معه.

وأقر مسؤولون في الإدارة بأن قرار أميري بالخروج والاختباء والعودة إلى إيران كان مصدر ارتباك كبير ويمثل عقبة محتملة أمام عمليات الانشقاق المستقبلية. ولكن، يمثل الحادث أيضا عنصر ارتباك لإيران. ويقول محللون إنه حتى إذا استقبل استقبال الأبطال، ستنظر الحكومة الإيرانية إليه بعين الشك. وبعد وصول أميري إلى طهران قال إنه لا علاقة به بالبرنامج النووي الإيراني، وإنه كان ضحية لتآمر أميركي من أجل شن «حرب نفسية» على إيران.

وقال أميري إلى الصحافيين إنه عرض عليه 10 ملايين دولار ليقول على «سي إن إن» إنه وصل إلى الولايات المتحدة طالبا اللجوء السياسي. وقال إنه قبيل رحيله إلى إيران عرض عليه 50 مليون دولار، وفرصة لحياة جديدة داخل دول أوروبية يختارها إذا قرر البقاء. وقال أميري: «لا أعتقد أن أي إيراني في مكاني سيبيع كرامته لدولة أخرى بمقابل مالي». ورفض أميري وصف كيف تمكن من إرسال مقاطع فيديو تحت حراسة مسلحة وقال خلالها إنه تعرض للاختطاف. كما لم يجب على أسئلة حول تمكنه في نهاية المطاف من الهروب من مكان اعتقاله.