روسيا: مجلس الدوما يوافق على توسيع صلاحيات أجهزة الاستخبارات

المعارضة ومؤيدو حقوق الإنسان يعارضون المشروع خشية عودة الاعتقالات التعسفية

رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين يلتقي «أوباما الروسي» جوكيم كريم، وهو أول أسود روسي يفوز بمقعد في مجلس محلي بروسيا (أ.ف.ب)
TT

صوت مجلس النواب الروسي (الدوما) أمس، في قراءة ثالثة وأخيرة، على مشروع قانون يوسع سلطات أجهزة الاستخبارات (إف سي بي، أو كيه جي بي سابقا) اقترحه الرئيس ديمتري ميدفيديف وانتقده الليبراليون والمدافعون عن حقوق الإنسان. وهذا القانون، الذي تمت المصادقة عليه بأغلبية 354 صوتا مقابل 96 في مجلس الدوما (النواب)، يسمح للأجهزة الخاصة بتوجيه «تحذيرات» لكل شخص يشتبه في أنه «يوفر الظروف» المواتية لارتكاب جريمة.

وبموجب هذا القانون يمكن أن يتعرض أي شخص أو مؤسسة تعرقل عمل عميل إف سي بي لملاحقة تعرضه لدفع غرامة تتراوح من 500 إلى خمسين ألف روبل (13 إلى 1300 يورو) أو حبسه لمدة أقصاها أسبوعان. وقال ميخائيل امليانوف، المنتمي إلى جناح حزب «روسيا العادلة» (وسط يسار) الذي صوت ضد القانون «إنه قانون مسيء، فهو يدمر الأجواء المعنوية داخل البلاد ويضر بصورة روسيا في الخارج».

في المقابل، دافع زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي فلاديمير جيرينوفسكي القومي المتشدد عن هذا القانون «غير القمعي» الذي يوجه «تحذيرا وديا» للذين يدبرون لارتكاب جرائم. وكانت المعارضة الروسية والمدافعون عن حقوق الإنسان عارضوا بالفعل بشدة مشروع القانون هذا خشية العودة إلى الاعتقالات التعسفية التي كان يمارسها جهاز الكيه جي بي في العهد السوفياتي.

وأدخلت تعديلات على نص القانون بين القراءتين الأولى والثانية حذفت منه بموجبها البنود الأكثر إثارة للجدل مثل تلك التي تجعل التحذيرات ملزمة قضائيا والتي تنص على استدعاء الشخص المعني. كما يتضمن القانون إمكانية الطعن أمام القضاء في الإنذارات خلافا للصيغة الأولى. وأوقف ثلاثة ناشطين من الحزب الديمقراطي (يابلوكو) كانوا يتظاهرون أمام مجلس الدوما احتجاجا على المصادقة على هذا القانون واقتيدوا إلى مركز الشرطة كما أعلن الحزب في بيان.

ودعت المنظمات الرئيسية للدفاع عن حقوق الإنسان الرئيس ميدفيديف، الدارس للقانون الذي وعد بتحديث البلاد، إلى عدم المصادقة على هذا النص، التي قالت إنه ينتهك المبدأ القانوني الذي يفترض أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وأكد الموقعون على رسالة مفتوحة أرسلت الجمعة إلى الكرملين أنه «رغم التصحيحات، التي أخذت في الاعتبار انتقادات الخبراء والمجتمع المدني، فإن مضمون القانون يبقى بالغ الخطورة».

إلا أن رئيس الدولة شدد في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على أن هذا القانون وضع بناء على «أمر مباشر» منه. وقال: «لكل بلد الحق في تحسين تشريعاته بما فيها تلك المتعلقة بالأجهزة الخاصة. وسنفعل ذلك». وترى منظمة «ميموريال» غير الحكومية أن القانون سيكون أداة ضد «المنشقين» كما كانت الحال في الحقبة السوفياتية. وقالت المنظمة «منذ وقت طويل وصلاحيات جهاز إف إس بي في بلدنا تتجاوز كل الحدود المعقولة» داعية ميدفيديف إلى استخدام حقه في الفيتو ضد هذا القانون «الخطير».

وقال زعيم حزب يابلوكو سيرغي ميتروخين أول من أمس الخميس معلقا على هذا القانون «من المستحيل تصور شيء أكثر تعارضا مع سياسة التحديث» واصفا النص بأنه «غير مقبول بالنسبة لدولة حديثة متحضرة». من جانبه اعتبر زعيم حزب «القضية العادلة» اليميني الليبرالي ليونيد غوزمان أن روسيا بهذا القانون تخطو خطوة كبرى «نحو الدولة البوليسية».