الأسد يبحث مع الصدر تشكيل الحكومة العراقية.. ويحذر: التأخير ينعكس سلبا على العراق

التيار الصدري ينفي اتفاقه مع المالكي.. وقيادي في تحالف الحكيم لـ «الشرق الأوسط»: التيار يسير في الطريق الخطأ

الرئيس السوري بشار الأسد لدى لقائه أمس زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في دمشق (رويترز)
TT

اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن التأخير في تشكيل الحكومة ينعكس سلبا على الوضع في العراق، وقال مؤكدا خلال استقباله أمس مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في العراق «إن سورية تدعم بشكل كامل تشكيل حكومة عراقية بأسرع وقت ممكن بما يحقق مصالح الشعب العراقي».

وأعرب الرئيس السوري عن أمله في الوصول إلى «موقف موحد بين القوى السياسية العراقية لتشكيل حكومة وطنية تحقق الأمن والاستقرار للعراق»، مؤكدا أن «التأخير في تشكيل الحكومة ينعكس سلبا على الوضع هناك».

وفي لقاء الأسد مع الصدر، الذي حضره ظهر يوم أمس محمد ناصيف معاون نائب رئيس الجمهورية، ومصطفى يعقوبي معاون الصدر، جرى استعراض «آخر التطورات الجارية على الساحة العراقية خصوصا تلك المتعلقة بتشكيل الحكومة»، بحسب بيان رسمي سوري.

وقال البيان إن الرئيس الأسد أكد دعم سورية الكامل لتشكيل حكومة عراقية بأسرع وقت ممكن بما يحقق مصالح الشعب العراقي، معربا عن أمله في الوصول إلى موقف موحد بين القوى السياسية العراقية لتشكيل حكومة وطنية تحقق الأمن والاستقرار للعراق. وأضاف البيان أن اللقاء تناول «العلاقات الأخوية التي تجمع شعبي البلدين سورية والعراق».

ونقل البيان عن الصدر تعبيره عن «تقدير العراقيين لمواقف سورية التي احتضنت العراقيين منذ بداية الغزو الأميركي على العراق ولا تزال تقف إلى جانب كل أبناء الشعب العراقي وتسعى لتحقيق أمن واستقرار العراق».

وكان التيار الصدري أعلن قيام زعيمه مقتدى الصدر بزيارة إلى دمشق «تلبية لدعوة رسمية وجهها له الرئيس السوري بشار الأسد»، وأن «الزيارة كانت مقررة الشهر الماضي لكنها تأجلت بسبب زيارة الأسد إلى دول أميركا اللاتينية».

وتأتي زيارة مقتدى الصدر إلى دمشق بعد أنباء عن قبول التيار الصدري بتجديد مشروط لولاية ثانية لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، في إطار صفقة لم تكتمل معالمها بعد. إلا أن مصادر عراقية في دمشق شككت في إمكانية إتمام هكذا صفقة، وقالت إن «الحل الوحيد هو في حكومة إنقاذ وطني أحد شروطها إعادة النظر في الدستور، وعدا ذلك لن يكون هناك مخرج للأزمة الحاصلة في تشكيل الحكومة».

كما تأتي زيارة الصدر المفاجئة إلى سورية وسط أنباء عن زيارة مرجحة للمالكي إلى دمشق خلال الأيام القليلة القادمة لإجراء محادثات مع المسؤولين السوريين تتعلق بتشكيل الحكومة العراقية، حسبما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.

وشاب التوتر العلاقات بين الحكومة العراقية وسورية، إثر اتهام بغداد لدمشق بإيواء عناصر بعثية خططت لتفجيرات بغداد الدامية التي شهدتها العام الماضي. وطالبت السلطات العراقية سورية بتسليم مطلوبين إليها من بينهم بعثيون بارزون، إلا أن دمشق رفضت الطلب، وقال مسؤول سوري في حينها «لو أن سورية تسلم المعارضة، لكانت قد سلمت المالكي إلى نظام صدام». وكان المالكي قد قضى سنوات طويلة في سورية أثناء المعارضة.

وفي الوقت الذي أشارت فيه مصادر سورية وعراقية مواكبة لزيارة الصدر إلى دمشق، إلى إبرام اتفاق بين الصدر والمالكي من أجل تسوية بعض الأوضاع العالقة، وأن الاتفاق ينص على أن يحصل التيار الصدري على ثلاث حقائب وزارية ويتم إطلاق سراح معتقلي التيار الصدري وحتى المحكومين بالإعدام منهم، فضلا عن التزام المالكي بانسحاب القوات الأميركية في موعدها عام 2011، بينما يصبح المالكي رئيسا للحكومة العراقية المزمع تشكيلها، نفى قياديون في التيار الصدري تلك الأنباء.

ويعترض الصدريون على التمديد للمالكي لولاية ثانية بسبب «التنكيل» بهم من قبل السلطات العراقية واعتقال عناصر التيار، بل إن الصدر وصف في لقاء مع إحدى القنوات الفضائية المالكي بأنه «كذاب».

وقال بهاء الأعرجي، القيادي في التيار الصدري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مطالب التيار الصدري التي سمعناها بخصوص الإفراج عن المحكومين بالإعدام غير واردة وغير صحيحة، ويعلم الجميع أن المالكي وائتلاف دولة القانون (بزعامة المالكي) لا يملكون الحق في تطبيقها، وإنما يعود الحق إلى مجلس النواب عن طريق إصدار العفو العام».

كما نفى الأعرجي لقاء الصدر بوفد من قائمة المالكي مؤخرا في إيران التي يقيم بها الصدر حاليا من أجل الاتفاق على تشكيل الحكومة. وقال إن الاتفاق مع المالكي «كلام غير صحيح، وإن السيد مقتدى الصدر يريد تشكيل الحكومة على الأراضي العراقية، بالإضافة إلى أنه أوكل الحوارات مع القوائم الفائزة إلى الهيئة السياسية للتيار الصدري».

وأضاف أن ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، يريد إشاعة أمر الاتفاق بين المالكي والصدريين من أجل «إضعاف» الائتلاف الوطني العراقي الذي يضم التيار الصدري والمجلس الأعلى الذي يتزعمه عمار الحكيم، وكذلك من أجل زعزعة أي اتفاق لتشكيل الحكومة خصوصا القائمة العراقية، التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي.

وكان المالكي قد تحالف مع الائتلاف الوطني الذي يقوده الحكيم، غير أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل الحكومة جراء إصرار المالكي على تولي رئاسة الوزراء، بينما رفض ذلك كل من الحكيم والصدر. كما تعثر الاتفاق بين المالكي وقائمة علاوي الفائزة في الانتخابات للسبب نفسه.

وفي الوقت الذي يصر فيه الصدريون على عدم وجود اتفاق مع المالكي، كشف مصدر مطلع داخل الائتلاف الوطني، بزعامة الحكيم، رفض الكشف عن اسمه، أنه كان من المقرر أن تجتمع جميع أطراف الائتلاف الوطني مساء أمس في مكتب الحكيم، بما فيها التيار الصدري.

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الاجتماع سيعقد من أجل توضيح وجهة نظر تلك الأطراف حيال ما أكدته بعض المصادر من أن تقاربا حصل بين ائتلاف المالكي والتيار الصدري».

وأضاف المصدر أن «الائتلاف الوطني يرى أنه يسير في الطريق الصحيح، خاصة بعد أن بين موقفه من عدم قبوله ترشيح المالكي لولاية ثانية عبر رسالة رسمية وقعت عليها جميع أطراف الائتلاف (المجلس الأعلى الإسلامي، التيار الصدري، تيار الإصلاح الوطني، المؤتمر الوطني) تم إرسالها إلى ائتلاف دولة القانون الذي لم يرد عليها إلى الآن».

وأضاف القيادي البارز في الائتلاف الوطني أن «الجميع داخل الائتلاف الوطني لا يريدون التفريط في أي مكون من مكوناته، لكن هناك اعتقادا بأن الصدريين يسيرون في الطريق غير الصحيح، ولن يحصلوا من الآخر على أي شيء، لأن الآخر (المالكي) لا يمتلك المصداقية، وكذلك لعدم قانونية ما يعد به (إطلاق المعتقلين)»، مشيرا إلى أن «الائتلاف الوطني لا يعارض تقارب التيار الصدري مع ائتلاف دولة القانون، لكن في الوقت ذاته يعتبر قرارهم خارجا عن التحالف، خاصة أن الائتلاف الوطني قرر عدم التصويت للمالكي إذا رشح لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة لولاية ثانية».