في سابقة تاريخية: الأميركيون والروس والصينيون يوحدون جهودهم لمجابهة الحرب المعلوماتية

مجموعة من 15 دولة تتفق على صد الهجمات الإلكترونية

TT

في سابقة تاريخية، أعلنت الولايات المتحدة عن عزمها توحيد جهودها لأول مرة مع الصين وروسيا، إضافة إلى 12 دولة أخرى من أوروبا، والشرق الأوسط، وآسيا أفريقيا وأميركا اللاتينية، بهدف الحد من تهديدات الهجمات الموجهة إلى الشبكات الإلكترونية لكل دولة من الدول. وأعلنت الدول الـ15 عن توصلها إلى صيغة لتوصيات موجهة لمجابهة الحرب المعلوماتية الأسبوع الماضي، داخل منظمة الأمم المتحدة.

وتشمل التوصيات التي قدمتها المجموعة إنجاز منظمة الأمم المتحدة لقائمة بضوابط السلوك القويم في الفضاء المعلوماتي، وتبادل المعلومات حول القوانين المعتمدة في كل دولة، والاستراتيجيات المعتمدة فيها في مجالات الأمن المعلوماتي، إضافة إلى تقوية إمكانات الدول الأقل نموا بهدف حماية نظمها الكومبيوترية. وتشكل الحرب المعلوماتية أهم ملامح العصر الرقمي الراهن. وكان ليون بانيتا، مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، قد أشار في تصريح صحافي له الشهر الماضي إلى أن الحرب المعلوماتية واقع موجود، وأنها تهدد شبكات الولايات المتحدة الكهربائية، وربما كل منظومة البلاد المالية. وأضاف أن هذه الحرب قد تشل كل البلاد، ولذا يتوجب الاهتمام بكل جوانب مكافحتها.

وتعتبر الجريمة الإلكترونية والتجسس والتسلل الإلكتروني أهم جوانب الحرب المعلوماتية، إذ تشمل الأولى الاحتيال وسرقة الهويات الشخصية والابتزاز المالي، بينما يشمل الثاني التجسس على الدول والتجسس الصناعي. وعقب روبرت ناك، الخبير في الحرب المعلوماتية في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية، على الاتفاق الدولي الجديد، واعتبره «تغيرا ملموسا في موقف الولايات المتحدة». ونقلت عنه صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أنه يمثل «جزءا من استراتيجية إدارة الرئيس أوباما في نشر التعاون الدبلوماسي مع دول العالم». وقال أحد مسؤولي إدارة الرئيس أوباما الذي اطلع على مداولات المجموعة «إنها خطوة إلى الأمام». وأضاف أن «كان هناك الكثير من جوانب التفاهم حول وجود حاجة دولية لمواجهة هذه الأخطار». وتضم المجموعة الدولية كلا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا واستونيا وروسيا البيضاء والبرازيل والهند وإسرائيل وقطر وإيطاليا وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا.

وتحتل الحرب المعلوماتية أولويات عدد من الدول رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بها، فقد أبلغ ليام فوكس، وزير الدفاع البريطاني، الأسبوع الماضي هيئة من خبراء مركز «تشاتهام هاوس» للدراسات الاستراتيجية في لندن، بأن بريطانيا قد تلجأ إلى تقليص استثمارات في تمويل القوات التقليدية بهدف تعزيز جوانب مجابهة الحرب المعلوماتية. ونقلت مجلة «جينز» البريطانية لشؤون الدفاع عن فوكس قوله إن «الحرب المعلوماتية تشكل، من دون أي شك، تهديدا كبيرا وينبغي علينا الاستثمار في هذا الميدان». وأضاف أن «موازنة الدفاع المقبلة ستضم بندا منفصلا يخصص للقدرات المعلوماتية».

وفي أوتاوا، حذر خبراء كنديون في شؤون الأمن المعلوماتي من عدم وجود خطة وطنية في كندا لمجابهة الحرب المعلوماتية. وطالبوا بوضع استراتيجية مماثلة لتلك التي وضعها الرئيس الأميركي أوباما، وتعيين منسق لأغراض الأمن المعلوماتي. وأشاروا إلى أن مركز الاستجابات لحوادث أمن المعلومات الكندي، الذي أسس عام 2005، لم يصمم إلا لمكافحة الثغرات في النظم والشبكات الإلكترونية.

وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة الـ15 دولة هذه، كانت قد أخفقت عند لقائها الأخير عام 2005، في إيجاد أرضية مشتركة بين أعضائها. إلا أنها توصلت هذه المرة إلى صيغة نص توافقي، استبعدت منه المواضيع الخلافية.

وخلال العقد الماضي ركزت الولايات المتحدة كل جهودها على العمل مع حلفائها في الفضاء المعلوماتي حول العالم لمكافحة الجريمة على الإنترنت. وهذا ما أدى إلى تجنب المسائل الأكثر أهمية، مثل تدخلات الدول، أو مسؤوليتها في الاختراقات الإلكترونية للنظم الكومبيوترية.

وكانت روسيا قد تقدمت بمقترح عام 1998 بوضع معاهدة تحظر استخدام الفضاء المعلوماتي للأغراض العسكرية. إلا أن الولايات المتحدة لم تكن ترغب أبدا في الموافقة على ذلك المقترح، وذلك لأن صعوبة تحديد الهجمات تجعل من الصعب مراقبة التنفيذ.