السجن المؤبد لبلعيرج و10 سنوات بحق 5 معتقلين سياسيين

المعتصم الأمين العام لحزب محظور احتج على تشبيهه بالحوثيين

TT

أيدت محكمة الاستئناف المغربية، فجر أمس، الحكم بالسجن المؤبد ضد عبد القادر بلعيرج، بعد جلسات ماراثونية، وهو المتهم الرئيسي في القضية التي عرفت باسم «خلية بلعيرج» الإرهابية، التي وجهت لها تهمة العمل على قلب نظام الحكم في المغرب والارتباط مع منظمات إرهابية مثل «القاعدة» وجماعة أبو نضال، وكذا مع حزب الله اللبناني. وأصدرت محكمة الاستئناف في سلا (مجاورة للرباط) المختصة بقضايا الإرهاب حكما بتخفيض الأحكام الصادرة في المرحلة الابتدائية ضد خمسة معتقلين سياسيين مع بلعيرج إلى عشر سنوات سجنا نافذة بدلا من 25 سنة، وشمل ذلك مصطفى المعتصم الأمين العام لحزب «البديل الحضاري» المحظور، ونائبه في الحزب محمد أمين الركالة، ومحمد المرواني الأمين العام لحزب «الحركة من أجل الأمة»، وعشر سنوات سجنا نافذة في حق ماء العينين العبادلة عضو حزب العدالة والتنمية وعبد الحفيظ السريتي مراسل قناة المنار اللبنانية، بدلا من 20 سنة سجنا.

كما استفاد من تخفيض العقوبة صلاح شقيق عبد القادر بلعيرج من ثماني سنوات إلى خمس سنوات، وأيدت المحكمة باقي الأحكام الابتدائية الصادرة ضد باقي المتهمين. وأعلن رئيس الجلسة الأحكام القضائية بصوت خفيض، وسط احتجاجات عائلات المعتقلين التي منعت من دخول القاعة، لتنزل الأحكام كالصاعقة على المتهمين وعائلاتهم، خصوصا عبد الله الرماش الذي أصيب بنوبة هستيرية جعلته غير قادر على مغادرة القاعة وأعقب ذلك صراخ وبكاء وعويل، وترديد عبارات غاضبة ضد الأحكام أعقبتها وقفة احتجاجية أمام المحكمة. وتعليقا على الأحكام، قال عبد الرحمان بن عمرو لـ«الشرق الأوسط» إن الحكم فاجأ هيئة الدفاع، لأنه لم يكن قانونيا من الناحية الواقعية. وقالت مصادر الدفاع إنهم يعتقدون أن القضية بدأت سياسية ويتوقعون أن تنتهي سياسية بصدور عفو ملكي. ومنع رئيس الجلسة كلا من المرواني والسريتي وماء العينين العبادلة ومحمد الركالة من الحديث حول ما نسب إليهم، كما ينص على ذلك القانون، قبل أن تشرع هيئة المحكمة في المداولة، بحجة تجاوز المعتصم الوقت المسموح به خلال حديثه الذي غلب عليه الطابع السياسي.

وسلم المعتصم رئيس الجلسة ورقة تتضمن اسم شخصية قال إنها هي من تفبرك مثل هذه القضايا، ورفضت هيئة الدفاع التي اطلعت على الاسم الكشف عنه بمبرر السر المهني، وانتقد المعتصم النيابة العامة، وقال إنها أساءت إليه عندما اتهمته بأنه «سلفي وإرهابي» وشبهته بـ«الحوثيين»، وقال إنه ألقى محاضرة في العاصمة الإيرانية طهران دافع فيها عن العهد الجديد الذي يعرفه المغرب، معتبرا تهمة قلب نظام الحكم إهانة للنظام والشعب المغربي ومؤسسات الدولة، مؤكدا أنه لم ولن يجمل السلاح ضد النظام. من جهته، قال بلعيرج في كلمته الأخيرة إن جرائم القتل التي اتهم بارتكابها في بلجيكا لو كانت صحيحة لتابعته السلطات البلجيكية، وإن بعض المحاضر التي قدم فيها اعترافات أمام الشرطة القضائية اختفت من الملف، منتقدا ممثل النيابة العامة لأنه صرح بأن اغتيال اليهودي صاحب محل الأعشاب الطبية في بلجيكا كان برصاصة في الرأس، في حين يوضح تقرير الطب الشرعي البلجيكي أنه قتل برصاصتين، كما أوضح بلعيرج أن «الحركة الثورية الإسلامية» التي اتهم بالانتساب إليها هي مجرد نشرة وليست تنظيما، وضبطت لدى شخص عام 1981 وفيها اسمه.

وشهدت جلسة أول من أمس ترافع المحامين عبد الرحيم الجامعي وعبد الرحيم بن بركة ومصطفى الرميد. وفي هذا الصدد، قال بن بركة إن التهم المنسوبة إلى المعتقلين السياسيين الخمسة سقطت بالعفو، لأن النيابة تتحدث عن وقائع تعود إلى ما قبل 1994. وفي السياق نفسه، قدم مصطفى الرميد حكما صادرا عن محكمة مغربية يقضي بعدم متابعة متهم أدين عام 1981 لانتمائه إلى تنظيم الشبيبة الإسلامية المنحل واعتقل عام 2004. وانتقد عبد الرحيم الجامعي التناقض في محاضر الشرطة وقاضي التحقيق، وتساءل كيف عجزت السلطات البلجيكية عن فك لغز جرائم القتل التي ارتكبت في بلجيكا بعد 20 سنة من التحقيق، في حين كشف المغرب سرها خلال 20 يوما فقط والإعلان عن أن بلعيرج مرتكبها.

وبعد أن رفضت المحكمة الاستماع لكلمة باقي المعتقلين السياسيين، وبعد المداولة قضت بتخفيض عقوبة السجن ضد المعتقلين السياسيين الخمسة وصلاح بلعيرج، وأيدت الحكم الابتدائي في حق باقي المتهمين، وهي المؤبد على عبد القادر بلعيرج، و30 سنة سجنا نافذة في حق محمد اليوسفي ورضوان الخليدي وعبد الصمد بنوح، وعبد الله الرماش، وجمال الباي والحسين بريغيش وعبد اللطيف بختي، و15 سنة في حق المختار لقمان وعبد العالي شغنو، و10 سنوات ضد عبد الرحيم الناضي وعبد الرحيم أبو اللاخا، و8 سنوات ضد مصطفى التهامي، وسمير ليهي وحسن كلام وأحمد خوشياع، و6 سنوات في حق بوشعيب رشدي، و5 سنوات في حق محمد الشعباوي ومحمد لديقي وعادل بنايم ومحمد أزرقي، و3 سنوات في حق عبد العظيم التاقي العمراني وجمال الدين عبد الصمد، وسنتان في حق إبراهيم مايا وعبد اللطيف بوطرواين وحميد نجيبي والعربي شين، وسنة واحدة موقوفة التنفيذ ضد علي السعيدي ومحمد عبروق.