نواب باكستانيون وفضائح الشهادات المزورة

لجنة التعليم العليا فتحت تحقيقا في الموضوع

إحدى جلسات البرلمان الباكسناني
TT

في فضحية وطنية أثارت مزيجا من الغضب والسخرية، يواجه العشرات من أعضاء البرلمان الباكستاني خلال الأشهر الأخيرة اتهامات بحيازة درجات جامعية زائفة.

وفي إحدى الحالات، قامت المحكمة العليا برفع الأهلية عن عضو في البرلمان بسبب حيازته درجة ماجستير زائفة في الدراسات الإسلامية. وخلال جلسة استماع، لم يستطع الرجل ذكر اسم أول سورتين في القرآن، بحسب ما أوردته صحيفة «الفجر» الباكستانية، وأشار تقرير آخر إلى أن عضوا في البرلمان زعم أنه حصل على درجة الماجستير قبل حصوله على درجة البكالوريوس بـ14 عاما. وقد أبدى سياسيون وقاحة واضحة في رفض تهم بالكذب فيما يتعلق بالوفاء بشرط برلماني كان ينص على الحصول على درجة البكالوريوس.

ويقول نواب إسلام ريازاني، الوزير الأول في إقليم بلوشستان والحليف للرئيس آصف علي زرداري: «الدرجة العلمية هي درجة علمية، وسواء كانت حقيقية أم مزورة، فهي درجة علمية. لن تصنع فارقا».

واشتد الغضب الشعبي بشأن أوراق البرلمانيين المزورة، على ضوء تجنب الزعماء السياسيين هنا المسؤولية عن فساد مستشر وتجاوزات قانونية خطيرة أخرى. يشار إلى أن الشرط التعليمي ألغي في 2008.

ولكن، انتهزت وسائل الإعلام الإخبارية هذه القضية، وتمارس ضغوطا كثيرة، ويمكن أن يواجه السياسيون الذين حصلوا على درجات علمية زائفة أو حرفوا بيانات التعليم الخاصة بهم عندما كان الشرط مطبقا محاكمات بتهم الاحتيال أو التزوير.

وتناولت الصحيفة الأكبر في باكستان «جانغ» مقالات حول ذلك في الصفحة الأولى على مدى 5 أيام على التوالي، فيما تناول البرنامج الحواري «حديث العاصمة» الشعبي هذا الموضوع مرتين خلال الأسبوع الجاري.

وتعود المخاوف المرتبطة بالدرجات العلمية الزائفة إلى عام 2008، عندما ظهرت شكوك في صحة شهادة البكالوريوس الخاصة بآصف علي زرداري خلال حملته الانتخابية للفوز بمنصب الرئيس التي كللت بالنجاح. وفي سيرة الرئيس الرسمية، يزعم أنه حاضر في كلية داخل بريطانيا، ولكن لم يتم التثبت من وجودها.

ولكن الشكوك بشأن أوراق الاعتماد انتشرت إلى أجزاء كثيرة من الحكومة. وتنظر المحاكم حاليا في 30 قضية، رفعها سياسيون هزموا في الانتخابات ويتهمون منافسيهم بالاحتيال.

وفي الشهرين الماضيين، طلبت المحكمة العليا والجمعية العامة في البرلمان من هيئة حكومية مكلفة بالتثبت من صحة الدرجات الجامعية – عادة بالنسبة للموظفين المحتملين – فحص الدرجات العلمية التي يزعم أعضاء البرلمان الوطني والبرلمانات الإقليمية الحصول عليها.

وأتمت لجنة التعليم العليا تحقيقها في 183 فقط من 1170 حالة، واكتشفت 37 مخالفا لم تذكر أسماءهم. في حالات لم تنته بعد، قالت اللجنة إنها حصلت على وثائق غير كافية من الجامعات وتنتظر أدلة أخرى. ويشك بعض المحللين في أن عمليات التأخير تهدف إلى تعطيل هذه العملية.

وقد اكتسبت القضايا حساسية خاصة، وحذرت اللجنة أفراد الطاقم من تسريب أي من أسماء المخالفين إلى وسائل الإعلام. ومن النادر أن يصدر مثل هذا التحذير داخل باكستان.

وقال رئيس اللجنة جاويد ليغاري إن الخطوة المقبلة ستكون رفع القضايا ضد المشرعين في محاكم المناطق، وأضاف أنه غير متأكد من التوقيت الذي سيكون لديه فيه أدلة كافية لتسليم كل القضايا إلى المحاكم، ورفع هذه الأسئلة إلى لجنة الانتخابات، التي لم ترد على الهاتف ظهر يوم الجمعة.

ويقول ليغاري إنه إذا أدين السياسيون بتزوير أوراقهم، يمكن أن يواجهوا الحبس لثلاثة أعوام مع نزع أهليتهم من خوض الانتخابات لعشرة أعوام.

وفي خطوة فسرها الكثيرون هنا بأنها ضغط على اللجنة لوقف تحقيقاتها، ألقي القبض على شقيق ليغاري يوم الثلاثاء بتهم فساد. ولم يكن التعليم يوما على قائمة أولويات السياسيين الباكستانيين. وتخصص الميزانية السنوية نحو 2 في المائة إلى التعليم، وهي أقل نسبة وسط دول نامية أخرى في جنوب آسيا.

وقلل وزير التعليم الفيدرالي ساردار آصف أحمد علي من خطورة الدرجات العلمية الزائفة، وقال إن «الممثلين العامين يجب أن لا يعودوا من حيث أتوا لمجرد هذا الخطأ الصغير وحسب».

وقد جعل هذا الموقف السياسيين في مواجهة مع الصحافة، التي لا تزال تورد مزاعم عن سوء استخدام السلطة. ويقول منتقدون إعلاميون إن الصحافيين أوردوا تقارير عن هذه القضية في إطار حرب بالوكالة لصالحهم، وإنهم أعطوا أهمية أكبر لأفراد محددين. ويقولون إن معظم المنابر الإخبارية لم تتطرق إلى قضية أكبر، وهي عجز لجنة الانتخابات عن رقابة هذه التجاوزات على مدار الأعوام.

وقد بدأ السياسيون المحاصَرون هجوما مضادا، وفي 9 يوليو (تموز) مرر مجلس البنجاب بالإجماع قرارا يدين وسائل الإعلام الإخبارية بسبب «دعاية غير مسؤولة»، وطلب منها التوقف عن تناول تقارير «مهينة».

وأدى القرار إلى موجة من الاحتجاجات من جانب الصحافيين في مختلف أنحاء باكستان، وصحب ذلك تغطية مكثفة، وتراجع المجلس عن القرار بعد 4 أيام، ومرر قرارا آخر يثني على وسائل الإعلام الإخبارية ودورها في ترويج الديمقراطية.

* خدمة «نيويورك تايمز»