البشير يرفض وساطة نائبه سلفا كير مع متمردي دارفور

مفاوضات في جوبا حول ترتيبات ما بعد الاستفتاء تبدأ اليوم وتناقش أوضاع الجنوبيين في الشمال

TT

أعلن الرئيس السوداني عمر البشير رفض حكومته وساطة بين الخرطوم ومتمردي دارفور طرحها نائبه الأول رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت.

ونقل المسؤول الصحافي في القصر الجمهوري عن الرئيس عمر البشير رفضه لمبادرة طرحها سلفا كير بين الحكومة ورئيس حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم ورئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور. وأعلن البشير أن الحكومة لا تقبل وساطة الحركة الشعبية بينها وبين الحركات المتمردة في دارفور باعتبار أن الحركة الشعبية جزء من الحكومة. وكان سلفا كير قد أعلن رغبته في التوسط بناء على طلب الوسيط الدولي لسلام دارفور جبريل باسولي.

وجاء موقف الرئيس البشير بعد أن قررت الوساطة القطرية استمرار المفاوضات بين الخرطوم وحركة التحرير والعدالة هذا الأسبوع. وكانت تقارير قد أشارت إلى رغبة الوساطة في تعليق المفاوضات إلى ما بعد عيد الفطر المبارك، بغرض ضم الفصائل الدارفورية الرافضة للمفاوضات، في وقت شدد فيه مبعوثون دوليون في السودان أمس على ضرورة التوصل لاتفاق سلام لدارفور قبل إجراء الاستفتاء لجنوب السودان. ويتخوف المراقبون من انعكاس انفصال الجنوب سلبا على الأوضاع في إقليم دارفور المضطرب.

إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن المؤتمر الوطني سوف يبدأ والحركة الشعبية مفاوضات في مدينة جوبا حول ترتيبات ما بعد استفتاء سكان جنوب السودان. وقالت مصادر مطلعة إن «الأجندة تشمل المواطنة، والأمن، والموارد المالية والاقتصادية والطبيعية، والمعاهدات الدولية والمسائل القانونية». وتقول المصادر إن «القضايا الأربع تشمل تفاصيل تتعلق بالجنسية، وأوضاع الجنوبيين في الشمال والشماليين في الجنوب، وترسيم الحدود والتحرك، والميليشيات المسلحة، وحماية عملية إجراء الاستفتاء، واستفتاء أبيي الغنية بالنفط، والنفط وعوائده، وديون السودان الخارجية، وأصول الدولة، والعملة». ولم تكشف المصادر رؤى الطرفين حول القضايا المعنية، لكنها أشارت إلى ضرورة التوصل لاتفاق حول تقسيم النفط بين الدولتين حال انفصال الجنوب باعتباره منتجا في الجنوب، ويصدر عبر الشمال، وكذلك الجنسية وجواز السفر وطريقة التنقل بين البلدين، وممتلكات الجنوبيين والشماليين؛ كل في الطرف الآخر. واستبعدت المصادر ربط إجراء استفتاء الجنوب بانتهاء ترسيم الحدود.

وكان الشريكان قد وقعا على مذكرة تفاهم في مدينة مكلي الإثيوبية برعاية الاتحاد الأفريقي ولجنة حكماء أفريقيا، ومع التأكيد على ضرورة الحل السوداني حسب اتفاق الشريكين، ورفضهما للتدخل الخارجي، إلا أن مصادر «الشرق الأوسط» أشارت إلى حضور مبعوث الرئيس الأميركي للسودان سكوت غريشن إلى مدينة جوبا، وقالت: «لن يكون بعيدا عن أجواء المفاوضات، حيث يلتقي بالطرفين خلال يومي التفاوض»، وكان غريشن قد وصل إلى الخرطوم يوم الجمعة الماضي وشارك في اجتماع تشاوري دولي حول السودان. وأصدر الاجتماع الدولي التشاوري حول السودان بيانه الختامي، الذي دعا فيه المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إلى تقوية الشراكة بينهما وتقوية التعاون مع الأطراف المعنية بالشأن السوداني لمواجهة التحديات التي تواجه السودان.

وكان مبعوثو الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إلى السودان وممثلو الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي ومجموعة «إيقاد» قد عقدوا اجتماعا في الخرطوم شارك فيه ممثلون لدولتي قطر والنرويج. وبحث الاجتماع السلام في السودان، واستفتاء الجنوب، والأوضاع في إقليم دارفور المضطرب. ونوه البيان الختامي بأن «الفترة المتبقية من اتفاقية السلام الشامل تعتبر قصيرة، وتعد المحك الرئيسي لمستقبل السودان».

وطالب البيان شريكي نيفاشا وكل المهتمين بالشأن السوداني بالاستمرار في دعم عملية التحول الديمقراطي، مبينا أن الاجتماع التشاوري دعا أيضا الأطراف للاستفادة من التجربة الانتخابية التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي، خاصة في ما يتعلق بتوفير الموارد، والتحضير الجيد لإجراء الاستفتاء في جنوب السودان، والمشورة الشعبية في النيل الأزرق، وجنوب كردفان. وأكد البيان على ضرورة التوصل إلى اتفاق بين الشريكين حول القضايا المتبقية في اتفاقية السلام الشامل، مشيرا إلى أن نجاح تنفيذ اتفاقية السلام يعتمد على توفير الموارد الضرورية لإعادة الإعمار والتنمية والوفاء بالتعهدات التي قطعها المجتمع الدولي في هذا الخصوص. وشدد البيان الختامي على أهمية العملية السياسية الشاملة لدارفور التي تخاطب كل القضايا الرئيسية لمواطني دارفور، مشيدا بجهود الوسيط الدولي المشترك جبريل باسولي ودولة قطر في الإشراف على مفاوضات الدوحة.

وأكد المشاركون على ضرورة التوصل إلى اتفاق خلال مفاوضات الدوحة بأسرع ما يمكن قبل إجراء الاستفتاء بالجنوب، ودعا المجتمعون حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان برئاسة عبد الواحد محمد نور للانضمام لمنبر الدوحة، وأعقبت الاجتماعات لقاءات ثنائية شملت المبعوث الأميركي مع مبعوثي الصين وفرنسا وروسيا، ولقاء لمسؤول البعثة الأفريقية والدولية في السودان إبراهيم قمباري مع غريشن.

في غضون ذلك، طالب مستشار الرئيس السوداني للأمن الفريق أول صلاح عبد الله بضرورة قيام استفتاء حر وشفاف يعبر عن إرادة الجنوبيين، محذرا من قيام استفتاء مشكوك في نزاهته يؤدي إلى صراع ومشكلات بين الشمال والجنوب في المستقبل. وبحث عبد الله خلال لقائه غريشن القضايا المتعلقة بتكوين مفوضية الاستفتاء، وأسباب تأخير قيامها والخلاف القائم بين الشريكين حول من يحق له التصويت في الاستفتاء، في حين تعهد غريشن بمخاطبة الجهات ذات الصلة بالاستفتاء مثل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة «يوناميس»، و«مركز كارتر» والجهات ذات الخبرة في المراقبة، للاضطلاع بدورها في مراقبة الاستفتاء.