لقاء مرتقب يجمع علاوي والصدر في دمشق.. وبوادر لتسوية أزمة الحكومة العراقية

«الشرق الأوسط» تحصل على مقترحات «العراقية» لتشكيل الحكومة: طالباني لرئاسة الجمهورية وعلاوي للحكومة وتحالف الحكيم للبرلمان.. ومقرب من المالكي: لا علم لنا

أكراد يشاركون في مراسم تشييع ثلاثة أجانب، أمس، كانوا قد لقوا حتفهم في حريق شب في فندق بمدينة السليمانية مساء الخميس الماضي وأودى بحياة 29 شخصا (أ.ف.ب)
TT

كان من المرتقب أن يعقد أمس أول لقاء من نوعه بين إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، ورجل الدين مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، في دمشق، برعاية سورية للتفاهم حول تشكيل الحكومة العراقية وسط توقعات بأن يؤدي هذا اللقاء إلى حلحلة أزمة تشكيل الحكومة. وجاء ذلك بينما كشف قيادي بارز في تحالف الحكيم عن المقترح الذي تقدمت به قائمة علاوي للتشكيلة الحكومية، وتضمن إسناد رئاسة الوزراء إلى علاوي، وإبقاء مجلس الرئاسة الحالي كما هو، ومنح المجلس الأعلى، بزعامة الحكيم، رئاسة البرلمان.

وتوجه علاوي، أمس، إلى دمشق لتلبية دعوة من الرئيس السوري بشار الأسد، حسبما أشار المصدر عن القائمة العراقية، من غير إضافة أي إيضاحات، متوقعا أن يلتقي الأسد بعلاوي اليوم.

وكان الصدر قد وصل دمشق أول من أمس قادما من إيران التي يقيم فيها حاليا، وجاءت زيارة الصدر وسط تقارير عن تقارب بينه وبين قائمة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، يتضمن قيام المالكي بإطلاق سراح المعتقلين من عناصر التيار الصدري حتى المحكومين منهم بالإعدام وإسناد وزارات سيادية للصدريين مقابل دعم ترشيح المالكي لولاية ثانية. ويشكل إصرار المالكي على التمديد له العقبة الأساسية أمام تشكيل الحكومة الجديدة.

غير أن الاتفاق بين الصدر والمالكي قد يتراجع مع بوادر اتفاق بين القائمة العراقية وتحالف الحكيم، الذي يشكل التيار الصدري أحد أركانه. وبحسب مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» فإن لقاء علاوي والصدر المرتقب في دمشق سيتم برعاية ووساطة سورية من أجل الإسراع بتشكيل الحكومة العراقية، وأن لقاءهما خطط له أن يعقد في سورية وليس في إيران، حيث يقيم الصدر، لحساسية الأمر، كما لم يعقد في العراق، بسبب الموقف المتشنج بين الحكومة العراقية والصدر.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد التقى الصدر أول من أمس وحث على تشكيل الحكومة، يأتي ذلك بينما تتزايد الضغوط على القادة العراقيين مع بدء العد التنازلي لعقد جلسة البرلمان المقررة بعد 10 أيام التي يجب أن يحسم خلالها تسمية الرئاسات الثلاث، الجمهورية والوزراء والبرلمان.

وفي سياق متصل كشف قيادي بارز في تحالف الحكيم عن المقترح الذي تقدمت به قائمة علاوي للتشكيلة الحكومية.

وقال القيادي في ائتلاف الحكيم لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس، إن «ائتلاف العراقية تقدم بمقترحات حول تسمية الرئاسات وبعض المناصب السيادية المهمة في الحكومة المقبلة، ونحن بصدد دراسة هذه المقترحات التي تم تسليم نسخة منها أول من أمس للتيار الصدري أيضا».

وتمكنت «الشرق الأوسط» من الحصول على الأسماء المقترحة للرئاسات الثلاث، والمناصب السيادية المهمة في تشكيلة الحكومة المقبلة، حسبما وردت في مقترح ائتلاف العراقية، واعتمادا على تصريحات مصدر في لجنة المفاوضات عن الائتلاف الوطني العراقي، الذي أشار إلى أن «هذه الأسماء ستبقى من وجهة نظرنا مجرد مقترحات جدية يجب دراستها والتداول حولها».

وكشف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه «بسبب سرية الأسماء والمقترحات»، عن أن «ائتلاف العراقية الذي يقترح تشكيل حكومة شراكة وطنية برئاسة علاوي، أورد في مقترحاته للخروج من الأزمة السياسية التي يمر بها العراق، تسمية جلال طالباني، رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني رئيسا للجمهورية، اعتمادا على ترشيح التحالف الكردستاني، وأن يبقى كل من الدكتور عادل عبد المهدي، من المجلس الأعلى الإسلامي، وطارق الهاشمي، من العراقية، نائبين لرئيس الجمهورية، وهمام حمودي، من المجلس الأعلى الإسلامي، رئيسا لمجلس النواب (البرلمان) العراقي، وأن يتم إسناد رئاسة المجلس الاتحادي إما لجبهة التوافق العراقية التي يتزعمها إياد السامرائي رئيس البرلمان السابق، أو لوحدة العراق التي يتزعمها جواد البولاني وزير الداخلية»، وبحسب المصدر، فإن المجلس الاتحادي، سيكون رابع سلطة سيادية في البلاد وسيضم ممثلين عن المحافظات العراقية وله حق نقض قرارات البرلمان، وأن رئيسه سيعين من الآن أما أعضاؤه ففي وقت لاحق، مشيرا إلى أن المنصب مخصص للعرب السنة وأنه بمثابة «مجلس الشيوخ».

وأضاف المصدر قائلا «إن المقترحات وزعت المناصب السيادية على جميع المكونات والكيانات السياسية، بحيث أعطت للتحالف الكردستاني وزارتي المالية والدفاع بدلا عن الخارجية، واقترحت إسناد منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات للدكتور قصي السهيل، من التيار الصدري، واقترحت الدكتور أحمد الجلبي (القيادي في تحالف الحكيم) رئيسا لمجلس الطاقة، والدكتور رافع العيساوي (كبير مفاوضي القائمة العراقية) وزيرا للخارجية، وأسامة النجيفي (القيادي في العراقية) نائبا لرئيس الوزراء، والدكتور إبراهيم الجعفري (زعيم تيار الإصلاح المنضوي ضمن تحالف الحكيم) رئيسا لمجلس الأمن القومي، حيث سيتم تشكيل هذا المجلس بقانون يصدر لاحقا»، كما أشار إلى منح التيار الصدري عددا من الوزارات الخدمية. وقال المصدر إن «هناك بوادر تقدم في الحوارات بين ائتلافنا والعراقية بناء على هذه المقترحات»، مشيرا إلى أن «بقية الحقائب الوزارية سيتم إسنادها إلى الكتل الأخرى وحسب استحقاقاتها الانتخابية، إذ أن الكتل الفائزة في الانتخابات مصرة بقوة على مشاركة الجميع في الحكومة المقبلة».

وقد ترضي هذه التشكيلة جميع الأطراف لا سيما الأكراد مع إصرارهم على رئاسة الجمهورية، غير أنها قد تعني تحول المالكي إلى خانة المعارضة. وعبر المصدر عن اعتقاده بأهمية «مشاركة ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، وأن هناك مناصب مخصصة لهم إذا قرروا المشاركة وإذا تقبل المالكي فكرة ترك منصب رئاسة الحكومة وعدم الترشيح لرئاسة الوزارة المقبلة، أو ربما يفكرون (دولة القانون) في الجلوس على مقاعد المعارضة الإيجابية في البرلمان».

وكشف المصدر عن أن هناك «ما يقرب من 60 عضوا في البرلمان عن دولة القانون (من غير حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي) سوف يلتحقون بتشكيلات الحكومة المقبلة إذا ما تم التحالف بين العراقية والائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني، وهؤلاء يرفضون البقاء ضمن دولة القانون وكمعارضة بسبب تمسك المالكي بمنصب رئاسة الحكومة»، معبرا عن اعتقاده بتعرض «حزب الدعوة لانشقاق آخر إذا ما رفض المشاركة في الحكومة، ذلك لأن حزب المالكي يستمد قوته من بقائه في السلطة».

وفي أول ردة فعل على لقاء علاوي والصدر، والمقترحات التي تقدمت بها العراقية إلى الائتلاف الوطني، أكد علي الأديب، نائب الأمين العام لحزب الدعوة الذي يترأسه المالكي، والقيادي في ائتلاف دولة القانون عدم معرفته بهذا اللقاء، وقال: «هذه هي المرة الأولى التي أسمع منكم بها عن هذا اللقاء»، مستطردا بقوله «نحن أصلا لم نكن نعرف بزيارة السيد مقتدى الصدر إلى دمشق وسمعنا عن هذه الزيارة ولقائه بالرئيس بشار الأسد من الأخبار».

وفي إجابته عن سبب عدم التنسيق بينهم وبين التيار الصدري وعدم معرفتهم بزيارة زعيم التيار إلى دمشق في الوقت الذي يفترض بأنهم حلفاؤه في التحالف الوطني، قال الأديب: «لا نعرف، لم نكن نعرف لا بلقاء الصدر مع الأسد، ولا بلقاء علاوي والصدر». وشكك في إمكانية أن يتوصل كل من علاوي والصدر إلى نتائج في لقائهما المرتقب بصدد تشكيل الحكومة. وعلق الأديب على مقترحات العراقية للتشكيلة الحكومية قائلا: «لا علم لنا على الإطلاق بهذه المقترحات، وأيضا أنا أسمع عنها للمرة الأولى، وهذه افتراضيات استباقية؛ إذ يجب أولا معرفة من هي الكتلة النيابية الأكبر دستوريا ومن سيكلف بتشكيل الحكومة»، منوها إلى أن «كتلة التحالف الوطني حتى الآن هي الأكبر وليست العراقية وبالتالي فالتحالف من سيشكل الحكومة».