الصومال: جماعة إسلامية مسلحة تسعى للإعلان عن إمارة إسلامية في شرق البلاد

إقليم بونت يعد قواته لصد هجماتهم وإنشاء محاكم خاصة بقضايا الإرهاب والقرصنة

مسلحون صوماليون من حركة الشباب (أ.ب)
TT

انفجرت أزمة بين حكومة إقليم بونت بشمال شرقي الصومال، ومسلحين إسلاميين يقودهم متشدد يدعى محمد سعيد أتم، يريد تأسيس إمارة إسلامية في المنطقة. وورد اسم أتم في لائحة الشخصيات الصومالية التي جمدت واشنطن أرصدتهم مؤخرا، ويتزعم ميلشيا مسلحة تتحصن في جبال ومرتفعات منطقة غال غالا بأقصى شرق الصومال.

وأفادت مصادر أمنية في إقليم بونت بأن هذا القيادي المتشدد على وشك الإعلان عن هذه الإمارة الإسلامية، وكان الرجل يجمع منذ سنوات مسلحين إسلاميين متشددين في جبال ومرتفعات منطقة غال غالا التي تعد منطقة ذات أهمية كبيرة باعتبارها منطقة جبلية وعرة المسالك، لا يمكن الوصول إليها بسهولة، إلا عن طريق المواصلات البدائية.

وقالت المصادر الأمنية أيضا إن محاولات هذه الجماعة المتشددة لإقامة إمارة إسلامية في جبال شمال الصومال يعني نقلة نوعية لنشاط الإسلاميين إلى شمال الصومال، التي كانت تتمتع باستقرار نسبي مقارنة بالأقاليم الوسطى والجنوبية من البلاد. وقد قام مسلحو هذه الجماعة برفع الرايات السوداء التي تشتهر بها حركة الشباب المجاهدين في القرى الريفية على طول جبال ومرتفعات غال غالا، مما أغضب سلطات إقليم بونت. ومنذ فترة كانت جماعة سعيد أتم تُتهم بأنها ذراع لحركة الشباب وتنظيمات إسلامية أخرى مسلحة أخرى في تلك المنطقة، لكنه ليس هناك ما يؤكد بوجود صلات بين هذه الجماعة وبين التنظيمات الصومالية الأخرى مثل شباب المجاهدين.

وكان زعيم هذه الجماعة المسلحة قد ورد أيضا في لائحة المتهمين بانتهاك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على الصومال في عام 1992. وقالت هيئة لمراقبة الأسلحة تابعة للأمم المتحدة شكلت لمراقبة انتهاكات هذا الحظر في تقريرها الأخير إن سعيد أتم «أدخل كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة إلى الصومال عن طريق اليمن»، كما يتهم بأنه يزود مقاتلي حركة الشباب التي تحارب من أجل الإطاحة بالحكومة الصومالية بالأسلحة، وكان زعيم هذه الجماعة المتشددة يمارس منذ سنوات تهريب الأسلحة والبشر بطريقة غير مشروعة ما بين اليمن والصومال. وله ميليشيات مسلحة لا يعرف عددها الحقيقي بدقة، تتحصن في مرتفعات جبال غال غالا، وهي منطقة جبلية وعرة تقع شرق مدينة بوصاصو.

وتعد جماعة سعيد أتم أكبر جماعة مسلحة في شمال الصومال، وكانت تحلم منذ فترة بإقامة إمارة إسلامية في شمال البلاد، وكانت تتهم أيضا بأنها على علاقة قوية مع عصابات القرصنة التي تنشط في سواحل الصومال وخليج عدن، كما أن لها علاقات أخرى مع جماعات تهريب البشر، لكنه لا يعرف على وجه التحديد طبيعة العلاقة بين هذه الجماعة وحركة الشباب المجاهدين التي تحارب ضد الحكومة الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي في العاصمة مقديشو والأقاليم الجنوبية من البلاد.

وقال وزير الأمن في حكومة إقليم بونت الجنرال يوسف أحمد خيري إن حكومته تستعد لشن حملة أمنية واسعة ضد ميليشيات سعيد أتم التي تتحصن في مرتفعات غال غالا. وأضاف: «جهزت الحكومة مئات من قوات الشرطة وقوات الدراويش وقوات مكافحة الإرهاب المعروفة باسم (بي اي اس) للهجوم على مخابئ المتشددين في جبال غال غالا».

وكانت حكومة الإقليم قد أعلنت لأول مرة الأسبوع الماضي عن إنشاء أول محكمة خاصة بقضايا الإرهاب والقرصنة، كما أقرت قانونا جديدا لمكافحة الإرهاب، وقال الجنرال يوسف خيري وزير الأمن في حكومة بونت: «هذه المحكمة الجديدة ستنظر قضايا الإرهاب والقرصنة فقط». وأكد خيري أن الهدف من إنشاء هذه المحكمة وإقرار قانون مكافحة القرصنة جزء من استراتيجية جديدة اتخذتها حكومة بونت لمحاربة الجماعات المتطرفة في المنطقة. ومن المقرر أن يصادق البرلمان المحلي للإقليم على إنشاء هذه المحكمة.

وتعد المنطقة التي تختبئ فيها جماعة سعيد أتم المتشددة - التي تخطط حاليا لتأسيس إمارة إسلامية - منطقة يعطيها الإسلاميون المسلحون في الصومال أهمية خاصة للاستيلاء عليها، كونها بيئة ملائمة لتدريب المقاتلين، كما أن لها أهمية استراتيجية أخرى، لكونها تطل على خليج عدن عند منطقة رأس غردفوي، أقصى نقطة في شمال شرقي الصومال. وقد تعرضت المنطقة لغارات جوية أميركية استهدفت معاقل الإسلاميين المسلحين هناك. وقصفت سفن حربية وطائرات أميركية هذه المنطقة في يونيو (حزيران) عام 2007 مستهدفة مخابئ المسلحين الإسلاميين هناك، وقتل في تلك الغارات عدد من المسلحين الإسلاميين.