واشنطن تدعم محاكمة 4 أفغان من عائلة واحدة خبراء في تصنيع المتفجرات

ضمن جهود نقل السجون إلى السيطرة الأفغانية

TT

سأل قاضي المنصة الله أن يغفر له إن كان قراره غير صائب، ثم تلا حكمه ضد 4 أفغان من عائلة واحدة متهمين بتصنيع المتفجرات. وحكم بالسجن 10 أعوام لأخوين، والسجن لمدد أقل للاثنين الآخرين اللذين قضيا تلك المدد بالفعل.

وأثار هذا الحكم ثورة داخل قاعة المحكمة، الموجودة في مركز اعتقال باروان الذي تديره القوات الأميركية، واحتج ممثلو الادعاء باعتباره مخففا للغاية، بينما اعترض محامو الدفاع واعتبروه حكما بالغ القسوة، وقال أحد المتهمين، مرسي غول، إنه لم يسمح له الاطلاع على الأدلة المقدمة ضده. وحاول الحرس الموجود تهدئة الجميع.

وفي الغرفة المجاورة، أطلق المحامون العسكريون والضباط الأميركيون، الذين قاموا برعاية هذه المحاكمة وكانوا يرقبون وقائعها عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، تنهيدة ارتياح، فقد تمت المحاكمة كأحسن ما يتوقعون من هذه المحاكمة الأولى من نوعها.ومنذ عدة أشهر، يحاول هؤلاء الأميركيون مساعدة الحكومة الأفغانية إقامة محاكمات داخل معتقل باروان وذلك في إطار جهود تهدف إلى نقل معتقلي السجن إلى السيطرة الأفغانية.

وتعتبر هذه المحاكمة البداية لفترة مربكة يطبق فيها نظامان قانونيان مختلفان بالتوازي داخل مركز اعتقال باروان: القانون الأفغاني والقانون الأميركي.

وطبقا للقانون الأميركي، فإن المعتقلين الذين تم اعتقالهم بواسطة القوات الأميركية، التي غالبا ما تعمل بجانب القوات الأفغانية، يمكن اعتقالهم لمدد غير محددة من دون توجيه اتهام لهم أو محاكمتهم. ويتم النظر في قضياهم بشكل دوري بواسطة لجنة استماع إدارية كل أعضائها ضباط بالقوات الأميركية، على أن تكون أول مرة لدى وصولهم إلى باروان ثم بعد ذلك كل 6 أشهر لتحديد ما إذا كان يجب استمرار اعتقالهم أو إطلاق سراحهم أو إحالتهم إلى المحاكمة أمام محاكم أفغانية.

ووفقا للقانون الأفغاني، يحاكم المعتقلون، وإذا تمت إدانتهم يتم سجنهم في أحد السجون الأفغانية. ويتم حاليا بناء عدد من غرف الاحتجاز الجديدة في معتقل باروان، وستكون هذه الغرف تحت السيطرة الأفغانية الكاملة، ويمكن سجن المتهمين الذين تصدر ضدهم أحكام هناك. وقد تم في السابق إحالة عدد قليل من معتقلي باروان للمحاكمة والاعتقال في سجن أفغاني، ولكن هذه الحالات لم تكن جزءا من خطة شاملة لنقل السلطة إلى الجانب الأفغاني.

وقد بذل الجيش الأميركي جهدا كبيرا لتقديم محاكمة صانعي القنابل كمثال على عملية نقل السلطة، وذلك من خلال دعوة وسائل الإعلام الأفغانية والغربية للحضور، إلا أن حكم القضاة اعتمد إلى حد كبير على تقرير الطب الشرعي الذي أعده مختصون أميركيون، وبصورة مجملة سيكون للأميركيين دور كبير في اتخاذ قرارات نقل المعتقلين. وحتى الآن، فقد حدد المسؤولون الأفغان والأميركيون قضايا 110 معتقلين أفغانيين لإحالتهم للمحاكمة.

ويوجد الآن نحو 850 شخصا محتجزين في باروان؛ جميعهم أفغان باستثناء نحو 30 من الأجانب، وتقل مدد اعتقال معظمهم عن سنتين، باستثناء نحو 100 احتجزوا لفترة أطول، ونحو 20 تتجاوز مدد اعتقالهم 4 سنوات.

وتعكس المحاكمة الأخيرة تطور نظرة الجيش الأميركي إلى سياسة الاعتقال، فعلى الرغم من أن المسؤولين العسكريين يعتقدون أن الولايات المتحدة يمكن أن تستمر من الناحية القانونية في اعتقال الأفغان وفقا لقانون الحرب، فإنها رأت أن الاحتجاز طويل الأجل يخلق الكثير من المشكلات، بما في ذلك الاستياء المتزايد بين السكان المحليين الذين تحاول القوات الأميركية كسب ودهم. ويستهدف أن يتجاوز عدد المحاكمات الأفغانية جلسات الاستماع العسكرية الأميركية الإدارية بحلول العام المقبل، وهو هدف طموح بالنظر إلى أنه حتى الآن لم تعقد سوى محاكمة واحدة في مقابل ما يقرب من 1000 جلسة استماع.

ويعلق برجيدير جنرال مارك مارتنز، نائب قائد فريق المهام رقم 435، الذي يملك سلطة الفصل القانوني في معتقلي القوات الأميركية: «الاعتقال الأكثر دواما هو الذي يتم بناء على القانون الجنائي الأفغاني».

ويأمل الأميركيون تعزيز النظام القضائي الأفغاني لكي يمكن التوسع في مثل هذه المحاكمات. ويشير محامون عسكريون أميركيون إلى أن العمل جار لبناء مقر للمحكمة ومجمع سكني للقضاة والمحامين داخل مركز الاعتقال لجعلهم أقل عرضة للفساد والتهديدات عما لو عملوا داخل المحاكم الأفغانية العادية.

وقد تم إنشاء مركز اعتقال باروان ليحل محل معتقل باغرام سيئ السمعة، حيث فقد معتقلون أفغانيون حياتهما أثناء وجودهم به ويوجه إلى العاملين به اتهامات بسوء معاملة المعتقلين. ويقع معتقل باروان بالقرب من معتقل باغرام ولكنهما منفصلان تماما. ويعلق جوناثان هوروتز، محلل الاعتقال بمعهد «أوبن سوسيتي»، وهي منظمة مهتمة بالسياسات العامة وحقوق الإنسان، على المحاكمة قائلا: «بطريقة ما، فإن الجيش الأميركي يبدأ اليوم في عمل ما كان يتعين عليه القيام به منذ سنوات، بالسماح للأفغان المعتقلين على أرض أفغانية أن يخضعوا للقانون الأفغاني». إلا أن هوروتز أضاف أن الولايات المتحدة ما زالت تعتقل بمفردها مئات الأفغان.ووفقا لمسؤولين بالجيش الأميركي فإن المعتقلين الذين لم يعودوا يمثلون تهديدا للقوات الأميركية يتم إطلاق سراحهم من خلال جلسات الاستماع الإدارية، والتي أفرجت عن 150 معتقلا منذ بداية هذا العام. لكن جلسات الاستماع هذه ليست محاكمات ولا تتم وفقا للقانون الأفغاني.

ويهدف الجيش الأميركي في باروان من هذه الجلسات ليس فقط إلى مراجعة قرارات الاعتقال بل أيضا الاستمرار في استخراج المعلومات الاستخباراتية من المعتقلين. ويوجد في باروان 16 غرفة للتحقيق مزودة بنوافذ من جهة واحدة وكاميرات للسماح للمراقبين بالتأكد من عدم تكرار الانتهاكات التي تمت في الماضي. وتثمر هذه التحقيقات سيلا من المعلومات على مدار 24 ساعة، والتي يمكن فحصها وإرسالها إلى ميدان القتال.

* خدمة «نيويورك تايمز»