الخرطوم تحتج إلى مبعوث أوباما.. وتعتبر مواقف واشنطن بشأن «الجنائية» متناقضة

مساعد البشير: مواقف أميركا تنقصها الأخلاق.. وبايدن: استفتاء جنوب السودان يثير «قلقا مشروعا»

TT

احتجت الحكومة السودانية بشدة أمس إلى مبعوث الإدارة الأميركية إلى السودان، سكوت غرايشن، عن ما سمته بالمواقف المتناقضة في البيت الأبيض، بخصوص قرار المحكمة الجنائية الدولية، بإضافة تهمة الإبادة الجماعية إلى الرئيس عمر البشير.

وقال مساعد الرئيس السوداني الدكتور نافع علي نافع في تصريحات عقب لقائه غرايشن أمس، إنه تحدث مع المبعوث الأميركي حول قضية المحكمة الجنائية وعن موقف الإدارة الأميركية المرتبك التي تتحدث بصراحة عن دعمها لقرار المحكمة، وشدد على أن «هذا الموقف يتناقض مع كل حديث عن محاولة عمل إيجابي لأميركا مع السودان»، وتابع: «معظم الحديث تركز حول هذه القضية»، وأضاف أن الولايات المتحدة ترفض ميثاق المحكمة الجنائية، لحماية جنودها في أفغانستان والعراق، وقال: «حقيقة موقف أميركا من (الجنائية) تنقصها المصداقية والموقف الأخلاقي وإنه يدل على أخلاق الغربيين عامة وليس فيه غرابة ونحن لا نعيره انتباها، لكن إذا تعاملوا معنا إيجابا في تحقيق الاستفتاء فإننا نرحب بذلك».

وقال نافع إن اللقاء بينه وبين غرايشن تطرق إلى قضيتين مهمتين، إحداهما رغبة واشنطن في محاولة مكافحة التصحر عامة وفي دارفور خاصة، وثانيهما قضية استثمار الأموال الدولية وتوظيفها إلى جانب الدور الذي تلعبه أميركا في الاستفتاء. وقال إن غرايشن أثار الدور الأميركي لتطبيق اتفاق السلام والاستفتاء، وتابع: «قلنا له المطلوب الآن من الأسرة الدولية والأمم المتحدة وجميع القوى السياسية بالداخل أن تعمل لكي يكون التصويت وتسجيل الاستفتاء حرا وألا يتأثر بأي تدخل من قوات الحركة الشعبية كما كان الحال في الانتخابات».

وأضاف: «نريد أن تعبر نتيجة الاستفتاء تعبيرا حقيقيا عن رغبة أبناء الجنوب من غير تأثير بأي ضغوط ولا إرهاب أو إغراءات».

وقال: «اتفق معنا غريشن، وأشار إلى الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة بأن يكون الاستفتاء حرا ونزيها»، وأضاف: «واثقون أنه لو كانت هناك حرية لكل جنوبي يدلي بصوته من دون إرهاب أو ضغوط فسيكون الاستفتاء في صالح وحدة السودان»، مناشدا الحركة الشعبية بالتعاون لأن تنفيذ اتفاق السلام يلزم الطرفين؛ المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وقال: «نحن في المؤتمر الوطني نسير في اتجاه تطبيق الاتفاق وفق ما تمليه علينا الإرادة الحرة ولن تصرفنا أي جهة. إننا سنمضي في ذلك».

من جهة أخرى أبلغ مستشار الرئيس السوداني مسؤول ملف دارفور الدكتور غازي صلاح الدين، موفد واشنطن، بالاستراتيجية الجديدة للحكومة لحل أزمة دارفور، التي قال إنها تتركز على العمل في المصالحات الداخلية وتكثيف العمل في مجال التنمية والتأمين لمنح المواطنين فرصة العودة والانخراط في العمل الاقتصادي إلى جانب مسار عملية التفاوض بالدوحة والموقف الأميركي من المحكمة الجنائية. وقال إن الوساطة القطرية ستكشف اليوم عن خريطة العمل للمرحلة المقبلة.

وقال صلاح الدين إن «الحكومة تجدد رفضها لتصريحات الإدارة الأميركية عن المحكمة الجنائية بشأن السودان»، معتبرا أن ما بدر من تصريحات من بعض الأشخاص في الإدارة الأميركية بدعوة الخرطوم إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية أمر مرفوض، وقال: «مرفوض وغير مقبول من جانبنا». وأضاف: «لقد أثرنا هذه القضية للمبعوث الأميركي للسودان سكوت غرايشن، وطلبنا من الإدارة الأميركية إبداء رأي واضح حول مواقفها تجاه السودان، وأوضحنا له أن أميركا ترفض ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، لكنها تريد من السودان التعامل معها، وهذا ما نعتبره استغلالا للمواقف».

وأعلن صلاح الدين عن تبني حكومة بلاده استراتيجية جديدة للتعامل مع قضية دارفور، تركز على جعل السلام أقرب إلى المواطن الدارفوري، وعدم حصر المفاوضات مع الحركات المسلحة فقط، مطالبا بإشراك جميع المجتمعات المدنية والأهلية في عمليات المصالحات القبلية في الإقليم لإنجاح جولات التفاوض لتحقيق سلام دائم في المنطقة. وقال إنه قدم شرحا إلى غرايشن حول الاستراتيجية الجديدة للحكومة في حل قضية دارفور، وأضاف: «نعلن هذه السياسة لكي تكون متاحة ونرحب بأي جهد ومساهمات من المؤسسات والوساطة المشتركة واليوناميد التي يمكن أن تساهم»، معللا: «حتى لا نختزل السلام في المفاوضات مع بعض الحركات المسلحة»، مشيرا إلى أن لقاءه غرايشن تطرق إلى المساهمات الأميركية بشأن مشروعات التنمية الأميركية والعلاقات الثنائية وموقف الإدارة الأميركية من المحكمة الجنائية الدولية، وقال: «طلبنا أن يفرقوا ما بين تحقيق العدل والمحكمة الجنائية الدولية»، وشدد على أن «القرار الأميركي بشأن قرار المحكمة الجنائية الأخير غير مقبول وغير مفهوم وأن أميركا تسعى لاستغلال الجنائية الدولية ضد السودان وهذا يمكن أن يؤثر على العلاقات بين البلدين».

من جهة ثانية، أقر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أمس في حديث لشبكة «إيه بي سي» بأن الاستفتاء على استقلال جنوب السودان المقرر إجراؤه في يناير (كانون الثاني) المقبل يثير «قلقا مشروعا». وقال بايدن إن الولايات المتحدة تعمل «بشكل مستمر» على ضمان ألا يشهد الاستفتاء عمليات تزوير ومخالفات، معترفا في الوقت نفسه بوجود «قلق مشروع».

ومن المقرر أن يختار السودانيون الجنوبيون في يناير المقبل من خلال استفتاء شعبي ما إذا كانوا يريدون الاستقلال أم البقاء ضمن السودان الموحد. وسيجري استفتاء آخر في الوقت نفسه في منطقة أبيي الواقعة على الحدود بين الشمال والجنوب ليقرر سكانها ما إذا كانوا يريدون الانضمام إلى الشمال أو الجنوب. ويعتبر هذان الاستفتاءان حجر الزاوية في اتفاق السلام الشامل الذي تم توقيعه في عام 2005 بين الحكومة السودانية والمتمردين الجنوبيين السابقين الذي أنهى حربا أهلية استمرت 21 عاما.

وقال بايدن: «نبذل كل ما في وسعنا لضمان شرعية ومصداقية هذا الاقتراع». ويأتي تعليق بايدن هذا بعد أن أبدت أكثر من عشرين منظمة غير حكومية الأسبوع الماضي قلقها من تأخر الاستعدادات للاستفتاء، داعية الدول الكبرى إلى التدخل لتجنب عودة الحرب الأهلية.