مصدر فرنسي رسمي لـ«الشرق الأوسط»: باريس تجري اتصالات في محاولة لـ«لجم التدهور»

كوشنير يدعو اللبنانيين إلى تفادي تصعيد الوضع

TT

فيما أعربت مصادر فرنسية رسمية رفيعة المستوى عن «قلقها» للمسار الذي تسلكه الأوضاع في لبنان في بعديها الداخلي والجنوبي، دعا زير خارجية فرنسا برنار كوشنير اللبنانيين إلى تفادي التصعيد والابتعاد عن كل ما من شأنه زيادة توتير الأوضاع.

وقال كوشنير، على هامش مؤتمر صحافي عقده في مقر الخارجية للإعلان عن إطلاق «معاهد فرنسا» عبر العالم للعمل الثقافي والفني والتعليمي، إنه «يتعين على اللبنانيين ألا يشاركوا في زيادة التوترات» التي يشهدها بلدهم، في إشارة منه إلى التوتر الذي شهدته بعض مناطق جنوب لبنان بين قوات اليونيفيل وأهالي بعض القرى، أو بسبب السجالات التي تتناول المحكمة الدولية.

ودافع الوزير الفرنسي عن موقف بلاده إزاء الاتهامات التي تتعرض لها منذ أسابيع مع بقية وحدات اليونيفيل بخصوص تحركاتها العسكرية، بتأكيد أن ما تقوم به «لا يتعدى نطاق تنفيذ القرار 1701» الذي دعا بيان مجلس الأمن الأخير إلى التزام كل الأطراف به. وأشار كوشنير إلى أن «كل ما كانت تقوم به (قوات اليونيفيل ومن ضمنها القوة الفرنسية) لا يتعدى كونه تنفيذ مضمون» القرار المذكور.

وتأتي دعوة كوشنير بعد إشارته إلى أن باريس عبرت مؤخرا عن «مخاوفها» لرئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري، في الوقت الذي لم تعد تتكتم فيه المصادر الفرنسية على «انزعاجها» من الدرب الذي تسلكه التطورات اللبنانية إلى درجة تعتبر أنها «تكاد تخرج عن السيطرة». وكشفت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» أن باريس «تجري سلسلة اتصالات مع الجهات المعنية» للنظر معها في كيفية «لجم الأمور»، لا بل إن هذه المصادر تعتبر أن استهداف اليونيفيل غرضه «إضعاف مناعة وقدرة الدولة اللبنانية على الوقوف في وجه الساعين لفرض تصوراتهم وسياساتهم عليها».

وتبدو باريس «بالغة القلق» من ارتفاع نبرة «السجال السياسي» والتهديدات المبطنة بين عدد من الأطراف اللبنانية، وهي تعتبر أن استهداف الوحدة الفرنسية العاملة في إطار قوة اليونيفيل هو «استهداف عمودها الفقري» بالنظر للدور الذي لعبته فرنسا في إرساء صيغة اليونيفيل المعززة وموقع فرنسا إن بالنسبة للبنان أو للمنطقة. ولذا، فإن الغرض المرجو من استهداف القوة الفرنسية هو «تحييد» اليونيفيل تماما، مما سينعكس ليس فقط على جنوب لبنان ودور الدولة ممثلة في الجيش فيه، بل على كل الدولة اللبنانية.

وتتساءل باريس عن التحركات التي يمكن أن تقوم بها، والتي من شأنها أن تساعد اللبنانيين الذين تعتبرهم «مغلوبين على أمرهم» في كثير من القضايا التي تخص أداء الدولة وتعاطيها مع الأطراف في الداخل أو أطراف الخارج.

وسيعود الوضع اللبناني إلى مجلس الأمن الدولي الشهر المقبل عند النظر في التجديد لليونيفيل التي ترى باريس أنها بين نارين: نار إسرائيل من جهة، التي تتهمها بعدم القيام بالمهمة التي انتدبت لها، وتحديدا منع إعادة تسليح حزب الله وإبقاء منطقة جنوب الليطاني خالية من السلاح، ونار حزب الله الذي يتهمها بالتقصير في منع إسرائيل من انتهاك السيادة اللبنانية بشكل شبه يومي والفشل في تأمين الانسحاب من قرية الغجر.

وحتى الآن، فإن الاتجاه العام يميل للتجديد لليونيفيل بصيغتها الحالية وبقواعد الاشتباك نفسها التي أرسيت في صيف عام 2006. غير أن الأمور ليست جامدة أو مجمدة. والتوجه الفرنسي، ومعه الدولي، هو أنه يتعين أن تكون لليونيفيل القدرة على أداء مهمتها بكل مصداقية. أما إذا وجدت نفسها في وضع تحرم فيه من هذا الأداء، فعندها «لكل حادث حديث».