إيران تؤكد أن أميري نقل إليها معلومات قيمة من داخل المخابرات الأميركية

قالت إنها أدارته ووجهته وأقامت اتصالات معه مطلع 2010 وأنه مدها بمعلومات حول أشخاص ومواقع

مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي خلال خطبة في مشهد في مارس الماضي وقد دعا أمس مسلمي العالم إلى مواجهة ما وصفه بـ«إرهاب» واشنطن ولندن (إ. ب. أ)
TT

في أول إشارة من إيران إلى احتمال أن يكون شهرام أميري عالم الفيزياء النووي، الذي قال إن الاستخبارات الأميركية خطفته العام الماضي خلال أدائه العمرة، عميلا مزدوجا زرعته إيران في الاستخبارات الأميركية كي يجمع معلومات حول حجم ونوعية المعلومات الاستخباراتية التي لدى أميركا فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي، قال مصدر إيراني إن أميري قدم للأجهزة الإيرانية «معلومات قيمة» من داخل أجهزة المخابرات الأميركية خلال العام الذي قضاه في أميركا، موضحا أنه مد إيران ببعض هذه المعلومات بينما كان ما زال على الأراضي الأميركية، فيما مدها بباقي المعلومات بعد عودته. وبحسب المصدر الإيراني الذي تحدث لوكالة «فارس» الإيرانية رافضا الكشف عن هويته فإن إيران «سعت إلى الحصول على معلومات جيدة من داخل وكالة الاستخبارات الأميركية، وخلال وجود أميري في أميركا، تمكنا من إقامة اتصالات معه بداية عام 2010 وحصلنا على معلومات قيمة جدا. لقد أدرنا أميري ووجهناه». وبحسب المصدر الإيراني فإن المعلومات التي قدمها أميري للإيرانيين بعد عودته كشفت عما سماه جماعات إيرانية أخرى تمد أميركا بمعلومات «كاذبة» عن البرنامج النووي الإيراني، مشيرا أيضا إلى أن السلطات الإيرانية قررت أن تنتج فيلما يحكي قصة شهرام أميري منذ خطفه وحتى عودته. ونقلت وكالة «فارس» عمن وصفته بالمصدر العليم قوله إن أميري نقل «معلومات قيمة من المخابرات الأميركية المركزية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية». وقال هذا المصدر إن أميري نقل مثلا رقمين تابعين لسيارات وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) استخدمت عندما كان لا يزال في فرجينيا، كما نقل معلومات عن بعض مواقع الاستخبارات الأميركية، والأشخاص وأساليب التواصل معهم. وقال المصدر لوكالة «فارس»، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، إن إيران «انتصرت في معركة الاستخبارات أمام السي آي إيه». واعتبر المصدر الإيراني عودة أميري إلى إيران «هزيمة نكراء للأجهزة الاستخباراتية والأمنية والإعلامية لأميركا». ووصف القضية بأنها كانت «معركة بين الاستخبارات الأميركية وبيننا، صممت وأديرت من قبل إيران». وتابع: «لقد خططنا لهذه الحرب لتحقيق أهداف معلوماتية مختلفة حيث استطعنا بفضل الله سبحانه أن نحقق كل هذه الأهداف دون أن يحقق منافسنا أي نصر حقيقي في هذا الموضوع». وأضاف قائلا: «إن أحد الانتصارات التي حققها الجانب الإيراني هو اعتراف المسؤولين الأمنيين الأميركيين بذلك». وأضاف: «إننا ومن أجل تنوير أذهان الرأي العام العالمي ووسائل الإعلام التي ترغب في متابعة موضوع خطف المواطن الإيراني شهرام أميري فإننا نذكر رقمين لسيارتين تابعتين لـ(سي آي إيه) الأولى سيارة تويوتا تحمل هذا الرقم XXE60006 والأخرى شيفورليه موديل SUV تحمل رقم XUK6939 والاسم المستعار الذي يطلق عليها هو SPIT FIRE وكلاهما بولاية فيرجينيا». وتابع: «إن المعلومات التي حصلنا عليها من أميري لدى عودته إلى أرض الوطن كان من الصعب الحصول عليها وهو في أميركا وذلك بسبب بعد المسافة والمشاكل الناجمة عن ذلك ولذا فإن ذلك يعتبر نصرا عظيما للغاية». وحول نوع المعلومات التي حصلت عليها إيران قال: «إن هذه المعلومات يمكن تقسيمها إلى عدة أقسام. الأول: أن وكالة السي آي إيه خدعت بالنصابين المحترفين في مجال المعلومات حيث إن بعض المراكز التي كانت تجمع المعلومات لها بشأن البرنامج النووي الإيراني زودتها بمعلومات كاذبة بعد ابتزازها»، وذلك في إشارة إلى منظمات إيرانية معارضة تتعاون مع أميركا فيما يتعلق بتزويدها بمعلومات حول البرنامج النووي الإيراني.

وتابع: «إن هذه المعلومات الخاطئة والكاذبة هي لدينا الآن بشكل كامل، إذ استطاعت المراكز المذكورة وبينها منظمة المنافقين الإرهابية الحصول على أموال طائلة بعد تسليمها معلومات كاذبة». واستطرد قائلا: «لقد استطعنا التوصل إلى المعلومات التي تؤدي إلى إرشادنا عن الأهداف التي تريد أميركا تحقيقها من خلال إكمال السيناريو المضلل لها وبالتالي عرفنا الأشخاص الذين تريد خطفهم وتختلق لهم وثائق مزورة». وذكر المصدر الإيراني أن «وكالة سي آي إيه التي أصرت على مواصلة‌ هذا النهج، قدمت معلومات خاطئة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحتى ممارسة الضغوط عليها لاتخاذ موقف ضد إيران واعتمدت في ذلك على وثائق مزورة، ولذا كانوا يصرون على إعلان أميري أنهم حصلوا على جهاز حاسوب محمول منه»، موضحا أنه «لو كان الأميركيون قد عرفوا أنهم خدعوا لما كانوا يكررون مزاعمهم الكاذبة السابقة»، مشيرا إلى أن لدى إيران كثيرا من الوثائق التي تثبت «وقوع أميركا في شباك النصابين». وتقول أميركا إن أميري ذهب إليها طواعية وتعاون مع الاستخبارات الأميركية ومدها بمعلومات هامة، حتى عندما كان ما زال في إيران. وأوضح مسؤولون أميركيون أن أميري حصل على 5 ملايين دولار مقابل تعاونه، إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأ يتراجع عن تعاونه وطلب العودة لإيران. ويقول المسؤولون الأميركيون إن تراجعه ربما يعود إلى اشتياقه لابنه وأسرته التي ظلت في إيران. وصورت إيران عودة أميري على أنها انتصار للاستخبارات الإيرانية أمام الاستخبارات الأميركية. وتركت ملابسات القصة الغامضة لدى كثيرين شكوكا في أن أميري ربما يكون بالفعل عميلا مزدوجا، وأنه ربما كان مزروعا من الاستخبارات الإيرانية لأهداف محددة. غير أن هناك شكوكا في أنه حتى إذا كان عميلا مزدوجا تمكن من الحصول على معلومات سرية هامة حول عمل الاستخبارات الأميركية. ويرفض المسؤولون الأميركيون الخوض في أي تفاصيل إضافية حول هذا الموضوع. واكتفت الخارجية الأميركية ببيان قالت فيه إن أميري جاء إلى أميركا بمحض رغبته وذهب بمحض رغبته وإنه لم يتعرض لأي ضغط أو إساءة معاملة، وإنه بينما كان حرا في العودة لإيران، فإن 3 محتجزين أميركيين في السجون الإيرانية ما زالوا ممنوعين من العودة لبلدهم. لكن على الرغم من رفض المسؤولين الأميركيين الخوض في تفاصيل إضافية حول الموضوع، فإن مسؤولين يوضحون أن الرواية الإيرانية بها مغالطات وأخطاء، موضحين أنه في العمل الاستخباراتي فإن الضباط والمحققين والعناصر الناشطين في قضية معينة لا يظهرون بهوياتهم الحقيقية ولا يعطون معلومات حول طريقة عملهم أو عمل الاستخبارات، وبالتالي ليس من الواضح بدقة نوعية المعلومات الهامة التي عاد بها أميري لإيران. لكن من ناحية أخرى لوحظ الاهتمام الإيراني الرسمي بعودة أميري، فقد أرسلت السلطات الإيرانية أجهزة الإعلام لتغطية وصوله لمطار الإمام الخميني، كما كان نائب وزير الخارجية الإيرانية في استقباله. وبدا أميري وأسرته في حالة استرخاء. إلى ذلك، وفي خطوة مفاجئة، أعلنت إيران أمس أنها ستجري دراسات علمية لبناء مفاعلات تجريبية للاندماج النووي، وهو تحد علمي معقد لم تتمكن أي دولة حتى الآن من إنجازه.