كيف ستؤثر العقوبات الجديدة ضد إيران على قطاع النفط؟

تأثير الإجراءات الجديدة يتوقف على عدة عوامل ضمنها موقف روسيا من تنفيذها

TT

عطلت العقوبات المفروضة منذ عقود على إيران تطورها الاقتصادي ونمو قطاعها النفطي، أهم قطاع في اقتصادها. وشدد المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة العقوبات مع رفض إيران التخلي عن برنامجها النووي. وبعد صدور قرار عقوبات الأمم المتحدة في الـ10 من يونيو (حزيران) الماضي، أصدر الكونغرس الأميركي عقوبات أحادية الجانب، بينما يستعد الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات أحادية الجانب الأسبوع المقبل.

* ما هي أوجه الاختلاف بين العقوبات الجديدة والعقوبات السابقة؟

- أطلقت أوروبا هجومها الأول على المساعدات الفنية والاستثمار في صناعة النفط الإيرانية. ومن جانبها لا تقيد الولايات المتحدة شركاتها فقط وإنما أيضا العمليات الأميركية للشركات الدولية التي تمد إيران بالوقود. وتفرض الجولة الرابعة من العقوبات التي أقرتها الأمم المتحدة في يونيو إجراءات ضد البنوك الإيرانية الجديدة في الخارج إذا اشتبه في صلتها بالبرنامج النووي أو برنامج للصواريخ، كما تفرض أيضا رقابة على المعاملات مع أي بنوك إيرانية، بما فيها البنك المركزي.

* هل يرجح أن تكون العقوبات الأميركية - الأوروبية الجديدة أكثر تأثيرا من الإجراءات السابقة؟

- يرصد حسين عسكري، أستاذ الأعمال والعلاقات الدولية المتخصص في إيران بجامعة جورج واشنطن في واشنطن، ثلاث نقاط، وذلك في تصريحات لـ«رويترز»:

1 - إنها نسبية. أي أن عقوبات الأمم المتحدة الجديدة ليست قاسية للغاية.

2 - تتبع العقوبات الجديدة إجراء عقابيا يوضح المخاطر التي تواجهها الشركات التي تنتهكها. ووافق بنك «كريدي سويس» على دفع ما يزيد على 500 مليون دولار غرامة بعد انتهاكه عقوبات أميركية على إيران.

3 - سيتم تفتيش السفن. وقال عسكري: «ستكون أكثر حذرا عندما تجري أي معاملات مع إيران».

* كيف تؤثر العقوبات على إمدادات الطاقة إلى إيران؟

- يقول محامون إن العقوبات الجديدة تخضع لتفسيرات متعددة. فبمقتضى قراءة صارمة للقواعد الجديدة لم تزود طائرات إيرانية بالوقود في مطار هامبورغ في ألمانيا، كما أكدت «بي بي» أنها أنهت تعاقدها مع الخطوط الجوية الإيرانية في مطار هامبورغ. ولم تذكر «بي بي» سببا، كما امتنعت عن التعليق عما إذا كانت قد أنهت جميع تعاقداتها مع شركة الطيران الوطنية الإيرانية. وقال محللون إن «بي بي» على وجه الخصوص ستحرص على تفادي أي خلاف جديد مع الولايات المتحدة بعد مشكلة التسرب النفطي الضخم في خليج المكسيك.

* من الذي سيمد إيران بالوقود والتكنولوجيا؟

- رغم أن إيران خامس أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، فإنها تفتقر إلى الطاقة التكريرية الكافية لتلبية احتياجاتها المحلية وتضطر لاستيراد ما يصل إلى 40 في المائة من احتياجاتها من البنزين. ومن المتوقع أن تواصل القوى الصديقة لإيران بيع الوقود إليها. ووضعت روسيا خططا لتعاون دائم في مجال الطاقة مع إيران، وقالت إن العقوبات لن تقف عقبة أمام ذلك. ورغم ذلك حث الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، إيران على توضيح «المكونات العسكرية» في برنامجها النووي. وقال مسعود مير كاظمي، وزير النفط الإيراني، للموقع الإلكتروني لوكالة «الوحدة المركزية» للأنباء الإيرانية في موسكو الأسبوع الماضي: «لن يكون للعقوبات تأثير على قطاع الطاقة الذي يشكل أهمية لجميع الدول. علاقاتنا مع روسيا مبنية على التزامات سابقة ويعتزم البلدان المضي قدما في هذا الاتجاه». وقالت إيران إنها ستضع الشركات الأجنبية التي تتجنب القيام بأنشطة معها بسبب العقوبات في قائمة سوداء. لكن محللين قالوا إنه بعدما أصبحت أوروبا والولايات المتحدة أكثر تشددا الآن فربما تكون الشركات الروسية أكثر حذرا في التعامل مع إيران، حيث لن ترغب في تقويض علاقاتها مع الشركاء التجاريين الأوروبيين. وقال صامويل سيزوك من «آي إتش إس» للاستشارات «السؤال هو هل سترغب الشركات الروسية حقا في القيام بأعمال مع إيران مع الأخذ في الاعتبار كون الشركات لاعبا كبيرا في السوق الأوروبية».

* هل ستؤثر العقوبات على الأسعار العالمية للنفط؟

- لا يتوقع أحد أن توقف إيران إمداداتها إلى المجتمع الدولي في المستقبل القريب، وبخاصة مع وفرة الإمدادات في سوق النفط وقدرة السوق على استيعاب بعض الانقطاع في تدفق الخام. ورغم ذلك فإن العقوبات الجديدة يمكن أن تجعل إمدادات الوقود لإيران أكثر تكلفة لأن طهران مضطرة لأن تدفع أسعارا أعلى لعدد أقل من الموردين في حين أن أي فائض في المعروض الإيراني يمكن أن يزيد التقلب. وقال لورانس إيجل من «جيه بي مورغان»: «إذا قامت إيران ببناء مخزون ثم بيع كمية ضخمة فإن الإمدادات ستأتي في صورة موجات. هذا يمكن أن يزيد من تقلب الأسعار». ويرتفع مخزون النفط الخام الإيراني الموجود في ناقلات في البحر على فترات منتظمة، بينما يرجع جزئيا إلى عوامل موسمية لكونه من أنواع الخام الثقيل الذي يفضل استخدامه في وقود التدفئة في الشتاء. ويمكن أن تؤدي زيادة هذا المخزون البحري إلى تغير في هيكل العقود الآجلة في سوق النفط - حيث تكون الأسعار للتسليم في الأمد القريب أقل نسبيا - وزيادة تكاليف الشحن إذا استعانت بعدد كبير من الناقلات. وهناك أيضا تأثير على أسعار النفط في الأمد البعيد، حيث إن العقوبات الجديدة ستفاقم آثار القيود على التنمية على مدى سنوات ولن يضر ذلك إيران وحدها وإنما أيضا المجتمع الدولي الذي يمكن أن يواجه في نهاية المطاف ارتفاعا في أسعار النفط. وقال سيزوك: «صناعة النفط والغاز الإيرانية لديها مشكلات نظامية لها تأثير على الأمد البعيد».

* ماذا بشأن التحول لعملات بديلة؟

- يمكن أن تلجأ إيران إلى إجراء معاملاتها النفطية بعملات أخرى بدلا من الدولار واليورو.

وكان خصوم أميركا مثل إيران والعراق - تحت حكم صدام حسين - وفنزويلا قد أثاروا في السابق مسألة تسعير النفط بغير الدولار ولكن حتى صدور العقوبات الأوروبية الأخيرة كان ينظر إلى اليورو على أنه بديل طبيعي. وقال مسؤولون إيرانيون إنهم يخشون أن توقف العقوبات الأخيرة التعاملات باليورو وأيضا بالدولار. وقالت مصادر في قطاع النفط ومسؤول إيراني إن إيران تدرس بيع نفطها بعملات أخرى مثل الدرهم الإماراتي واليوان الصيني. وشكك محللون في مدى كون ذلك عمليا كما يرجح أن لا ترحب الإمارات بذلك. ورغم أن العقود الآجلة في أسواق النفط العالمية تقوم بالدولار فإن الأطراف المعنية تستطيع الاتفاق على عملة أخرى في تعاملاتها.

وإذا باعت إيران النفط بالدرهم أو اليوان فإنها لن تضطر بالضرورة إلى تحويلهما بشرط تمكنها من إنفاق هذه المبالغ على شراء سلع من الإمارات أو الصين وهما شريكان تجاريان لها.