استمرار التجاذب حول المحكمة الدولية وقرارها المنتظر

نصر الله بحث مع وهاب الوضع المحلي وآفاق المرحلة المقبلة

TT

تستكمل سياسيا فصول السجال المتوتر حول المحكمة الدولية التي أعادت فرز الصفوف بين قوى 14 آذار المتمسكة بالمحكمة وبمعرفة الحقيقة، وقوى 8 آذار التي أسقطت الشرعية عن المحكمة الدولية وأعلنت المواجهة معها حتى آخر رمق. والجديد المعلن ربط فرقاء الأكثرية قبولهم بالقرار الظني المنتظر صدوره بـ«الدليل القاطع» الذي يجب أن يترافق الكشف عنه مع إعلان القرار، في وقت فتح فيه فرقاء ما كان يُعرف بالمعارضة نيرانهم على ماضي المحكمة وحاضرها وقضاتها وطريقة سير عملها.

وفي هذا الإطار، استكمل أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لقاءاته مع قادة المعارضة، فعرض مع رئيس تيار «التوحيد» وئام وهاب للوضع المحلي والإقليمي، ولآفاق المرحلة المقبلة، في محاولة منه لاحتواء التوتر السائد ودرس الخطوات التالية.

وبين جمهور المتشائمين من المرحلة المقبلة، يطل وزير الصحة محمد جواد خليفة متفائلا، فهو رأى، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «لبنان تعرض في المرحلة الماضية لمجموعة من الفتن ترافقت مع أجواء إقليمية متردية، وتمكن من الخروج منها بسلامة، لذلك بات مجهزا للتصدي لأي فتنة مقبلة». وقال «بتنا نمتلك المناعة الوطنية، كما أن الأجواء الإقليمية الجيدة تبقينا بعيدين عن كل ما يحكى عن سيناريوهات للفتنة. مخطئ من يصور لبنان اليوم بالمشلول الذي ينتظر حربا داخلية». وإذ انتقد خليفة «انغماس المحكمة الدولية في التجاذبات السياسية الداخلية»، دعا قضاتها لاعتماد الأسس العلمية والقانونية لإصدار قراراتهم، وأضاف «الرئيس الحريري واع تماما لما يحضّر، ويعرف كيف يتعامل مع المرحلة، وفي حال استهدفت المقاومة من خلال المحكمة فبالتفاهم والحوار نتخطى الفتنة. فليس المطلوب من أحد تقديم التنازلات، وأي حكم يصدر يجب أن يعتمد على أدلة وبراهين واضحة».

وفي الإطار عينه، شدد وزير العمل بطرس حرب على «وجوب التمسك ببعض المبادئ، وأهمها العدالة الدولية، التي لا نقبل بها إلا إذا كانت عدالة فعلية»، مشددا على أنه «في حال انحراف المحكمة الدولية عن مسارها الصحيح، وتحولها إلى أداة سياسية أو أداة تجريم، فسنكون جميعنا ضدها، وليس فقط حزب الله».

وإذ أكد أنه «لن يقبل أحد منا، لا سيما من أهل الضحايا، أن يصار إلى تزوير التحقيقات وإخفاء القاتل الحقيقي، وهذا الكلام موجه إلى حزب الله وغير حزب الله»، لفت حرب إلى أنه «لا يجوز إسقاط المحكمة الدولية، وإطلاق أحكام قبل صدور القرار الظني».

من جهته، اعتبر رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون أن «قضاة المحكمة يبحثون عمن يستطيعون إلباسه طربوش الجريمة، وليس عمن ارتكب الجريمة»، وذكّر «بكلام المدعي العام دانيال بلمار الذي قال «يمكننا اتهام عدة أشخاص، لكن لا مستندات قانونية لدينا»، متسائلا «هل نحن حيوانات مخبرية يجربون فينا؟»، مضيفا أن «حقيقة الجرائم لا تختفي إلا إذا كان القاتل هو من يحقق».

ودعا عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله «كل جهة لبنانية لتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقها والقيام بواجباتها، لدرء الفتنة التي تطل برأسها لاستهداف لبنان»، معتبرا أن «كل المشهد حاضر أمام الرأي العام الذي يمتلك حرية تقييم المواقف وكيفية العمل لمصلحة لبنان».

ورأى أن «ما أورده بعض نواب المستقبل حيال ما أبلغه رئيس الحكومة سعد الحريري للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن القرار الظني غير صحيح على الإطلاق، وهو ما عكسته ادعاءاتهم في رواياتهم المرتبكة التي لن تجدي نفعا في حرف أنظار الرأي العام عن حقيقة هذا الأمر الذي يعرفه الحريري جيدا، وهو يأتي في سياق معلوماته المؤكدة عن القرار الظني وحيثياته ومواقيته». وإذ استغرب وزير البيئة محمد رحال حديث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن أن رئيس الحكومة سعد الحريري أبلغه بفحوى القرار الظني للمحكمة الدولية، شدد على أن «الحريري وفي اجتماع كتلة المستقبل نفى الموضوع جملة وتفصيلا»، وأكد أنه «لا أحد يعرف مضمون القرار الدولي»، رافضا المساومة على المحكمة، لافتا إلى أنه «لا مجال لقيام صفقات على حسابها، فهي خط أحمر لن نسمح بتخطيه لأنها السبيل الوحيد لملاقاة تضحيات شهداء ثورة الأرز». وتساءل رحال «لماذا أسقط السيد نصر الله من حساباته فرضيات متهمين آخرين وذهب في اتجاه أن حزب الله هو المتهم الوحيد؟»، داعيا إياه لانتظار نتائج التحقيق الرسمية.

وفيما رأى رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان أن «ثمة حضورا إسرائيليا مباشرا ثقيلا ضاغطا في كل مفصل من المفاصل ذات الصلة بالقرار الظني»، معتبرا أن «موقف المحكمة من شهود الزور هو فضيحة الفضائح في تاريخ القضاء في العالم، وهي المرة الأولى في التاريخ التي تقف فيها محكمة موقف الحامي لشهود الزور»، أكد عضو كتلة المستقبل عمار حوري سعي تيار المستقبل لتجنب الفتنة من خلال المنطق والحوار، مشددا على «ضرورة التهدئة في هذا المجال لأن القرار الظني يجب أن يقنعنا جميعا لنعرف القاتل الحقيقي لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري».