نتنياهو: إذا قرر العرب دعم المفاوضات فسيجدونني جاهزا في اليوم التالي

رئيس الوزراء الإسرائيلي: أقنعت العالم بأنني صادق وجاد في توجهي لعملية السلام

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

في الوقت الذي يشكك فيه الإسرائيليون في صدق نواياه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، أنه نجح في إقناع زعماء دول العالم بأنه جاد في توجهه إلى مفاوضات السلام المباشرة مع الفلسطينيين وأنه اتفق مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على ضرورة الانتقال إلى هذه المفاوضات فورا. وقد تصدت لتصريحاته رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني، وقالت له إنه «شاطر فقط في الكلام»، وقالت: «على أرض الواقع أنت فشلت في إجراء جلسة مفاوضات واحدة، وفي عهدك تدهورت مكانة إسرائيل في العالم وتعطلت مسيرة السلام».

وكان نتنياهو يتكلم أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، فاتهم السلطة الفلسطينية بالتهرب من المفاوضات. وقال «في كل يوم يخرجون إلينا بحجة جديدة يتذرعون بها لتبرير تهربهم من المفاوضات. مرة يقولون إنهم يريدون تجميد البناء الاستيطاني، مع أننا عندما اتخذنا قرارا بهذا الشأن رفضوه وشككوا في صحته. ومرة يطرحون قضية الحدود. ومرة يطرحون قضية غزة. والحقيقة أننا لم نترك لهم أي مخرج. وقد أقنعنا العالم كله بأننا جادون وصادقون في التوجه إلى هذه المفاوضات. ونلاحظ أن الفلسطينيين يلجأون اليوم إلى الجامعة العربية، ويدفعونها إلى اتخاذ قرار يقيدهم للابتعاد عن المفاوضات. ولكن، إذا قررت الجامعة العربية في اجتماعها يوم الخميس المقبل (بعد غد) أن تفتح لهم الباب للذهاب إلى المفاوضات فسيجدونني جاهزا في الأسبوع المقبل، بل في اليوم التالي».

وادعى نتنياهو أن الرئيس الأميركي وافق معه على ضرورة الانتقال الفوري من المفاوضات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة. وقال: «لقد بنى الكثير من خصومنا وأعدائنا على إمكانية تغيير السياسة الأميركية تجاه إسرائيل. ولكننا لخبطنا حساباتهم جميعا. وها هي العلاقات الأميركية - الإسرائيلية تعود إلى سابق عهدها من التعاون والشراكة. والرئيس أوباما مقتنع بأن هذه الحكومة تريد وتستطيع أن تصنع السلام».

وعاد نتنياهو إلى الحديث عن خطر إعادة فتح الجبهة الشرقية ضد إسرائيل، كما كان الحال عليه في زمن حكم صدام حسين في العراق، فقال إن هناك خطرا حقيقيا على انتعاش الجبهة الشرقية بعد الانسحاب الأميركي من بلاد الرافدين. فإيران وأذنابها في المنطقة معنية بتصعيد التوتر وإشعال الحرب وزعزعة شرعية الوجود الإسرائيلي. وأذنابهم يتقدمون نحونا من لبنان وغزة وربما من العراق. وعليه – أردف نتنياهو – لا بد من أن يتضمن اتفاق السلام الإسرائيلي - الفلسطيني ضمانات أمنية محكمة تمنع الخطر على إسرائيل من جهة الشرق، للمدى القريب وكذلك للمدى البعيد. نحن نريد سلاما «ابن معيشة»، يدوم لفترة طويلة ويصمد في وجه التغيرات الزمنية والسياسية والتغيرات في أنظمة الحكم. وأضاف: «المفاوضات مع الفلسطينيين ستكون صعبة للغاية. فهم لا يعرفون شيئا عن حسابات إسرائيل الأمنية. ونحن سنعرفهم عليها وسنصر عليها لكي يكون اتفاق السلام حقيقيا وثابتا».

وحظيت تصريحات نتنياهو بحماس وتأييد رفاقه في اليمين، بينما هاجمه رجال اليمين المتطرف على موافقته على مبدأ الدولتين للشعبين وطالبوه بكشف أوراقه للجمهور والقول بصراحة ما الذي تعهد به في البيت الأبيض.

وأما رئيسة المعارضة، ليفني، فقد شككت في كل ما يقوله، وقالت له: «أنت شاطر في الكلام، ولكن على الأرض فإن الوضع معاكس لما تقول». وأضافت أن حكومة إيهود أولمرت، التي أشغلت فيها منصب القائم بأعمال رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية، كانت تدير مفاوضات سلام مع الفلسطينيين في الوقت الذي كان فيه قطاع غزة محاصرا، ولم تكن إسرائيل بمكانة دونية بل بالعكس فقد بلغت أوج مجدها في المجتمع الدولي. بينما في عهد نتنياهو انقلبت الأمور رأسا على عقب: فها هي إسرائيل معزولة في العالم وتعاني من مكانة مهزوزة حتى لدى الأصدقاء، والمفاوضات مجمدة، والحكومة أنهت الحصار على قطاع غزة من دون أن تحصل على شيء، بل إن إنهاء الحصار يفسر لدى العرب على أنه نابع من ضعف إسرائيلي واضح. وحماس التي كانت معزولة تماما في العالم، باتت في شرعية والكثير من دول العالم تفتح باب اتصال معها.

وتوجهت ليفني بالسؤال إلى نتنياهو: هل تقول لي ما هي سياسة حكومتك تجاه غزة وحماس؟ لقد استمعنا لوزير خارجيتك (أفيغدور ليبرمان) يقترح تحويل قطاع غزة بقيادة حماس إلى سلطة مستقلة. ولم نستمع لرد فعلك؟ فلماذا تصمت؟ هل توافق معه ولكن تخشى من رد فعل دولي غاضب؟ أم لا توافق ولكنك تخشى من رد فعل ليبرمان؟

وفي سياق تأكيده أن إسرائيل مستعدة للانتقال إلى المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين الأسبوع المقبل، عرض أمس رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عدة «بوادر حسن نية» تجاه الفلسطينيين في حال تم الشروع في المفاوضات المباشرة. ولكنه شدد على أنه لا يمكن مناقشة المصالح الأمنية لدولة إسرائيل إلا بالتحاور المباشر.

أبرز بوادر «حسن النية» التي عرضها نتنياهو اقتراح نقل وصلة طريق بين مستوطنتي عطيريت ونفيه تسوف لتخضع للمسؤولية المدنية الفلسطينية مع بقائها تحت المسؤولية الأمنية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن هذه الوصلة ستربط بين رام الله والمدينة الفلسطينية المنوي إقامتها حديثا.

وأوضح نتنياهو أن هذه الخطوة بحاجة إلى إقرار المجلس الوزاري مشيرا إلى أنها من خطوات لبناء الثقة التي تحدث عنها مع الجانب الأميركي. ولمح إلى أن هناك مقترحات إسرائيلية أخرى لبناء الثقة بالتوازي مع الخوض في المفاوضات المباشرة.

وأشار نتنياهو إلى أن الإجراءات الأمنية ستشكل الأساس الأول في أي اتفاقية مع الفلسطينيين مشددا على أن إسرائيل لن تتنازل عن أمنها.

وكانت الإدارة الأميركية قد دعت السلطة الفلسطينية وإسرائيل إلى ضرورة الانتقال إلى مفاوضات مباشرة للسلام على أن تنطلق في مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل وهو موعد انتهاء المفاوضات غير المباشرة التي ترعاها واشنطن منذ التاسع من مايو (أيار) الماضي.

ويذكر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس صرح بأن الفلسطينيين لن ينتقلوا إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل إلا في حالة حدوث تقدم في المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.