ساركوزي يهدد بالاقتصاص من «القاعدة في المغرب الإسلامي»

المسؤولة عن مقتل الرهينة الفرنسي

TT

وعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بالاقتصاص من «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» المسؤولة عن قتل الرهينة الفرنسي ميشال جيرمانو، ووصف جريمة اغتياله بـ«الهمجية» و«البغيضة». وجاء كلام ساركوزي في قصر الإليزيه عقب اجتماع مصغر لـ«مجلس الدفاع والأمن» عقد صباحا برئاسة ساركوزي نفسه، وبمشاركة رئيس الحكومة، ووزراء الخارجية والداخلية والدفاع ورئيس أركان الجيش الفرنسي ورئيس أركان الرئاسة وقادة الأجهزة الأمنية. وامتنعت الرئاسة عن كشف تفاصيل ما دار في الاجتماع أو القرارات التي اتخذت. لكن ساركوزي نفسه أعلن أنه طلب من وزير الخارجية الذهاب مساء إلى دول الساحل في جولة تشمل موريتانيا والنيجر ومالي «للنظر في التدابير التي يمكن اتخاذها لحماية الفرنسيين» من عمليات مشابهة للعملية التي أدت إلى خطف المتقاعد ميشال جيرمانو شمال النيجر، وبيعه لـ«القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وتحديدا الفرع الذي يقوده أمير التنظيم عبد الحميد أبو زيد، المسؤول عن مقتل الرهينة البريطانية أدوين ديار، في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، بعد أن رفضت بريطانيا التفاوض مع الخاطفين. وسعى الرئيس الفرنسي في كلمته إلى دحض أي اتهام يحمل السلطات الفرنسية مسؤولية موت الرهينة الفرنسي، باعتباره ردا على العملية العسكرية التي قامت بها قوات فرنسية - موريتانية صباح الخميس الماضي شمال دولة مالي، وهو ما أكده أمير «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» في الشريط الصوتي الذي أذيع مساء أول من أمس الأحد. وبرر ساركوزي الذي يعتبر الرئيس الأعلى للقوات المسلحة الفرنسية، وبالتالي الجهة التي أعطت الأوامر بالمشاركة في العملية بعد اجتماعات عديدة لمجلس الدفاع والأمن المصغر قراره بأنه «واجب» باعتبار أن ميشال جيرمانو «كان محكوما عليه بالموت المحتم»، وبالنظر إلى أن الخاطفين لم يريدوا أبدا التفاوض، وباعتبار أن آخر مؤشر لكون جيرمانو ما زال حيا ورد في شريط فيديو في 19 مايو (أيار) الماضي.

وقالت وزارة الدفاع إن الأجهزة الفرنسية «تأكدت» من صحة الشريط الصوتي الذي بث لأمير «القاعدة»، وهو ما استند إليه الرئيس ساركوزي في إعلان موت الرهينة الفرنسي. وبعد أن طلب ساركوزي من الفرنسيين الامتناع عن السفر إلى بلدان الساحل، شدد على عزم بلاده على «محاربة الإرهاب تحت أي شكل، ودعم البلدان التي تحارب الإرهاب الوحشي».

وخلص الرئيس الفرنسي إلى القول: «إن هذه المعركة تعنينا جميعا، وهي تمس أمن بلدنا، والجريمة التي ذهب ميشال جيرمانو ضحيتها لن يفلت مرتكبوها من العقاب». وترى أوساط فرنسية على اطلاع بشؤون المنظمات الإرهابية أنه ليس مؤكدا أن جيرمانو كان حيا حتى حدوث العملية العسكرية صباح الخميس الماضي، وترجح أن يكون الخاطفون قد استغلوها ليعلنوا مقتله، بينما هو في الواقع قد يكون مات منذ فترة. وجدير بالذكر أن جيرمانو البالغ من العمر 78 عاما كان مصابا بمرض قلبي. وفي آخر شريط ظهر فيه بدا منهكا، وأفاد أنه أصبح من غير دواء. غير أن كل هذا الكلام محض تكهنات في غياب جثة الرهينة التي لم يشر الخاطفون إلى مكان وجودها. وكانت «القاعدة» قد اشترطت لإطلاق سراح جيرمانو أن تعمل فرنسا على تسهيل خروج عدد من أعضاء «القاعدة» المسجونين في بلدان الساحل بما فيها الجزائر. والحال أن الموقف الرسمي الفرنسي يقوم على رفض الخضوع لمطالب الخاطفين، ورفض دفع أي فدية. ولكن الواقع مختلف نوعا ما، إذ إن باريس ضغطت سابقا على مالي لإخلاء سبيل أربعة من أعضاء «القاعدة»، مما سهل الإفراج عن الرهينة بيار كامات في شهر فبراير (شباط) الماضي.

غير أن تدخل باريس هذه المرة لم يكن سهلا، وكان من المستحيل عليها أن تحصل على إخلاء سبيل أفراد «القاعدة» في أربعة بلدان، وفي وقت واحد. وحتى الآن، امتنعت المعارضة الفرنسية عن انتقاد أداء الحكومة، وهو ما يمكن تفهمه. غير أن مداخلة ساركوزي لم توضح كل النقاط الغامضة في عملية الخميس ولا الغرض من القيام بها. وساركوزي عاد لتبني موقف موريتانيا التي قالت إنها تسعى لتفادي قيام «القاعدة» بعملية إرهابية ضد موريتانيا، بينما كانت وزارة الدفاع في باريس تؤكد أنها تسعى للإفراج عن جيرمانو.