الوثائق السرية لحرب أفغانستان: وثائق سرية تكشف تفاصيل حرب أميركا الخفية في أفغانستان

الاستخبارات الباكستانية عملت إلى جانب «القاعدة» في التخطيط لهجمات * روايات مباشرة عن الغضب الأميركي من التخاذل الباكستاني في مواجهة التمرد

عناصر من طالبان في مدينة هيرات وافقوا على خطة السلام الجديدة..«المال مقابل السلاح»
TT

أبدى الأميركيون الذين يخوضون حربا في أفغانستان شكوكا كبيرة في أن عملاء الاستخبارات الباكستانية كانوا يديرون التمرد من وراء الستار على الرغم من تلقى باكستان مليار دولار سنويا من واشنطن لمساعدتها في قتال المتطرفين. بحسب عدد من التقارير الميدانية العسكرية السرية التي تم الكشف عنها أول من أمس.

تشير الوثائق التي كشفت عنها مؤسسة تدعى «ويكيليكز»، إلى أن باكستان الحليف المزعوم للولايات المتحدة، تسمح لعملائها من الاستخبارات السرية بلقاء قادة طالبان بصورة مباشرة في جلسات سرية استراتيجية لتنظيم شبكة عمل المجموعات المقاتلة التي تحارب الجنود الأميركيين في أفغانستان، وتدبير المؤامرات لاغتيال القادة الأفغان.

تشير التقارير مجتمعة إلى أن القوات الأميركية على الأرض، حصلت على روايات كثيرة عن شبكة الأصوليين الباكستانية والمتعاونين التي تدار من الحزام القبلي الباكستاني على الحدود مع أفغانستان، عبر الجنوب الأفغاني وعلى طول الطريق إلى العاصمة كابل.

الكثير من المعلومات - معلومات استخبارية وتقييمات للتهديدات تم جمعها من أرض المعركة في أفغانستان - لا يمكن التحقق من صحتها ويأتى بها على الأرجح من مصادر متعاونة مع الاستخبارات الأفغانية التي تعتبر الحكومة الباكستانية عدوا لها. وقد تحدث البعض منها عن خطط لشن هجمات لم تقع.

لكن العديد من التقارير تعتمد على مصادر يصنفها الجيش بأنها موثوقة.

على الرغم من عدم قدرة المسؤولين الأميركيين السابقين والحاليين على توثيق التقارير الفردية فإنهم قالوا إن تصوير تعاون وكالة الاستخبارات مع المتمردين الأفغان يأتي متوافقا مع المعلومات الاستخبارية السرية الأخرى.

وصفت بعض التقارير عمل الاستخبارات الباكستانية إلى جانب «القاعدة» في التخطيط لهجمات. وقد حذر الخبراء أنه على الرغم من عمل الجماعات المتطرفة الباكستانية و«القاعدة» سويا، فإن العلاقة المباشرة لوكالة الاستخبارات الباكستانية مع «القاعدة» صعبة للغاية.

تحتوي التقارير على روايات مباشرة عن الغضب الأميركي من التخاذل الباكستاني في مواجهة التمرد الذي شن هجمات بالقرب من المراكز الحدودية الباكستانية، وتنقل المتمردون بحرية مستخدمين الشاحنات عبر الحدود ثم العودة إلى المناطق الباكستانية سعيا وراء الأمن.

الإحباط الذي يسود الجنود على الأرض والتلميحات لما يبدو أشبه بالخداع الباكستاني يتناقض بشكل صارخ مع التصريحات العامة الوردية المتتالية التي تصدر عن الحكومة الباكستانية كحليف للولايات المتحدة من قبل المسؤولين الأميركيين، يبدو أنها تعزز حملة الطائرات من دون طيار على الأجزاء الحدودية الباكستانية لضرب ملاذات «القاعدة». كما يرغب مسؤولو الإدارة أيضا في الإبقاء على باكستان، الدولة النووية إلى جانبهم لضمان استمرار تدفق إمدادات الناتو عبر الطرق التي تمر بباكستان إلى أفغانستان.

كانت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية قد أعلنت، خلال الشهر الحالي، في واحدة من الزيارات المتكررة للمسؤولين الأميركيين إلى إسلام آباد، عن تقديم 500 مليون دولار في صورة مساعدات ووصفت الولايات المتحدة وباكستان بالشريكين اللذين تربطهما قضية واحدة.

بيد أن التقارير تشير إلى أن الجيش الباكستاني، تصرف كحليف وعدو في الوقت ذاته، حيث يدير عملاؤه ما كانت الولايات المتحدة تبدي شكوكا تجاهه منذ وقت بعيد من أنها لعبة مزدوجة، من خلال تنفيذ مطالب أميركية محددة بالتعاون في الوقت الذي تسعى فيه إلى بسط نفوذها في أفغانستان عبر العديد من شبكات التمرد التي تسعى القوات الأميركية إلى القضاء عليها.

خلف الستار واجه مسؤولو الإدارة وكبار القادة العسكريين الأميركيين في إدارتي بوش وأوباما المسؤولين العسكريين الباكستانيين باتهامات بتورط عناصر الاستخبارات الباكستانية في هجمات في أفغانستان، حتى إنهم قدموا لكبار مسؤولي القوات الباكستانية قائمة بأسماء العملاء من الاستخبارات والجيش الباكستاني الذين يعتقدون أنهم يعملون مع المقاتلين.

ويقول بنجامين رودس، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي للاتصالات الاستراتيجية، إن باكستان كانت حليفا مهما على نحو خاص المعركة ضد المجموعات المقاتلة، وإن الجنود الباكستانيين ومسؤولي الاستخبارات عملوا إلى جانب الولايات المتحدة لأسر أو قتل قادة «القاعدة» وطالبان.

بيد أنه قال إن الوضع القائم غير مقبول وإن ملاذات المتطرفين في باكستان تشكل تهديدا غير مقبول وإن على باكستان القيام بالمزيد من الجهد للتعامل معه.

وقال: «يجب على الحكومة الباكستانية - والجيش والاستخبارات الباكستانية - أن تواصل تحولها الاستراتيجي ضد المجموعات المتطرفة العنيفة داخل حدودها، وسيتواصل الدعم العسكري الأميركي لباكستان».

من جانبهم أشار العديد من قادة الكونغرس إلى أنه على الرغم من الطلبات المتكررة على مدار الأعوام بالحصول على معلومات بشأن الدعم الباكستاني للمجموعات المتطرفة، فإنهم عادة ما كانوا يتلقون تقارير مبهمة وغير شاملة من البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية.

بيد أن أعضاء بارزين في الكونغرس أشاروا إلى أنه ليس لديهم شك في مساعدة باكستان للمجموعات المتمردة، فيقول السيناتور جاك ريد، العضو الديمقراطي في لجنة الخدمات المسلحة الذي زار باكستان هذا الشهر: «عبء الدليل يقع على عاتق الحكومة والاستخبارات الباكستانية في إظهار أنها قطعت علاقاتها مع جماعات التمرد»، وأوضح أنه واجه والسيناتور كارل ليفن، رئيس اللجنة، رئيس الوزراء الباكستاني، يوسف رضا جيلاني، مرة أخرى بهذه المزاعم.

عادة ما تواجه تلك الاتهامات بالإنكار الغاضب، خاصة من قبل الجيش الباكستاني الذي يصر على أن جهاز الاستخبارات الباكستاني قطع علاقته بالمجموعات المتطرفة قبل عدة سنوات. وأوضح المتحدث باسم الاستخبارات الباكستانية في إسلام آباد أول من أمس الأحد أن الوكالة لن تعلق حتى ترى الوثائق. كما صرح السفير الباكستاني في واشنطن حسين حقاني بأن «الوثائق التي نشرتها ويكيليكز لا تعكس الحقائق على الأرض».

يذكر أن الرجل الذي تعتمد عليه القوات الأميركية في التعاون لقتال المقاتلين والذي يملك أقوى السلطات في باكستان، قيادة الجيش الباكستاني، الجنرال برويز إشفاق كياني، كان يدير جهاز الاستخبارات الباكستانية بين عامي 2004 و2007 وهي الفترة ذاتها التي تحدثت عنها التقارير. وكان المسؤولون الأميركيون قد أثنوا على كياني لما وصفوه بجهوده في تطهير القوات المسلحة من الضباط الذين تربطهم علاقة بالمقاتلين.

يصف المسؤولون الأميركيون وكالة الاستخبارات الباكستانية بالمؤسسة الدينية الصارمة التي تبدي تساهلا إزاء النشاطات الخادعة. لكن الجيش الباكستاني عهد إلى وكالة الاستخبارات «الجناح إس» - الذي يدير العمليات الخارجية ضد الحكومة الأفغانية وباكستان - استقلالا ذاتيا واسعا، وهو ما يعطي المساحة الكافية للمسؤولين العسكريين لإنكار معرفتهم بأعمالها.

نادرا ما يكشف المسؤولون الأميركيون عن أدلة محددة مباشرة تتعلق بتورط وكالة الاستخبارات الباكستانية في الهجمات الكبرى، لكن في يوليو (تموز) 2008 واجه نائب مدير الاستخبارات المركزية الأميركية ستيفن كابس، المسؤولين الباكستانيين بالأدلة على مساعدة الاستخبارات الباكستانية بالتخطيط لشن هجمات انتحارية على السفارة الهندية في كابل.

يظهر أحد التقارير التي تم الكشف عنها أن الاستخبارات البولندية حذرت من هجوم معقد ضد السفارة الهندية في كابل قبل أسبوع من التفجير، على الرغم من اختلاف المهاجمين وطريقة الهجوم. ولم يرد اسم وكالة الاستخبارات الباكستانية في التقرير كمحذرة من الهجوم.

يتحدث تقرير آخر يعود إلى أغسطس (آب) عام 2008 عن عقيد بالاستخبارات الباكستانية تآمر مع مسؤول بطالبان لاغتيال الرئيس الأفغاني حميد كرزاي. ويقول التقرير إنه لم تكن هناك معلومات حول توقيت ومكان تنفيذ العملية، ولم يتسن التأكد من صحة الرواية.

* الجنرال المرتبط بالمتمردين

* تولى الجنرال حميد غول، إدارة وكالة الاستخبارات الباكستانية في الفترة من 1987 إلى 1989، خلال الفترة التي توحدت فيها قوات عملاء الاستخبارات المركزية الأميركية والباكستانية لتهريب السلاح والمال إلى المقاتلين الأفغان لمحاربة السوفيات في أفغانستان. وبعد توقف القتال تواصلت صلات الجنرال مع المجاهدين السابقين الذين تحولوا فيما بعد إلى طالبان.

وبعد أكثر من عقدين، يبدو من الواضح أن الجنرال غول لا يزال نشطا في صلاته بالمجاهدين، فتشير الوثائق إلى أنه عمل دون كلل لإعادة تنشيط شبكاته القديمة واستخدام حلفاء موثوقين لديه مثل جلال الدين حقاني وقلب الدين حكمتيار، اللذين يسيطران على آلاف المقاتلين المسؤولين عن أعمال العنف في أفغانستان.

ورد اسم الجنرال غول مرات عدة خلال التقارير، إذا كان من الممكن الاعتراف بها، وهو ما يعني أن من غير المستبعد أن يكون مسؤولو الجيش والاستخبارات على علم بنشاطات غول الواسعة النطاق.

فيذكر أحد التقارير الاستخبارية، على سبيل المثال، لقاءه بمجموعة من المقاتلين في وانا، عاصمة إقليم جنوب وزيرستان في يناير (كانون الثاني) 2009. حيث التقى ثلاثة من كبار قادة التمرد في أفغانستان وثلاثة من كبار المقاتلين العرب الذين يفترض أنهم يمثلون «القاعدة»، والذين تشير التقارير إلى أنهم كانوا «أكثر أهمية» لأنهم كانوا مصحوبين بحماية أمنية كثيفة.

هذا اللقاء كان مخصصا للاتفاق على خطة للانتقام لمصرع «زاماري» الاسم الحركي لأسامة الكيني، الذي كان يدير عمليات «القاعدة» في باكستان وقائد بعض أخطر علميات الجماعة، والذي قتل قبل أيام في غارة لطائرة من دون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. ذكر التقرير أنه تم الاتفاق على الخطة في وانا ذلك اليوم، وكانت تتضمن قيادة شاحنة مازدا زرقاء داكنة محملة بالمتفجرات من جنوب وزيرستان إلى إقليم باكتيكا الأفغاني والمعروف باستخدامه من قبل المتمردين لنقل الأسلحة والانتحاريين والمقاتلين من باكستان.

وفي عرض للقوة، وافق قادة طالبان على الخطة لإرسال 50 مقاتلا عربيا و50 مقاتلا من وزيرستان إلى إقليم غزني في أفغانستان.

وأوضح التقرير أن الجنرال غول حث المقاتلين على تركيز عملياتهم داخل أفغانستان في مقابل غض الطرف عن وجودهم في المناطق القبلية الباكستانية، ولم يتضح بعد ما إذا كان قد تم تنفيذ الاتفاق من عدمه.

وكانت الولايات المتحدة قد حثت الأمم المتحدة على وضع الجنرال غول في قائمة الإرهابيين الدوليين، وعبر مسؤولون أميركيون عن اعتقادهم بأنه كان حلقة وصل هامة بين الضباط الباكستانيين الناشطين والمجموعات المتمردة.

الجنرال غول الذي يقول إنه متقاعد ويعيش على معاشه التقاعدي، وصف هذه المزاعم في محادثة هاتفية من منزله في روالبندي، حيث يوجد مقر الجيش الباكستاني، بالقول «إنه كلام لا قيمة له على الإطلاق، فأنا لا دخل لي في أي من هذا، الاستخبارات الأميركية تحاول تضليلكم».

كان المسؤولون الباكستانيون قد أظهروا إنكارهم لاستمرار عمل الجنرال غول بأوامر من وكالة الاستخبارات الباكستانية، على الرغم من اضطرار الجنرال برويز مشرف، رئيس الدولة آنذاك، بعد ذلك بعدة سنوات، في أعقاب تزايد الشكاوى الأميركية إلى الاعتراف علنا بأن بعض المسؤولين السابقين في جهاز الاستخبارات الباكستانيين كانوا يساعدون قوات المتمردين الأفغان. وعلى الرغم من إنكاره، استمرت العلاقات الوثيقة للجنرال غول بموظفيه السابقين، وعندما زار أحد الصحافيين غول ربيع هذا العام لإجراء مقابلة معه في منزله ألغى رئيس وكالة الاستخبارات السابق الموعد، لأنه، بحسب ما ذكر ابنه، كان في طريقه إلى حضور اجتماع في قيادة الجيش.

شبكة الانتحاريين تؤرخ التقارير أيضا لجهود وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في تعقب شبكات الانتحاريين التي ظهرت فجأة كقوة رهيبة في أفغانستان.

تشير التقارير المفصلة إلى أن المسؤولين الأميركيين كان لديهم فهم واضح نسبيا لكيفية عمل شبكة المقاتلين حتى وإن نفذت بعض التهديدات. وربما يكون من المستحيل معرفة السبب في عدم حدوث هذه الهجمات - إما أنها قد أحبطت أو أن المهاجمين عدلوا عن أهدافهم أو أن التقارير جاءت كنوع من التضليل من جانب طالبان.

يصف أحد التقارير المؤرخ 18 ديسمبر (كانون الأول) 2006 العملية الدورية في تهيئة المقاتلين الانتحاريين. في البداية يتم تجنيد الانتحاريين وتدريبهم في أفغانستان، ثم يتم الانتقال إلى عملية الاستطلاع والتخطيط ومن بينها البحث عن مكان لاستضافة الانتحاري بالقرب من الهدف قبل تنفيذ الهجوم، وتتلقى الشبكة العون من الشرطة ووزارة الداخلية الأفغانية.

تتحدث التقارير عن بعض الحالات مستخدمة أسماء وأعمار الانتحاريين وأرقام لوحات السيارات المستخدمة في الهجوم، لكن الأميركيون الذين جمعوا معلومات استخبارية جاهدوا لوصف الكثير من التفاصيل الأخرى، وقدموا في بعض الأحيان تفاصيل مساكن وقادة طالبان.

تحدثت العديد من التقارير عن زيارة العديد من العملاء السابقين والحاليين في الاستخبارات الباكستانية ومن بينهم الجنرال غول إلى المدارس الدينية القريبة من مدينة بيشاور البوابة إلى المناطق القبلية لتجنيد عدد من المقاتلين الانتحاريين.

وصف أحد التقارير الذي جاء تحت عنوان «تحذير بتهديد حقيقي»، بسبب تفاصيل ومصداقية مصادره كيفية نقل أحد الانتحاريين من المدرسة الهاشمية التي يديرها أفغان بأمر من قلب الدين حكمتيار.

كان المفترض أن يستخدم الصبي في الهجوم على القوات الأميركية أو قوات الناتو في كابل خلال عيد الأضحى في 31 ديسمبر 2006. وبحسب التقرير فقد نقل الفتى إلى مدينة جلال آباد الأفغانية لشراء سيارة لتفخيخها، ثم أعيد مرة أخرى إلى كابل، ولم يتضح بعد ما إذا كان الهجوم قد وقع أم لا.

تشير الوثائق إلى أن هذه النوعيات من الأنشطة تواصلت خلال العام الماضي، ففي الفترة من يوليو (تموز) 2009 وحتى العام الحالي تحدثت تسعة تقارير بصورة مفصلة عن تحركات لانتحاريين من باكستان إلى المناطق المأهولة في أفغانستان مثل قندهار وقندوز وكابل.

كان بعض الانتحاريين قد أرسلوا بغرض تعطيل الانتخابات الرئاسية الأفغانية التي أقيمت في أغسطس (آب)، وفي حالات أخرى علمت الاستخبارات الأميركية أن شبكة جلال الدين حقاني أرسلت انتحاريين بأمر من وكالة الاستخبارات الباكستانية لمهاجمة مسؤولين هنود وعمال إغاثة ومهندسين في أفغانستان، أما المؤامرات الأخرى فكانت تخص الحكومة الأفغانية.

في بعض الأحيان كانت الوثائق الاستخبارية تأتي مترافقة بتفاصيل موثوقة عن المؤامرات التي تبدو خيالية وغير مقبولة على الإطلاق، فتحدث أحد التقارير على سبيل المثال عن خطة لوكالة الاستخبارات الباكستانية لاستخدام قنبلة بجهاز تحكم عن بعد في شكل مصحف ذهبي لاغتيال مسؤولين في الحكومة الأفغانية. فيما تحدث آخر عن خطة للاستخبارات الباكستانية وطالبان بشحن مشروبات حكومية مسممة إلى أفغانستان لقتل القوات الأميركية.

لكن التقارير أشارت أيضا إلى أن الاستخبارات الباكستانية ساعدت بصورة مباشرة في تنظيم عمليات طالبان على جبهة القتال، فزعم أحد التقارير لقاء عملاء باكستانيين في التاسع عشر من يونيو (حزيران) من عام 2006 بقادة طالبان في كويتا، جنوب باكستان حيث يعتقد القادة العسكريون الأميركيون وقادة الناتو أن قادة طالبان يعيشون هناك تحت سمع وبصر السلطات الباكستانية. وأشار التقرير إلى أن العملاء الباكستانيين ضغطوا على قادة طالبان لتصعيد الهجمات في منطقة ماروف من مقاطعة قندهار التي تقع على طول الحدود الباكستانية.

الهجوم الذي تم التخطيط له سيتم تنفيذه بصورة أساسية من قبل العرب والباكستانيين، وأشار التقرير إلى أن زعيم طالبان، اختار منصور، لفت الانتباه إلى ضرورة استعداد الرجال لتحمل خسائر فادحة، ويقول التقرير «إن الأجانب وافقوا على القيام بهذه العملية واستخدموا شاحنة جر رباعي لحمل المقاتلين إلى المناطق التي ستنفذ فيها العملية».

وعلى الرغم من صعوبة التحقق بشأن المقاتلين الأجانب أو عملاء الاستخبارات الباكستانية فإن طالبان قامت بالهجمة لإحكام سيطرتها على ماروف في 2006.

ويقول مسؤولون حكوميون أفغان ومقاتلون تابعون لحركة طالبان بأن القيادي في حركة طالبان الملا أختار محمد منصور تولى قيادة الهجوم. وحاول الملا منصور الحصول على قاعدة لنفسه داخل أفغانستان، ولكن مثلما نقلت التقرير عنه، تكبدت حركة طالبان خسائر كبيرة وانسحبت في النهاية.

ومضى تقرير آخر يصف خططا مفصلة لهجوم على نطاق واسع كان توقيته في سبتمبر (أيلول) 2007 وكان يستهدف قاعدة التشغيل الأمامية الأميركية في ماناغي بمحافظة كونار.

ويقول التقرير: «سيكون هجوما من خمسة محاور ويتضمن صواريخ ومقاتلين من المشاة ومدفعية 83 ملليمتر والعديد من المفجرين الانتحاريين». ومن غير الواضح ما إذا كان الهجوم قد وقع أم لا، ولكنه أنبأ التخطيط بهجوم آخر وقع بعد شهور في يوليو (تموز) 2008. وفي ذلك الوقت، اجتاح نحو 200 متمرد من حركة طالبان قاعدة أميركية في وانات داخل نورستان وقتلوا تسعة جنود أميركيين. وبالنسبة إلى الأميركيين كانت هذه واحدة من أكبر الخسائر خلال الحرب.

وقد أدى سيل من التقارير عن التواطؤ الباكستاني في التمرد في بعض الأحيان إلى توتر بين الضباط الأميركيين والباكستانيين في الميدان. وكشفت اجتماعات على نقاط حدودية أنشئت من أجل صياغة استراتيجيات مشتركة لإرباك تحركات حركة طالبان عن شكوك بين الأميركيين في نظرائهم الباكستانيين.

وفي 7 فبراير (شباط) 2007، اجتمع ضباط أميركيون مع جنود باكستانيين لمناقشة الأراضي الحدودية التي تحيط ولاية خوست الأفغانية.

وحسب ما تفيد به الملاحظات التي دُونت خلال الاجتماع، تحدث الباكستانيون عن قيام جنودهم بدوريات على مدار الساعة. وعندما سئلوا عما إذا كانوا يتوقعون زيادة في أعمال العنف خلال الربيع، رد رجل عرف في التقرير باسم ليفتينانت جنرال بيلال، الضابط المسؤول، بالنفي.

وكان الأميركيون متشككين في ذلك. وأشارت سجلاتهم إلى زيادة نسبتها 300 في المائة في النشاط العسكري داخل خوست قبل الاجتماع. وتقول الملاحظات: «يظهر هذا التعليق وحده إلى أي مدى تعد هذه المجموعة القيادية منفصلة عما يحدث في أرض الواقع». وطلب الباكستانيون من الأميركيين الاتصال بهم إذا لاحظوا نشاط متمردين على امتداد الحدود. وكتب الأميركي الذي صاغ التقرير: «أشك في أن ذلك سيكون مفيدا لأنه من المحتمل أن يكون الجيش والاستخبارات الباكستانية متورطين في العبور عبر الحدود».

وقبل عام، أصبح الأميركيون محبطين بسبب الزيادة في عدد القنابل التي تزرع على جانب الطرقات داخل أفغانستان، ولذا قاموا بتسليم ملفات بها أسماء ومواقع وصور جوية وخرائط لمساعدة الجيش الباكستاني على تعقب المسلحين الذين يعتقد الأميركيون أنهم مسؤولون عن ذلك.

ويقول الكولونيل باري شابيرو، وهو ضابط عسكري أميركي لديه خبرة داخل أفغانستان وباكستان، إنه لم يحدث شيء بعد اجتماع 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. وكتب الكولونيل شابيرو: «على الرغم من عدد التقارير والمعلومات التي تناولت المخاوف بالتفصيل، لم نر تغييرا في النشاط عبر الحدود ولم نر مبادرة تقريبا على امتداد الحدود الباكستانية» من جانب القوات الباكستانية. وقال إن الجيش الباكستاني «سيقوم بشيء عندما تطلب منه القوات الأميركية القيام بذلك وحسب».

* خدمة «نيويورك تايمز»

* رسالة من المحرر: لم ننشر ما يعرض حياة الجنود للخطر: نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» ست صفحات كاملة من الوثائق، مع خرائط وصور ونسخ وثائق. وكتبت توضيحا عن قرارها نشر الوثائق وطريقة النشر. كتبت: «دائما يصعب نشر وثائق سرية عند وضع اعتبار للمصلحة العامة والأمن الوطني. وأحيانا، نقرر ألا ننشر وثائق معينة. وأحيانا، نقرر أن ننشر وثائق إذا اعتقدنا أن ذلك يخدم المصلحة العامة. وهذه واحدة من تلك الأحايين. تعكس هذه الوثائق المهمة غير العادية والقاسية التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها في أفغانستان. تعكسها بصورة لم تعكسها معلومات قبل ذلك عن هذا الموضوع».

وأضافت الصحيفة: «لم ننشر وثائق نؤمن بأن نشرها سيؤذي الأمن الوطني. ومنذ البداية، نحن والصحف الأخرى التي تسلمت الوثائق، قررنا ألا ننشر ما سيعرض حياة الجنود للخطر، وما يعرقل العمليات الاستخباراتية والعمليات ضد الإرهاب. وبناء على طلب من البيت الأبيض، طلبنا من (ويكيليكز) ألا تنشر في موقعها ما سيؤذي الأمن الوطني. وللتأكد من صدق الوثائق، درسناها دراسات مكثفة، وقارناها بمعلومات نشرت عن بعض الأحداث التي أشارت إليها الوثائق، وسألنا مسؤولين ورسميين، ولم ينفوا مصداقية الوثائق. لكن، لا نعرف كم وثائق لم تسرب، وكيف وضعت وكيف سميت سرية».