«ويكيليكس»: الشفافية هي الطريق نحو العدل

بعد نشر نحو 100 ألف وثيقة عسكرية عن حرب أفغانستان

TT

بسبب الضجة التي أثارها موقع «ويكيليكس» على الإنترنت بنشر قرابة مائة ألف وثيقة عسكرية عن حرب أفغانستان، واحتجاجات قوية من البيت الأبيض والبنتاغون بأن النشر يؤذي الأمن الوطني الأميركي، دافع جوليان اسانج، صحافي أسترالي، ورئيس تحرير «ويكيليكس»، عن النشر. وقال: «نحن نؤمن بأن الشفافية هي الطريق نحو العدل. وكررنا بأن هدفنا النهائي هو كشف الظلم في العالم، ونحن نعمل ونحاول تحقيق ذلك».

وشبه اسانج نشر الوثائق السرية بنشر «أوراق البنتاغون» سنة 1971.

وقال مراقبون في واشنطن إن هزة وثائق «ويكيليكس» ربما ستكون مثل هزة «أوراق البنتاغون» التي كان نشرها نقطة تحول في حرب فيتنام التي استمرت عشر سنوات تقريبا (1964-1974). في ذلك الوقت، سرب دانيال اليزبيرغ، خبير كان يتعاون مع البنتاغون، تقريرا ضخما كتبه عسكريون وقيموا فيه حرب فيتنام تقييما سلبيا. وعندما نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» التقرير، ثارت ضجة كبيرة، وقال البيت الأبيض والبنتاغون إن نشرها يهدد الأمن الوطني الأميركي، ويعرض أرواح الجنود الأميركيين للخطر. وحسب أمر من الرئيس نيكسون، رفع البيت الأبيض قضية ضد الصحيفة، ووصلت استئنافات القضية إلى المحكمة العليا التي حكمت بأن النشر جزء من حرية التعبير.

ورغم أن الصحيفة كانت تعارض حرب فيتنام، قال اسانج إن «ويكيليكس» نشر الوثائق «دون أن نعلن أننا نريد أن تستمر الحرب (في أفغانستان) أو تتوقف. لكن، نريد أن تكون الحرب إنسانية قدر ما هو ممكن».

وقال إنه لم ينشر خمسة عشر ألف وثيقة «لأسباب أمنية، كما شرحها لنا المصدر الذي أمدنا بالوثائق». وقال إنهم سيحاولون نشر أجزاء منها بعد مراجعتها، وفي النهاية، سينشرونها كلها حسب التطورات في حرب أفغانستان.

وكالعادة، رفض أن يعلن عن المصدر. وقال: «أحيانا، نحن أنفسنا لا نعرف هويات الذين يمدوننا بمثل هذه الوثائق».

ولاحظت صحيفة «واشنطن بوست» أن «ويكيليكس»، قبل شهرين، وزع الوثائق على ثلاث صحف: «نيويورك تايمز» الأميركية، و«غارديان» البريطانية، و«دير شبيغل» الألمانية. وأنه اشترط عليها عدم نشرها إلا يوم أول من أمس، عندما ينشر «ويكيليكس» كل الوثائق.

لهذا، بينما لم تنشر «واشنطن بوست» غير ملخص للوثائق، نشرت منافستها «نيويورك تايمز» مقتطفات كثيرة منها. وقالت إن عشرة صحافيين تقريبا قضوا أكثر من شهر يفحصون الوثائق.

تأسس موقع «ويكيليكس» في السويد قبل أربع سنوات. ودون أي صلة، يشبه الاسم اسم موقع «ويكيبيديا»، دائرة المعارف العملاقة على الإنترنت. وتعني «ويكي» السرعة في لغة هاواي، وتستعمل في الإنترنت لوصف اتصالات سريعة بين جهات متعددة. وفي كلمة «ويكيبيديا» جزء «بيديا» إشارة إلى دائرة معارف. وفي كلمة «ويكيليكس» جزء «ليكز» إشارة إلى معلومات تسرب أو تكشف.

في سنة 2006، أسس «ويكيليكس» سويديون وأستراليون وأميركيون وصينيون اشتكوا من البيروقراطيات والأنظمة، في كل دول العالم، التي تحرص على المحافظة على الأسرار، وتعتقد أن نشر بعض هذه الأسرار يخدم قضايا الحرية والعدل في الدول المعينة وفي كل العالم.

ورئيس تحريره، والمتحدث باسمه، هو جوليان اسانج، صحافي أسترالي، ونشط في مجال الإنترنت، وعمره أربعون سنة. وفي السنة الماضية، نال جائزة «امنستي إنترناشونال» (منظمة العفو الدولية) لدوره فيما سمته المنظمة «كشف وثائق تساعد على رفع الظلم ونشر الشفافية». وكانت للجائزة صلة بنشر وثائق عن عمليات تعذيب وقتل في كينيا بعد اضطرابات بسبب انتخابات عامة. ويدير الموقع مجلس إدارة من تسعة أشخاص، واسانج واحد منهم. ورغم أنه صاحب الفكرة الأساسية، قال إنه لا يعتبر نفسه «مؤسسا»، وذلك لأن آخرين، من دول كثيرة، ناقشوا الفكرة قبل تأسيس الموقع.

ومثل غيره في مجلس الإدارة، والعاملين في الموقع، لا يتقاضى أي أجر.

حسب إحصاءات الموقع نفسه، نشر حتى الآن أكثر من مليون وثيقة حكومية كانت سرية. وربما أهم واحدة، ما نشر قبل شهرين: شريط فيديو عن حرب العراق يصور طائرة عسكرية أميركية تطلق صواريخ قتلت صحافيين ومدنيين آخرين.

في ذلك الوقت احتج البنتاغون، وقال إنه يحقق مع أحد العساكر الأميركيين يعتقد أنه سرب الفيديو، وكان فصل من عمله وهو الآن رهن الاعتقال العسكري.

ومن الوثائق التي نشرها: أمر قتل مدنيين أصدرته حكومة الصومال. وفساد الرئيس الكيني السابق اراب موي. ووثائق محكمة سرية في قاعدة غوانتانامو. وحسابات سارة بالين، مرشحة الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية قبل سنتين. وفضيحة بيع وشراء نفط في بيرو. ودفن مواد كيماوية ضارة في أفريقيا، أرسلت من أوروبا.

وأيضا، نشر التقرير السري الذي كتبه البنتاغون عن «ويكيليكس» نفسه.

وفي آخر خبر نشره «ويكيليكس»، قال إنه سينشر وثائق عن مذابح مدنيين ارتكبتها القوات الأميركية في أفغانستان.