باكستان: مقتل 152 في كارثة طيران.. والحكومة لا تستبعد فرضية الإرهاب

الطائرة تحطمت في منطقة محظورة.. وأميركيان بين الضحايا

باكستانية تبكي قريبة لها قتلت في الحادث أمس (أ.ف.ب) ورجال الإنقاذ ينتظرون طائرة هليكوبتر لانتشال الجثث من موقع تحطم الطائرة أمس (أ.ب)
TT

تحطمت طائرة ركاب على التلال القريبة من إسلام آباد أمس مما أسفر عن مقتل 152 شخصا بينهم أميركيان، كانوا على متنها. ووقعت الكارثة في ظروف جوية سيئة، إلا أن الحكومة قالت إنها لا تستبعد فرضية التخريب أو الإرهاب، لكنها شددت على ضرورة إكمال التحقيقات أولا.

وقال امتياز إلهي رئيس جهاز تطوير العاصمة إنه «لم ينج أحد من الكارثة. نعتقد أن كلهم لقوا حتفهم». وبدوره، قال رمضان ساجد المتحدث باسم جهاز تطوير العاصمة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «فرقنا للإنقاذ وصلت إلى موقع تحطم الطائرة، وانتشلنا حتى الآن ما بين 45 و50 جثة». وفي وقت لاحق، قالت الشرطة إنه «تم العثور على كل الجثث».

وقال متحدث باسم السفارة الأميركية إن أميركيين اثنين من بين الضحايا. وتحطمت طائرة «إيرباص إيه - 321» التابعة لشركة الطيران الخاصة «إيربلو»، إثر اصطدامها بقمة أحد تلال مرغالا بينما كانت تستعد للهبوط في إسلام آباد. وكانت الطائرة في رحلة بين مدينة كراتشي الجنوبية والعاصمة إسلام آباد. وقال وجيه الرحمن، أحد سكان الحي «إف - 7» على سفح تل مرغالا حيث يقيم عدد من الأثرياء الباكستانيين، إن «الطائرة كانت تحلق على ارتفاع منخفض جدا. سمعنا دويا هائلا». من جهته، قال حاجي تاج غول، الشرطي الذي كان يخدم في المنطقة، إن «مسؤولين في إدارتنا سمعوا دوي انفجار هائل في تلال مرغالا. عندما وصلت رأيت كتلة من الدخان والنار في كل مكان، وقطعا من الطائرة تتدحرج إلى سفح التل».

ولم تستبعد الحكومة الباكستانية فرضية الإرهاب أو التخريب، لكنها شددت على ضرورة إكمال التحقيقات. وقال وزير الداخلية رحمن مالك للصحافيين في إسلام آباد: «لا نستطيع استبعاد فرضية الإرهاب (في الحادث). إننا نجري تحقيقات ونبحث في كل احتمال يمكن أن يكون تسبب في تحطم الطائرة».

وفي حين رجح كثيرون في بداية الأمر تحطم الطائرة بسبب سوء الأحوال الجوية، قال ضباط كبار في هيئة الطيران المدني لـ«الشرق الأوسط»، إن الأحوال الجوية لم تكن سيئة إلى الدرجة التي تدفع هيئة الطيران إلى منع تحليق الطائرات المدنية. كذلك، قال مسؤول بارز لـ«الشرق الأوسط» إن المكان الذي تحطمت فيه الطائرة (مرتفعات مرغالا) يعد منطقة محظورة على الطيران. ويبعد المكان أقل من كيلومتر عن منزل رئيس الدولة ومقر إقامة رئيس الوزراء ومبان حساسة أخرى في العاصمة الفيدرالية.

وأعلن وزير الداخلية أنه سيجري فتح تحقيق في الحادث. وفي وقت لاحق أمس، أعلن مسؤولون حكوميون عن العثور على الصندوق الأسود وسط حطام الطائرة، وأفادوا أن الصندوق سيساعدهم في التحقيق.

وقال مكتب رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني في بيان إن جيلاني وحكومته «عبرا عن ألمهما وحزنهما بعد الحادث المفجع». وأضاف أن «الحكومة الفيدرالية أعلنت يوم حداد وطني» بعد الحادث و«رئيس الوزراء أرجأ إلى الأسبوع المقبل اجتماعا حكوميا» كان مقررا يوم أمس.

وقال مدير عام التسويق في شركة «إيربلو»، رحيل أحمد، إن «الطائرة لم تكن تواجه أي مشكلة تقنية عندما أقلعت. يبدو للوهلة الأولى أن الحادث نجم عن الأحوال الجوية السيئة، لكن سيكون على المحققين تحديد ذلك». وقال ناطق باسم إدارة الطيران المدني برويز جورج، إن الرحلة رقم 202 التابعة لشركة طيران «إيربلو» أقلعت من كراتشي، العاصمة المالية لباكستان، عند الساعة السابعة و45 دقيقة، وكانت تستعد للهبوط في إسلام آباد عندما تحطمت.

وكانت السماء ملبدة بالغيوم فوق العاصمة الباكستانية أمس وكان المطر يهطل عند وقوع الحادث. ووصف وزير الداخلية الحادث بأنه «مأساة كبرى». وأعاق الطقس السيئ عمليات انتشال الجثث. وقال عامر علي أحمد، وهو مسؤول محلي بارز في إسلام آباد: «أوقفنا العملية الجوية بسبب الأمطار. ستستغرق إزالة الحطام وقتا طويلا. لا سبيل لنقل الجثث من المكان إلا عن طريق طائرات هليكوبتر، ولا يمكنها حتى الهبوط هناك». وذكر عمال إنقاذ أنهم اضطروا للبحث بين الحطام بأيديهم وأن النيران والدخان الكثيف أعاقا عملهم.

من جهتها، ذكرت مجموعة «إيرباص» الأوروبية لصناعة الطائرات أن طائرة «إيرباص إيه - 321» التي تحطمت أمس قرب إسلام آباد بسبب الأحوال الجوية السيئة كانت حديثة نسبيا لهذا النوع من الطائرات. ويفترض أن تستمر هذه الطائرات في العمل بين ثلاثين وأربعين عاما. وقالت «إيرباص» في بيان إن الطائرة التي سقطت «تم تسليمها عام 2000 وكانت (إيربلو) تستأجرها بموجب عقد منذ 2006»، موضحا أن الطائرة «حلقت نحو 34 ألف ساعة، وقامت بـ13 ألفا و500 رحلة». وعرضت محطات التلفزيون الباكستانية لقطات لسيارات فرق الإغاثة المتوجهة إلى المكان ومروحيات تحلق فوق المنطقة.

وفي مطار إسلام آباد الدولي تجمع ركاب في صالة المغادرة أمام شاشات التلفزيون للاستماع إلى الأخبار المتعلقة بالحادث. وقال أحمد فيروز، أحد الركاب الذين كانوا ينتظرون موعد رحلاتهم الجوية: «لم يفاجئني وقوع مثل هذا الحادث. الأحوال الجوية سيئة بالنسبة للطيران».

ويعود آخر حادث طيران في باكستان إلى العاشر من يوليو (تموز) 2006 عندما تحطمت طائرة «فوكر إف 27» تابعة لشركة الطيران الباكستانية «بيا» مما أسفر عن مقتل 45 شخصا. ووقع الحادث الذي أودى بحياة أكبر عدد من الأشخاص في سبتمبر (أيلول) 1992 عندما سقطت طائرة «إيرباص» تابعة لشركة الطيران «بيا» أيضا مع اقترابها من العاصمة النيبالية كاتماندو، مما أسفر عن مقتل 167 شخصا.