حوادث الطائرات المدنية في 2010 تعيد ذكريات كوارث 1996 و2002

23 حادثا منذ بداية العام قتل فيها 740 شخصا

TT

لم تكد نيران الطائرة الألمانية، التي احترقت أثناء هبوطها بمطار الملك خالد الدولي بالعاصمة السعودية الرياض، أول من أمس، تخمد حتى كان العالم على موعد مع حادث مأساوي آخر خلال أقل من 24 ساعة، حيث تحطمت طائرة ركاب مدنية في رحلة داخلية في باكستان كانت تقل 159 شخصا. ويبدو أن أمام مخرج السلسلة الوثائقية الشهيرة «Air Crash Investigations» أو (تحقيقات حوادث الطيران)، قائمة طويلة بالسيناريوهات المختلفة لحوادث طائرات الركاب التي يشهدها العام الحالي في حال قرر إنتاج أجزاء إضافية من السلسلة. عام ليس هو الأسوأ بالتأكيد، فحوادث الطائرات هي الثمن الذي يدفعه مئات المدنيين كل عام نتيجة أخطاء الطيارين وفشل محركات الطائرة وأجهزتها في أداء مهامها والأحوال الجوية وغيرها من الأسباب. وقبل استعراض سجل حوادث الطائرات لهذا العام، فإن احتراق طائرة الشحن الألمانية على مدرج مطار الملك خالد الدولي بالرياض، يعيد إلى ذاكرة السعوديين عددا من الحوادث المماثلة التي شهدتها المطارات السعودية. وإن كان حادث طائرة الشحن الألمانية الذي شهدته الرياض أول من أمس لا يصنف ضمن قائمة حوادث الركاب، فإن عام 2010 قد شهد منذ بدايته 23 حادث طيران؛ ستة منها كانت لطائرات ركاب والبقية تنوعت بين طائرات حربية ومروحيات وطائرات شحن. ويعيد حادث طائرة الشحن الألمانية إلى أذهان السعوديين واحدا من أسوأ الحوادث التي شهدتها المنطقة؛ حين احترقت طائرة ركاب تابعة للخطوط السعودية على مدرج مطار الرياض في أغسطس (آب) 1980 وبداخلها 301 شخص قضوا في الحادث بفعل النيران والاختناق بالدخان، حيث لم تستطع فرق الإنقاذ إخلاء الطائرة التي عادت إلى المطار بعد دقائق من إقلاعها إثر اشتعال أحد محركاتها. إضافة إلى حادث مماثل في يوليو (تموز) 1991 حين سقطت طائرة جنود نيجرية قبيل هبوطها بمطار جدة وقتل على متنها 261 شخصا. وقبلها في نوفمبر (تشرين الثاني) 1979 سقطت طائرة ركاب باكستانية من طراز «بوينغ 707» كانت متجهة إلى جدة قريبا من مدينة الطائف وقتل على متنها 156 راكبا هم جميع ركاب الطائرة. ولا ينس السعوديون بأي حال واحدا من أسوأ حوادث اصطدام الطائرات على الإطلاق؛ حين اصطدمت طائرة تابعة للخطوط السعودية من طراز «بوينغ 747» بطائرة شحن كازاخستانية حيث كانت الطائرة السعودية متجهة من كراتشي بالهند إلى الظهران وقتل على في ذلك الاصطدام 349 شخصا. ويتميز عام 2010 بكثرة حوادث طائرات الركاب المدنية التي تحمل عشرات المسافرين على متنها، وهو أمر يعيد إلى الذاكرة سنوات عجاف في سجل سلامة النقل الجوي مثل عام 2002 و1996 اللذين شهد كل واحد منهما تسعة حوادث طائرات مدنية كارثية ومميتة. ورغم أن 2010 ما زال في المنتصف، وما زال أمام حركة النقل الجوي مئات الآلاف من الرحلات حتى نهاية العام، فقد شهد العام الحالي مقتل قرابة 740 شخصا قتلوا في حوادث لطائرات مدنية وعسكرية ومروحيات وطائرات صغيرة. فقد بدأ العام والعالم يضج بتداعيات محاولة إرهابية فاشلة لتفجير طائرة ركاب كانت تقل على متنها 289 راكبا في رحلة من أمستردام إلى ديترويت بالولايات المتحدة الأميركية. وهو الأمر الذي أعاد إلى الأذهان واحدا من أسوأ حوادث الطائرات على الإطلاق حين قتل قرابة 3 آلاف شخص في تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) التي ضربت برجي التجارة في نيويورك. وهي المحاولة التي استدعت تطبيق المزيد من إجراءات التفتيش في المطارات وخاصة الرحلات المتجهة إلى الولايات المتحدة الأميركية. وفي 25 يناير (كانون الثاني) تحطمت طائرة ركاب إثيوبية تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية من طراز «بوينغ 737» بعد دقائق من إقلاعها من مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت وانتثر حطامها قبالة السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، مخلفة 90 قتيلا. وكانت الطائرة قد أقلعت في جو عاصف، غير أن التحقيقات في أسباب سقوط الطائرة أشارت إلى أن خطأ ارتكبه الطيار وعدم تقيده بتعليمات برج المراقبة ربما كانا وراء الكارثة. وفي 10 أبريل (نيسان) قتل 96 شخصا، من بينهم الرئيس البولندي وزوجته وعدد من شخصيات حكومته بعد أن تحطمت طائرة من طراز «توبوليف 154» في مدينة سولمينسك الروسية. وتحطمت طائرة الرئيس البولندي الذي كان ذاهبا لمشاركة في احتفالات الذكرى السبعين لمجزرة كاتين بعد أن فشل الطيار في الهبوط بشكل صحيح؛ إذ اصطدمت طائرته بالأشجار بسبب الضباب الكثيف لدى محاولته الهبوط. ومرة أخرى كان تجاهل الطيار تعليمات برج المراقبة وسوء الأحوال الجوية عاملين رئيسيين في حدوث الكارثة. وفي 12 مايو (أيار) تحطمت طائرة ليبية من طراز «إيرباص آي 330» تابعة للخطوط الأفريقية أثناء محاولتها الهبوط في مطار طرابلس وقتل على متنها 103 أشخاص فيما نجا طفل هولندي يبلغ من العمر ثماني سنوات. وتحطمت الطائرة التي كانت قادمة من جوهانسبورغ على بعد نصف ميل من مدرج مطار طرابلس. وما زالت أسباب الحادث غير معروفة. وبعد عشرة أيام من ذلك الحادث وفي 22 مايو، كان الحادث الأكثر مأساوية منذ بداية العام؛ حيث تحطمت طائرة هندية تابعة لطيران «الهند اكسبرس» أثناء هبوطها بمطار مانغالور جنوب الهند. وشهد الحادث مقتل 158 من أصل 166 راكبا كانوا على متن الطائرة التي كانت قادمة من مطار دبي الدولي. وكانت الطائرة قد انحرفت عن المدرج أثناء هبوطها لتتوقف في غابة بجانب المطار متناثرة إلى ملايين القطع المعدنية والأجزاء البشرية لضحايا الحادث فيما نجا 8 ركاب. وقبلها بخمسة أيام تحطمت طائرة ركاب أفغانية تابعة لخطوط «بامير» التجارية لدى تحليقها فوق مناطق جبلية بأفغانستان، وقتل على متنها 44 شخصا هم جميع ركابها. وكانت حالة الجو غير المستقرة سببا في تحطم الطائرة التي كانت تقوم برحلة داخلية من قندوز شمال أفغانستان إلى كابل. ولا يحمل سجل النقل الجوي عام 2010 خسائر في الأرواح فقط. فقد شهد قطاع الطيران أسوأ أزمة اقتصادية منذ هجمات 11 سبتمبر في عام 2001 وذلك بسبب أزمة الرماد البركاني التي عطلت الحركة الجوية في أوروبا لأكثر من أسبوع خلال شهر أبريل الفائت، وتسبب في خسائر مادية اقتربت من ملياري دولار تكبدتها شركات الطيران في الأزمة التي أوقفت آلاف الرحلات من وإلى أوروبا ووصفت بأنها أسوأ من تلك التي شهدها قطاع الطيران بعد أحداث 11 سبتمبر.