مصر والسعودية.. عقود من العلاقات الاستراتيجية وآمال باندماج اقتصادي بينهما

جهود لوصول التجارة البينية بينهما إلى 5 مليارات دولار بحلول 2011

TT

تسعى كل من مصر والسعودية إلى تذليل كل العقبات الاقتصادية بينهما، وذلك في ظل تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث ارتفع حجم التجارة من نحو 800 مليون دولار في عام 2005 إلى نحو 4 مليارات دولار عام 2009، وتهدف مصر إلى وصول حجم التجارة البينية بين الطرفين إلى 5 مليارات دولار.

وتحاول مصر إيجاد منفذ مباشر إلى السعودية، فأقامت طريق «الصعيد - البحر الأحمر» الذي من شأنه أن يربط موانئ البحر الأحمر المصرية مباشر بميناء جدة في السعودية، كما تقوم حاليا بتذليل كل عقبات التجارة مع الأردن الذي يعتبر منفذ المنتجات المصرية إلى الأراضي السعودية.

وتوقع الخبراء زيادة حجم التجارة البينية بين البلدين خلال الأعوام القادمة، وأكدوا أن التفاهم السياسي بين القاهرة والرياض هو أساس تقدم العلاقات الاقتصادية، وقال مستشار وزير الصناعة والتجارة المصري للشؤون الخارجية، سيد أبو القمصان، إن العلاقات الحالية بين البلدين على أفضل حال، وإن هناك رغبة من كلا الطرفين لإزالة أي عقبات تواجه استثماراتهما وتجارتهما البينية. وأوضح أن زيادة حجم الاستثمارات بين مصر والسعودية يأتي نتيجة تفهم الطرفين لأهمية كل منهما للآخر، فتضع مصر السوق السعودية في مقدمة أولوياتها نظرا لما تمتلكه من إمكانات وقدرات هائلة تجعلها قادرة على استيعاب المزيد من الصادرات والمشاريع.

ووصف مناخ الاستثمار في كل من البلدين بالـ«جاذب»، مؤكدا أن الاتفاقيات والتعاون المشترك بين البلدين، تعتبر على أفضل حال.

وأشار حسين عمران، رئيس قطاع نقطة التجارة الدولية في مصر، إلى أن العلاقة بين البلدين علاقة تكامل، وهناك الكثير من الاتفاقيات التي من شأنها رفع حجم التجارة البينية بين البلدين، فبحلول العام المقبل سيعقد مؤتمر يجمع بين رجال الأعمال المصريين والسعوديين في الرياض، لبحث سبل التعاون المشترك بينهم، كما تسعى مصر حاليا إلى الانضمام إلى الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي، وقال: «إن الانضمام إلى الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون سيكون تدريجيا، فنسعى حاليا إلى عمل اتحاد جمركي مع السعودية أولا، تتبعه بقية الدول الخليجية».

وأضاف أن المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، لمس ترحيبا وتشجيعا من الجانب السعودي لانضمام مصر إلى الاتحاد الجمركي لمجلس التعاون الخليجي كخطوة عملية للبدء الفعلي في إنشاء السوق العربية المشتركة.

وأكد أن مصر تسعى إلى تذليل عقبات التجارة مع الأردن الذي يعتبر بوابة مصر إلى السعودية والأسواق الخليجية، خصوصا أن الأردن يقوم حاليا بإنشاء مناطق لوجيستية، وهذا من شأنه زيادة حجم التجارة وتذليلها مع دول مجلس التعاون الخليجي.

وأضاف أن الطريق الجديد الذي تم إنشاؤه بين الصعيد والبحر الأحمر سيعتبر بوابة مصر إلى السعودية، من خلال ربط ميناء البحر الأحمر مباشرة بميناء جدة، وسيسهل حجم التجارة بين البلدين، كما ستكون السعودية في تلك الحالة بوابة مصر للأسواق الخليجية، وستكون مصر بوابة السعودية إلى الأسواق الأفريقية.

وتعد هذه الخطوة نقلة نوعية في علاقات مصر الاقتصادية بدول الخليج، حيث ستؤدي عمليا إلى اندماج الاقتصاد المصري مع اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، وبخاصة المملكة العربية السعودية، مما يزيد من فرص التعاون المشترك بين الشركات المصرية والشركات السعودية وتوسيع السوق أمام منتجات هذه الدول، كما يؤدي أيضا إلى تأسيس نموذج عملي للسوق العربية المشتركة القائمة على تبادل المصالح بين جميع الأطراف ويخلق أيضا تكتلا اقتصاديا عربيا قويا وفعالا وقادرا على مواجهة التكتلات الاقتصادية الإقليمية الأخرى. وتحتل السعودية المركز الأول من حيث الاستثمارات العربية في مصر، حيث يبلغ إجمالي عدد المشاريع السعودية في مصر نحو 2268 شركة بما قيمته 20.1 مليار جنيه مصري خلال الفترة من 1970 حتى منتصف 2009 في قطاعات «الصناعة، والسياحة، والتمويل، والزراعة، والإنشاءات، والخدمات، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات». وتشير الإحصاءات إلى أن إجمالي عدد المشاريع المنشأة برأسمال مصري في المملكة يبلغ نحو 1147 مشروعا برأسمال مصري 100 في المائة، بتمويل قدره 747 مليون دولار. كما يبلغ عدد المشاريع باستثمارات مشتركة 374 مشروعا، وتبلغ قيمة رأس المال المستثمر في هذه المشاريع نحو 1.5 مليار دولار حتى عام 2007.

وبدأت العلاقة الاقتصادية بين البلدين تأخذ أبعادا جديدة منذ تناولت القمة الثنائية التي عقدت بين الرئيس حسني مبارك وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بالرياض في ديسمبر (كانون الأول) 2009 بحث التعاون الاقتصادي‏، وفتح آفاق جديدة للتعاون التجاري بين مصر والسعودية، والعمل على تذليل العقبات أمام رجال الأعمال في البلدين لمواصلة استثماراتهم بما يحقق المصالح والأهداف المشتركة لكل من مصر والسعودية‏.‏ وأثمر هذا الاجتماع توقيع ‏9 ‏مذكرات تفاهم بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والاستثمارية والصناعية‏.

تعود العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية إلى بداية تأسيس الدولة السعودية الحديثة على يد الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، ومنذ ذلك الوقت حرص على إيجاد علاقة قوية مع مصر.

وطوال تلك الأعوام، يسعى البلدان إلى تعميق العلاقات الاستراتيجية بينهما، وإيجاد سبل لتنمية العلاقات الاقتصادية، وتضاعفت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والسعودية عدة مرات خلال فترة الثمانينات والتسعينات والسنوات الأربع الأولى من القرن الحالي، حيث شهدت نموا مضطردا خلال الأعوام الماضية، فقد احتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة في مصر والمرتبة الثانية على مستوى الاستثمارات العالمية، بقيمة تجاوزت أكثر من 71 مليار جنيه، ويحرص البلدان على الارتقاء بالمسار الاقتصادي، حيث بلغ حجم التجارة البينية بين مصر والسعودية 7.4 مليار دولار في عام 2008، وخصوصا أن المناخ الاستثماري في مصر مهيأ لإقامة مشاريع سواء بصورة مستقلة أو مشتركة مع رجال أعمال مصريين في مختلف القطاعات.