الحاج عبد الغني.. رجل أميركا الأول في قندهار

الزعيم القبلي القوي أمير حرب سابق يقود قوة شبه رسمية وحلقة وصل بين السكان والحكومة

TT

على الرغم من كون الحاج عبد الغني أميا وأمير حرب سابقا يزرع القنب علانية، فإنه يقود قوة شبه رسمية، ويشكل الحليف الرئيسي للقوات الأميركية في معقل طالبان غرب قندهار.

لا يأبه الرجل لكلمات والي قندهار عن معارضة عبد الغني، 44 عاما، له، أو ثناء الجنود الأميركيين عليه بأنه أشبه ما يكون بالأب الروحي، فقد تمكنت الميليشيا التابعة له في تلك المنطقة التي ينتشر فيها المتمردون من تشكيل فقاعة آمنة تمتد على مساحة أربعة أميال، يمكن فيها للمزارعين القيام بأعمال الحصاد للمزروعات التي مولتها الحكومة الأميركية، وللأطفال الذهاب إلى المدرسة الجديدة التي تدعمها الحكومة الأميركية أيضا.

يقول الليفتنانت جون باسزتركو (29 عاما) عن عبد الغني القائد السابق في صفوف المجاهدين الذين حاربوا الاحتلال السوفياتي، ويحكم الآن الأرض التي ورثها عن أسلافه «نحن شركاء في كل شيء، فما يملكه ملك لنا، وما نملكه ملك له. وهو نعم الصديق».

خلال سعي قوات التحالف لإضعاف نفوذ طالبان، أصرت على أن السبيل الأمثل للقيام بذلك يرتكز على تعزيز المؤسسات الأفغانية، بيد أن سيطرة الحكومة اقتصرت على مناطق مأهولة معينة، مما دفع المسؤولين الأميركيين إلى الاعتماد على رجال أقوياء قادرين على الحفاظ على النظام في المناطق الأكثر سخونة حتى وإن كان ولاؤهم للحكومة أمرا مشكوكا فيه.

عدم الاتساق هذا أحدث نوعا من القلق في واشنطن، حيث يقوم الكونغرس بمراقبة إنفاق أموال دافعي الضرائب الأميركيين على أمراء الحرب الذي يحمون قوافل الناتو، وفي كابل، حيث يخشى المنتقدون من أن تؤدي خطة جماعات دفاع القرية المدعومة من الولايات المتحدة إلى توسيع نطاق الميليشيا أو تقويض سلطة الدولة. ويقول أحد المسؤولين الأميركيين في قندهار عن التحالفات مع القبليين الأقوياء الذين يعملون بصورة مستقلة عن الدولة «في هذا السيناريو، لن تمتلك الحكومة الأفغانية أي قوة أو شرعية»، لكنه أضاف «نظرا لأننا مرتبطون بجدول زمني قصير يخضع للدراسة، وماض في التنفيذ، لماذا لا نعتمد عليهم، فهذه المناطق مستقرة؟».

هذه الديناميكية قائمة في هذه الدولة التي مزقتها الحرب، حيث يتم شراء أمراء الحرب السابقين بالسلاح والمال. وفق هذه الخلفية فإن عبد الغني لاعب ثانوي، يسيطر على 3.000 فدان من أرض أسلافه.

لكن منطقة عبد الغني، التي تضم ثلاث قرى تقع على نهر أرغنداب، تحولت فجأة إلى محط تركيز القوات الأميركية خلال حملتها الأخيرة لهزيمة طالبان. فهي تقع على مدخل مدينة قندهار الذي تستخدمها طالبان كطريق إمداد، والقيادة الحكومية هنا ضعيفة للغاية.

لذا فإن عبد الغني وجماعته - قوامها 40 جنديا ولديه نحو 50 جنديا احتياطيا - من وجهة نظر الجنود الأميركيين شركاء حيويون، ومن ثم لمحوا إلى إمكانية ضم القوة إلى خطة دفاع القرية الجديدة. ويرى الجنود الأميركيون وحاكم المقاطعة أن بعض قوات عبد الغني تلقت تدريبات في الشرطة، لكن قائد قوات الشرطة المحلية، وهو حليف لعبد الغني، زودهم بالزي والأسلحة. وخلال زيارة إلى مقر إقامته كان عدد من الجنود يقومون بتنظيف الموائد وتقديم الطعام للضيوف.

يعتبر رجال عبد الغني أقرب ما يكونون في هذه المنطقة إلى القوات الأمنية الأفغانية. فجنود الجيش الأفغاني الذين كان من المفترض أن يقاسموا القوات الأميركية الموقع العسكري المشترك القريب من ناو روزي لم ينتشروا في أوائل يوليو (تموز) كما كان مفترضا، لذا عندما قام مقاتلو طالبان بنصب كيمن لقوات بازستركو في أواخر يونيو (حزيران) شاركت قوات عبد الغني في صدهم. وبعد انفجار قنبلة على جانب الطريق بالقرب من قريته طالب عبد الغني باجتماع وجهاء القرى، وطلب منهم عدم تكرار هذه الحادثة مرة أخرى.

وقال الكابتن بول دي ليون (29 عاما) قائد الوحدة القتالية دوركين «عبد الغني واحد من الأشخاص القليلين الذين يشعرون بالمسؤولية».

ربما يعود ذلك في جزء منه إلى أن نمط الحياة يختلف مع قوانين طالبان. فأرض عبد الغني (الذي أكد على أنه لا يدخن) الواسعة مزروعة بنبات القنب. وقد قدم لضيوفه الخمر على الرغم من أنه يفضل شرب «رد بول» المستورد من تايلاند. وعرض بعض الندوب لإصابات تعرض لها خلال اشتراكه في الحرب ضد قوات الاحتلال السوفياتي، وضد طالبان تحت قيادة عبد رب الرسول سياف، قائد قوات التحالف الشمالي الذي اتهمت قواته بارتكاب فظائع في التسعينات.

وعرض على الحاضرين جوادا أبيض قال إنه كان خاصا بزعيم طالبان الملا محمد عمر، وتركه عندما فر خلال الغزو عام 2001. ومنحه أحد موظفي الملا عمر إلى أحد الشيوخ الذي أعطاه لعبد الغني كغنيمة حرب.

وقال عبد الغني «أنا الوحيد القادر على العناية بهذا الجواد، فالأشخاص الذين يملكون الأسلحة هم القادرون على العناية بهذا الجواد». وأضاف عبد الغني أن ثروته جاءت من أرضه التي يؤجرها للفلاحين، ومن الخدمات الأمنية التي يوفرها للشركة اليابانية التي تعمل في المحجر الضخم الواقع في أرضه. وكان الحصى الذي يغطي الموقع الأميركي هدية منه.

تلقى عبد الغني مكافأة على شراكته تلك، حيث يحرص الجنود الأميركيون على حصول قواته على الذخيرة. كما تمر قناة ري في حديقته المرتبة بعناية قامت بشقها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي قامت أيضا بتزيين الحديقة العامة المقامة على الأراضي المملوكة له. بالخارج هناك مبنى المدرسة التي يقول عنها الأميركيون إنها مدرسة الحاج عبد الغني، التي اكتملت تقريبا.

غير أن ديلون يقول إن البنائين يشكون من أن عبد الغني دائم الضرب لهم عندما يغضب من العمل. وفي أقصى الغرب على الطريق السريع رقم 1، يقول صفي أحمد، كابتن بالجيش الأفغاني، إن سائقي الشاحنات يشكون من فرض قوات الحاج عبد الغني ضرائب غير قانونية ويعذبون من يرفض الدفع. ويقول دي ليون «نحن نعينه على تلك الأعمال عبر الشراكة».

وعبر ديلون ومسؤولو الناتو عن أملهم في أن يعمل عبد الغني ورجال القبائل الأقوياء مثله كحلقة وصل بين السكان والحكومة، على الرغم من أن أي حكومة حقيقية قد ترفض سطوة هؤلاء الزعماء القبليين الأقوياء.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»