أوباما: يسهل على «إف بي آي» جمع معلومات من الإنترنت

مدير المباحث الأميركية: لا نستهدف مسلمين

TT

في اليوم نفسه الذي نفى فيه، خلال جلسة استجواب في الكونغرس، روبرت مولر، مدير مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي)، أن المكتب يستهدف المسلمين، وهو يراقب النشاطات الإرهابية، أصدر الرئيس باراك أوباما تعديلات في قانون كان قد وضعه الرئيس السابق بوش الابن ليعطي «إف بي آي» حق الحصول على معلومات من الإنترنت عن أشخاص يشك فيهم، من دون إذن من محكمة.

وكان الاتحاد الأميركي للحقوق المدنية (أيه سي إل يو)، ومنظمات أخرى لحقوق الإنسان ومنظمات إسلامية وعربية اشتركت في رفع مذكرات عن هذا الموضوع إلى البيت الأبيض ووزارة العدل وأعضاء الكونغرس.

وأمس، قال مولر مدير المباحث الأميركية: «لا تستهدف التعليمات التي أصدرتها إلى الشرطة والمحققين أي عرق»، وكانت اللجنة القانونية لمجلس الشيوخ تناقش تقارير بوجود خروقات وغش وتحايل على تعليمات «إف بي آي» عن طريقة مراقبة الإرهابيين. غير أن السيناتور باتريك ليهي (ديمقراطي من ولاية فيرمونت) أثار موضوع استهداف المسلمين. وقال مدير «إف بي آي»: إن الشرطة والمحققين يقضون 18 ساعة في التدريب على طرق مراقبة الإرهابيين، بهدف تحاشي اتهام أو مضايقة الأبرياء. ورغم أنه لم ينف حدوث خروقات وغش، فإنه قال: «أنا واثق جدا بأن الذين يعملون معنا يفهمون جيدا ما يجب أن يحققوا فيه، ومع من، وكيف».

وفي إجابة عن سؤال من السيناتور ديك ديربان (ديمقراطي من ولاية إلينوي)، قال مدير «إف بي آي»: إن حقيقة أن «مجموعة دينية معينة (المسلمين) لها صلة بالموضوع لا تكفي للتحقيق». وأضاف: «يجب أن تكون هناك أسباب أخرى».

وفي مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، قالت فرحانة خيرة، مديرة منظمة إسلامية أميركية، إن «إف بي آي» يمارس «نشاطات معادية ويجمع معلومات، كما تقول، ويعتمد هذه النشاطات على خوف وشكوك من جانب الشرطة والمحققين، وليس على أدلة قوية بارتكاب شخص معين عملا إجراميا معينا».

وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن أساس المشكلة هو ربط الحكومة والإعلام والرأي العام الأميركي بين شيئين: هجوم 11 سبتمبر (أيلول) في جانب، والإسلام والمسلمين في الجانب الآخر. وأن تأكيدات «إف بي آي» وبقية الأجهزة الحكومية والمسؤولين الأميركيين، حتى تأكيدات الرئيس أوباما، بأن المسلمين ليسوا مستهدفين، تواجه الإحساس العام، والمبطن، بأن كل مسلم يمكن أن يكون إرهابيا. في سنة 2008، في آخر سنة للرئيس السابق بوش الابن، حيث أصدر ما يسمى «إرشادات التحقيقات والعمليات الداخلية» بهدف محاربة الإرهاب والتجسس المضاد والجريمة داخل الولايات المتحدة. ورغم أن هذه تمنع استهداف أي عرق أو دين أو وطن، فإن منظمات حقوق إنسان ومنظمات إسلامية اشتكت من أن تعليمات «جمع معلومات من شخص من دون اتهامه» تؤثر فيها شكوك، إن لم يكن خوف، من هذا الشخص إذا كان مسلما. ويوم الثلاثاء، رفع اتحاد «إيه سي إل يو» لحقوق الإنسان قضية تطلب من «إف بي آي» الكشف عن طرق تنفيذ تعليمات الرئيس السابق بوش. وكشف كل وسائل «جمع المعلومات» في واشنطن العاصمة، و29 ولاية أميركية. ونشر الاتحاد نتائج تحقيقات خاصة قام بها، أوضحت أن شرطة «إف بي آي»، بهدف «جمع معلومات عن الإرهاب»، وضعت خرائط لمدن كبيرة وصغيرة، وقسمتها حسب أعراق وطوائف إثنية. وشملت التقسيمات نشاطات تجارية واحتفالات اجتماعية وعادات وتقاليد تمارسها هذه الأقليات. وقال بيان الاتحاد: «بينما يمكن أن يكون جمع معلومات على أسس عرقية مفيد لكشف ومواجهة التفرقة العنصرية، يمارس «إف بي آي» عملا غير دستوري عندما يرسم خرائط سكانية حسب الأعراق». وقال بيان أصدره مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) إن «إف بي آي»، بهدف جمع معلومات عن الإرهاب، أرسل جواسيس إلى مساجد لجمع معلومات عن الزكاة والمساعدات التي يقدمها المسلمون لبعضهم البعض، وعن جمعياتهم الخيرية وعن أعمالهم. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، على لسان مسؤولين في «إف بي آي»، تأكيدات بأن «جمع المعلومات» لا يخرق حقوق أي أقلية. غير أن المسؤولين رفضوا الكشف عن تفاصيل جمع معلومات من مؤسسات دينية ومن أماكن عبادة، ومن منازل نشطين، ومن اجتماعات ومظاهرات. وفي الوقت نفسه، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الرئيس أوباما أرسل إرشادات إلى «إف بي آي» لتسهيل مراقبة نشاطات الإنترنت إذا كانت لذلك «صلة للمعلومات بتحقيقات إرهابية أو استخباراتية»، وحسب قانون منذ إدارة الرئيس السابق بوش الابن، فإنه يجب على «إف بي آي» الحصول على إذن من محكمة قبل تقديم طلب إلى شركات خدمات الإنترنت للحصول على رسائل وبيانات وآراء شخص معين. لكن، حسب تعليمات أوباما، صار هناك استثناء لما يسمى «وثائق اتصالات ومعاملات إلكترونية».

ونقلت الصحيفة على لسان خبراء إنترنت وأمن واستخبارات قولهم إن: «إف بي آي»، حسب تعليمات أوباما، يقدر على طلب شركات خدمات الإنترنت بإمدادها بعنوان، ومراسلات، وتواريخ، وأوقات إرسال واستلام، والمواقع التي يزورها شخص معين. ورغم أن هؤلاء الخبراء قالوا إن القانون لا يسمح بكشف محتويات الرسائل، فقد قال بعضهم إن هناك نقطتين مهمتين في هذا المجال: أولا: ربما لن ترفض شركات خدمات الإنترنت طلبا من «إف بي آي» للحصول على محتويات رسالة معينة «لأسباب أمنية»، خاصة أن هذه الشركات أميركية ولا تريد أن تتهم بالتقصير في المحال الأمني والاستخباراتي.

ثانيا: إذا قدمت هذه الشركات معلومات إلى «إف بي آي» عن مواقع الإنترنت التي يزورها شخص معين، تكون ساهمت في تحقيق جزء من هدف «إف بي آي».

وقال ستيوارت بيكر، مسؤول سابق في وزارة الأمن: «سيكون سهلا وسريعا الحصول على معلومات من شركات خدمات الإنترنت».

وقال مايكل ساسمان، مستشار سابق في وزارة العدل: «توجد كميات عملاقة من المعلومات في الإنترنت يمكن الحصول عليها من دون إذن من محكمة، حسب هذا التعديل في القانون».

وحسب إحصاءات، خلال ثلاث سنوات (2003 - 2006)، أرسل «إف بي آي» مائتي ألف طلب إلى شركات ومؤسسات للمساعدة في جمع معلومات عن أشخاص أو منظمات أو مؤسسات. لكن، لا توضح الأرقام الطلبات التي أرسلها «إف بي آي» إلى شركات الإنترنت.