خادم الحرمين والرئيس الأسد يبحثان توحيد الصف الفلسطيني وتسريع تشكيل الحكومة العراقية

القمة السورية ــ السعودية دعمت التوافق في لبنان وتثبيت استقراره ووحدته * القمة بحثت العلاقات الثنائية المميزة والتعاون البناء إزاء مختلف القضايا

خادم الحرمين الشريفين والرئيس السوري خلال لقائهما أمس (إ.ب.أ)
TT

رأس خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والرئيس السوري بشار الأسد، جلسة المباحثات الرسمية التي عقدت بين الجانبين بعد عصر أمس في دمشق.

وفي بداية الجلسة رحب الرئيس الدكتور بشار الأسد بخادم الحرمين الشريفين متمنيا له طيب الإقامة.

من جهته أعرب الملك عبد الله بن عبد العزيز عن شكره وتقديره للرئيس السوري على ما وجده ومرافقوه من حسن الاستقبال وكرم الضيافة في سورية.

عقب ذلك جرى بحث مجمل القضايا والمستجدات على الساحة العربية، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني جراء الحصار المفروض عليه، وما تشهده الأراضي المحتلة من اعتداءات متكررة على المنشآت والممتلكات والأرواح من قبل القوات الإسرائيلية، وكذلك ما تشهده عملية السلام من تعثر وتعطيل وضرورة توحيد الصف الفلسطيني والعمل على تحقيق السلام العادل والشامل الذي يضمن عودة الأراضي العربية المحتلة لأصحابها وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في إقامة دولته المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

كما تناولت المباحثات الوضع في العراق وحاجته الملحة للإسراع في تشكيل حكومة وطنية تعمل على تغليب مصلحة العراق على المصالح الشخصية وتحفظ وحدة العراق وسلامته وأمن مواطنيه.

وتطرق الزعيمان خلال المباحثات إلى الوضع في لبنان وأهمية تجاوز الخلافات بين أطيافه ونبذ الفرقة بين جميع أبنائه لتجاوز المصاعب التي يمر بها ولتحقيق الأمن والسلام لشعبه.

وشملت المباحثات كذلك مجمل التطورات على الساحتين الإسلامية والدولية وموقف البلدين الشقيقين منها إضافة إلى آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.

ووفقا لبيان رسمي سوري أكدت القمة السورية - السعودية على «دعم مسيرة التوافق التي شهدها لبنان منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ودعم كل ما يسهم في تثبيت استقراره ووحدته وتعزيز الثقة بين أبنائه». وتناولت جلسة المباحثات التي عقدها الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد، العلاقات الثنائية «المميزة والتعاون البناء بين البلدين خلال الفترة الماضية إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك»، و«الإرادة المشتركة لدى الجانبين لمواصلة هذه المسيرة والعمل معا لمواجهة تحديات الأمة العربية وخدمة قضاياها العادلة». وقال البيان إن الرئيس الأسد والملك عبد الله أكدا «أن الوضع العربي الراهن والتحديات التي تواجه العرب، ولا سيما في فلسطين المحتلة، يتطلب من الجميع مضاعفة الجهود للارتقاء بالعلاقات العربية - العربية والبحث عن آليات عمل تعزز التضامن وتدعم العمل العربي المشترك». وجدد الجانبان التأكيد على «ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية كضامن أساسي لحقوق الشعب الفلسطيني»، وأشادا بـ«المواقف المشرفة التي اتخذتها تركيا لنصرة الفلسطينيين وكسر الحصار اللاإنساني المفروض على قطاع غزة»، ودعيا إلى «توحيد الجهود لمعاقبة إسرائيل على جريمتها النكراء بحق (أسطول الحرية)، وضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع هذا الحصار الجائر فورا ووضع حد لممارساته الإجرامية والاستيطانية في الأراضي العربية المحتلة التي تؤكد رفض إسرائيل للسلام ومتطلباته». وفي الملف اللبناني، قال البيان إن الرئيس الأسد والملك عبد الله أكدا حرصهما على «دعم مسيرة التوافق التي شهدها لبنان منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ودعم كل ما يسهم في تثبيت استقراره ووحدته وتعزيز الثقة بين أبنائه». وحول العراق، دعا الجانبان إلى «تشكيل حكومة وطنية عراقية بأسرع وقت ممكن تضمن مشاركة جميع الأطياف السياسية وتحفظ عروبة العراق وأمنه واستقراره».

ومن المنتظر أن يرافق الرئيس السوري بشار الأسد ضيفه الكبير الملك عبد الله بن عبد العزيز في زيارة إلى بيروت اليوم (الجمعة)، لعقد قمة ثلاثية سورية - سعودية - لبنانية. وبناء على معلومات غير مؤكدة، هناك توقع بتوسع القمة لتشمل قطر وتركيا.

حضر جلسة المباحثات من الجانب السعودي أعضاء الوفد الرسمي المرافق لخادم الحرمين الشريفين.

كما حضرها من الجانب السوري نائب رئيس الجمهورية والوزراء.

وعقدت المباحثات بعد وصول خادم الحرمين الشريفين إلى دمشق قادما من شرم الشيخ، حيث كان الرئيس الأسد في مقدمة مستقبليه في مطار دمشق الدولي، كما كان في استقبال الملك عبد الله عدد من الوزراء والسفراء العرب المعتمدين في دمشق والسفير السعودي لدى سورية وأعضاء السفارة وشيوخ العشائر السورية.

وبعد استراحة قصيرة في قاعة الشرف، توجه الرئيس الأسد والملك عبد الله إلى قصر الشعب، حيث جرت مراسم استقبال رسمية عزف خلالها النشيدان الوطنيان للمملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية، ثم جرى استعراض حرس الشرف بينما كانت المدفعية تطلق إحدى وعشرين طلقة تحية لخادم الحرمين الشريفين ضيف سورية الكبير.

بعد ذلك صافح العاهل السعودي كبار مستقبليه؛ نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، ورئيس مجلس الوزراء محمد ناجي عطري، ووزير المالية محمد الحسين، ووزير الخارجية وليد المعلم، والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان، ووزير التربية علي سعد، ووزير الإعلام محسن بلال، وزير الإعلام ووزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، وسفير سورية في الرياض مهدي دخل الله.

ثم صافح الرئيس الأسد الوفد الرسمي السعودي الذي ضم الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، والأمير مقرن بن عبد العزيز، رئيس الاستخبارات العامة، والأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود، وزير التربية والتعليم، والأمير تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود، مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز، مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير منصور بن ناصر بن عبد العزيز، مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود، مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير منصور بن عبد الله بن عبد العزيز، ووزير المالية الدكتور إبراهيم بن العساف، ووزير الثقافة والإعلام، الدكتور عبد العزيز خوجة، والشيخ مشعل العبد الله الرشيد، ورئيس الديوان الملكي، خالد بن عبد العزيز التويجري، ورئيس المراسم الملكية، محمد الطبيشي، ورئيس الشؤون الخاصة لخادم الحرمين الشريفين، إبراهيم الطاسان، ومستشار خادم الحرمين الشريفين، المشرف على العيادات الملكية، الدكتور فهد العبد الجبار، ونائب رئيس الديوان الملكي، خالد العيسي، وقائد الحرس الملكي الفريق أول حمد العوهلي، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى سوريا عبد الله العيفان.في تلك الأثناء ازدانت شوارع دمشق بالأعلام السورية والسعودية، وتصدرت صفحات الصحف المحلية إعلانات ترحب بخادم الحرمين الشريفين، فاحتل نصف الصفحة الأولى من جريدة «تشرين» ترحيب من شيخ عشيرة العنزة عبد العزيز طراد الملحم، الذي نشر إعلانا آخر في جريدة «الوطن» والتي أفردت صفحتها الأولى لإعلان ترحيبي من قبل مجلس رجال الأعمال السوري - السعودي، وفي الصفحات الداخلية نشرت «مجموعة بن لادن السعودية» في دمشق ترحيبا مماثلا.

فيما تحدثت افتتاحيات الصحف الرسمية عن أهمية الزيارة الثانية خلال أقل من عام للملك عبد الله، فعبرت صحيفة «البعث»، الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي (الحزب الحاكم) عن الأمل في أن يدشن لقاء القمة السورية السعودية «بداية العمل العربي الجاد من أجل.. حماية مصالح العرب وقضاياهم، وليكون لهم مكان لائق بين الأمم والشعوب». فيما اعتبر الباحث والمحلل السياسي إبراهيم دراجي أن هذه القمة استثنائية، وفي مقال نشرته جريدة «تشرين» على صفحتها الأولى قال دراجي إن هذه القمة تحتل «أهمية استثنائية نظرا لمكانة البلدين ودورهما الريادي في المنطقة حيث تحظى سورية والسعودية بشبكة علاقات دولية متميزة، وقد تبدو متناقضة أحيانا، إلا أن هذا التناقض الظاهر يخفي في حقيقته تنوعا مفيدا ينبغي أن يخدم القضايا والمصالح المشتركة للأمة العربية».

من جانبها قالت جريدة «الثورة» في افتتاحيتها «بين سورية والعربية السعودية، قناة دائمة لعودة الحوار.. لاستمراره.. لتطويره.. ولتقديمه أنموذجا لصلاحية العمل الوطني السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لدعم العمل القومي عندما تتوفر النيات» وأضافت «لسنا مع العربية السعودية قطبي خلاف.. ولسنا متطابقين، لكننا بضمير العروبة نجد دائما أكثر من فرصة للقاء وأكثر من لغة للحوار.. وأكثر من منهج للتفاهم» واعتبرت أن زيارة خادم الحرمين الشريفين لدمشق «تأتي في الزمن الصعب الذي يسأل عن همة أصحاب الهمم» كما اعتبرت افتتاحية جريدة «تشرين» الزيارة «مناسبة وفرصة مهمة» على طريق ترسيخ «أن بوسع العرب من خلال إمكانياتهم وحضورهم وعلاقاتهم التضييق على المشروع الصهيوني، وتعميق انكشافه من خلال دعم قضايانا الأساسية بالقول والفعل، وضمان استقرار الواقع العربي على قاعدة التضامن، والارتقاء بمفهوم التضامن أكثر فأكثر من خلال تفعيل الإمكانيات، والقيام بالمسؤوليات الوطنية والقومية انطلاقا من القاعدة الاستراتيجية، وهي الحرص على هذا الأمن القومي»، وأكدت أن الزيارة مهمة لتفعيل هذه المفاهيم «انطلاقا من أهمية لقاء القائدين بشار الأسد والملك عبد الله، ومن قدرتهما ودورهما ورؤيتهما لواقع الأمة، ولأهمية تحصينه وتطويره بفعلهما القومي وفاعليته».