اتفاق بين زعماء دارفوريين بجوبا يمهد لتوحيد الفصائل المسلحة

انتهاء أزمة الطيار الروسي المفقود.. والحكومة تتهم عبد الواحد نور بمهاجمة النازحين لتقويض السلام

TT

وقع ثلاثة من قادة دارفور، بينهم مسؤولان سابقان رفيعان في الدولة، اتفاقا بمدينة جوبا عاصمة الجنوب، يمهد لتوحيد فصائل دارفور المسلحة والتخطيط لمرحلة ما بعد استفتاء جنوب السودان، مع تشديد القادة على التمسك بالسلام، في وقت اتهمت فيه الحكومة حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور بشن هجمات على معسكر للنازحين بولاية جنوب دارفور باستخدام الأسلحة النارية الثقيلة والخفيفة، مما نتج عنه خسائر في الأرواح والممتلكات. وفي غضون ذلك، أعلنت الأمم المتحدة والخرطوم عن انتهاء أزمة اختفاء طيار روسي عقب ملابسات صاحبت اختفاء طائرته بدارفور.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» كبير مساعدي الرئيس السوداني السابق، رئيس حركة تحرير السودان، مني آركو مناوي، أن لقاء استمر يومين في مدينة جوبا بجنوب السودان ضمه مع والي غرب دارفور السابق رئيس حركة تحرير السودان الأم أبو القاسم إمام الحاج، ونائب رئيس حركة التحرير والعدالة احمد عبد الشافع «توبا»، بحث الأزمة في إقليم دارفور، وانتهى بتوقيع اتفاق ثلاثي أكد وحدة إقليم دارفور أرضا وشعبا وحل الأزمة سياسيا وتوحيد الفصائل الدارفورية المختلفة. وكان مني، أحد أبرز قادة الحركات المتمردة في دارفور، قد وقع اتفاقا مع الحكومة في عام 2006، ومنحته الخرطوم منصب كبير مساعدي الرئيس حتى شهر مايو (أيار) الماضي، بعد أن أعاد البشير تعيين معظم مستشاريه ومساعديه السابقين عدا مني وآخرين، مما أثار تساؤلات حول وضع الرجل القوي، لكن مني ذهب إلى جنوب السودان، وقضى نحو أسبوعين بجوبا في مباحثات مع قيادات حكومة الجنوب والحركة الشعبية لم تكشف تفاصيلها.

وحول موقفه من اتفاقه مع الحكومة، أكد تمسكه باتفاق أبوجا للسلام واستمرار مفاوضات مع الخرطوم حول مصير اتفاق السلام، وفي السياق ذاته أكد لـ«الشرق الأوسط» والي غرب دارفور السابق رئيس تحرير السودان الأم أبو القاسم إمام أن الاتفاق جاء في سياق توحيد كل الفصائل الدارفورية. وأشار إلى اتصالات مع كل الفصائل وحملة السلاح من أجل توحيد الجهود. وقال «الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار بدارفور ووقف المأساة فيه هو توحيد الحركات والمواقف وترك الخلافات».

وكان إمام قد رفض موقعا وزاريا في التشكيل الجديد لحكومة البشير، بعد أن اتهم السلطات بالتراجع عن اتفاق السلام بأبوجا، فيما اعتبر عبد الشافع الاتفاق خطوة مهمة لترك الخلافات والظروف التي أدت إلى مشاركة البعض في الحكومة، أو الاستمرار في المقاومة المسلحة، أو أولئك الذين يفاوضون الحكومة. وأشار إلى أن الاتفاق الموقع في جوبا ناشد المنظمات الدولية لتقديم العون للنازحين واللاجئين، وطالب المؤتمر الوطني الحاكم بترك ممارساتها التي تسببت في الأزمة الكبيرة، ودعم الاتفاق حق الجنوبيين في إجراء استفتاء تقرير المصير في وقته المحدد، وأكد على العلاقة الراسخة بين الحركة الشعبية وبقية الفصائل الدارفورية والدور الذي يمكن أن تلعبه في حل الأزمة في دارفور.

وأوضح الاتفاق أن منبر السلام في الدوحة يجد كل الدعم من كل أبناء دارفور لتحقيق السلام، ويتوقع المراقبون أن تثير الخطوة شكوك الخرطوم تجاه الاتفاق والحركة الشعبية ودوافع توقيعه. وأشار الموقعون على الاتفاق إلى أن الاتصالات تشمل عبد الواحد نور رئيس حركة تحرير السودان، لتوحيد الفصائل في فصيل واحد هو الحركة التي بدأت العمل المسلح قبل تسعة أعوام، وكان الثلاثة الموقعون إضافة إلى عبد الواحد نور من أبرز القيادات المتمردة.

في غضون ذلك، أكد والي ولاية جنوب دارفور عبد الحميد موسى كاشا، أن مجموعة من العناصر المتمردة الموالية لحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور هاجمت عدة مواقع داخل معسكر «كلمة» للنازحين بولاية جنوب دارفور، مستخدمة الأسلحة النارية الثقيلة والخفيفة، مما نتج عنه خسائر في الأرواح والممتلكات. وقال إن المتمردين اعتدوا على النازحين الذين شاركوا في مفاوضات الدوحة واستجابوا لنداء السلام، موضحا أن هذا الاعتداء هو جزء من المسلسل الذي تقوم به مجموعة عبد الواحد محمد نور داخل معسكر «كلمة»، بنية تصفية كل العناصر التي شاركت في مفاوضات الدوحة واستجابت لنداء السلام، وإفشال عملية السلام.

إلى ذلك، قال دبلوماسيون روس وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في السودان إن الطيار الروسي المفقود، إثر خطفه منذ عدة أيام، أطلق سراحه يوم الخميس، وسلم إلى بعثة الأمم المتحدة في دارفور. وقالت متحدثة باسم الأمم المتحدة في نيويورك «يمكننا الآن تأكيد أن الطيار تم التعرف على مكانه وإعادته سالما إلى نيالا. وشاركت الحكومة السودانية في العثور عليه». وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني المقدم الصوارمي خالد سعد في بيان له إن الفرق الأمنية وبمساعدة المواطنين تعرفت على الطيار الروسي بالقرب من قرية تبلدية في جنوب دارفور، حيث كان يحتجزه بعض المتفلتين، ومن ثم أطلق سراحه وعاد بسلام إلى مدينة نيالا.

ونقلت وكالة «إنترفاكس» للأنباء عن ميخائيل مارغيلوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى السودان قوله «قائد طاقم الهليكوبتر الذي اختفى في السودان في 26 من يوليو (تموز) وأسر قد أطلق سراحه، وهو الآن لدى بعثة الأمم المتحدة». وقال إن «قوات شبه عسكرية غير نظامية» سودانية كانت وراء خطفه. وأضاف «موقفنا بسيط. ليس من حق أي من الأطراف المتحاربة في السودان اتخاذ الطيارين الروس ورقة للمساومة. وقد عبرنا عن ذلك بأسلوب واضح ومشدد لكل من يتابعون الموقف في السودان».

وقال متحدث باسم السفارة الروسية في الخرطوم إن الطيار في حالة طيبة. وقالت الأمم المتحدة يوم الأربعاء إن الطيار المفقود وثلاثة من قادة المتمردين تعرضوا للضرب عندما هبطت طائرتهم التابعة للأمم المتحدة بعيدا عن مقصدها في دارفور في وقت سابق هذا الأسبوع. ولم يتبين بعد من المسؤول عن تعرضهم للضرب. وتحقق الأمم المتحدة في الواقعة. وبعد ذلك نقل الطاقم والركاب ما عدا الطيار إلى معسكر تابع للجيش السوداني.

وفقدت الطائرة المملوكة لشركة «يو تي إير» الروسية الاتصال بعد أن هبطت في منطقة تقطنها أغلبية من القبائل العربية غرب السودان يوم الاثنين. وكانت تقل ثلاثة من قادة المتمردين في طريقهم إلى محادثات سلام. وقال مسؤولون بالأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن الجيش السوداني منع الهليكوبتر من الإقلاع بعد أن هبطت بعيدا عن وجهتها الأصلية بسبب سوء الأحوال الجوية. ونفى المسؤولون تقارير سابقة أفادت بأن الطائرة احتجزها متمردون.