أمير قطر بعد جولته في الجنوب: لبنان لا يزال يواجه الكثير من التحديات

مصادر الوفد القطري لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لأخذ التزام جديد من الفرقاء اللبنانيين بالاستمرار في تنفيذ اتفاق الدوحة

الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مع حرمه الشيخة موزة أثناء زيارتهما إلى حنوب لبنان أمس حيث كان في استقبالهما رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري (إ.ب.أ)
TT

توج أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني زيارته إلى بيروت أمس بجولة في الجنوب اللبناني، وبالتحديد على القرى التي ساهمت قطر في إعادة بنائها بعد حرب يوليو (تموز) 2006، وأبرزها بنت جبيل. وقد أعد حزب الله وحركة أمل التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، استقبالا شعبيا حاشدا للأمير القطري الذي وصل بمروحية إلى المنطقة ترافقه عقيلته الشيخة موزة بنت ناصر المسند، ورئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان وعقيلته السيدة وفاء سليمان.

وقالت مصادر الوفد القطري لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة الأمير القطري تأتي في إطار مواصلة الجهد القطري الذي بدأ مع اتفاق الدوحة، وهو مستمر اليوم للمحافظة على هذا الاتفاق وأخذ التزام جديد من الأفرقاء اللبنانيين كافة بالاستمرار في تنفيذ بنوده تماما كما يسعى الأمير القطري مع باقي القادة العرب لتأمين الاستقرار اللبناني الذي يشكل إحدى البوابات الرئيسية للحفاظ على استقرار المنطقة ككل».

ووسط حلقات الدبكة ونثر الورود والأرز، وبحضور رئيس الحكومة سعد الحريري، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد، افتتح الأمير القطري السوق الأثرية في بنت جبيل والمستشفى الحكومي في المنطقة. وفي ظل إجراءات أمنية مكثفة اتخذتها وحدات من الجيش اللبناني والقوى الأمنية المختصة ودورية للكتيبة الإسبانية العاملة في «اليونيفيل»، وفي غياب لافت لأي دوريات للقوات الإسرائيلية على الحدود، عبر الموكب الرئاسي بوابة فاطمة الحدودية متوجها إلى بلدة الخيام، وصولا إلى بلدة دير ميماس، فالمصيلح، حيث أقام رئيس المجلس النيابي نبيه بري حفل غداء على شرف الأمير القطري وعقيلته.

ورأى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني خلال جولته الجنوبية أن «لبنان لا يزال يواجه الكثير من التحديات، وهو أهل لمواجهتها، وعلى رأسها تحدي بناء المجتمع وإعادة إعمار المواطن، الذي يمثل معركة لا تحتمل رابحا وخاسرا، فإما أن يكسبها اللبنانيون والعرب معهم أو أن يخسرها اللبنانيون والعرب معهم أيضا، وهذا يعني التمسك بالعروبة وبالمواطنة بما تعنيه من الانتماء لهذا الوطن الذي يتسع لكل الديانات والمذاهب».

وقال «لقد وجدتم الدوحة والطائف جاهزتين لاحتضان اتفاقاتكم، لكنكم لن تحتاجوا لهذه المدن إن شاء الله في المستقبل، ونحن سنبقى إلى جانبكم، وستجدوننا دوما معكم مسيحيين وسنة وشيعة، وليس لدينا شك في أن لبنان يعرف مصلحته ويعرف كيف يخرج من محنته، وقد رفع أبناء الجنوب رأس لبنان كله ورؤوس العرب جميعا، وهنيئا للبنان بإعادة الإعمار».

من جهته، قال رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري إن «هيئة الأركان الإسرائيلية تحولت اليوم إلى محاولة بث التفرقة بين اللبنانيين عبر المحكمة الدولية، وأصبح الشغل الشاغل لإسرائيل هو المحكمة الدولية». وأضاف «لقد اتفقنا في الدوحة برعايتكم على السير بلبنان في طريق واضح للخروج من أزماته، ونأمل التشديد على الدوحة واتفاق الطائف للحفاظ على السلم الأهلي»، متمنيا «على سمو أمير قطر تقوية مناعة لبنان تجاه محاولة هذا الشرخ الذي تحاول إسرائيل أن تقيمه بين المواطنين وقوات اليونيفيل لتقويض هذا القرار والتهرب منه». وأكد في هذا الإطار على «وفاء لبنان بالتزاماته تجاه القرار 1701، وبناء أفضل العلاقات مع اليونيفيل والجيش اللبناني».

من جهته، لفت رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إلى أن «مشكلة إسرائيل اليوم هي في كيفية تضليل العالم حول مشروعية حصارها لغزة والعدوان عليها واستمرارها في الاستيطان واحتلالها لأراض لبنانية، وحول كيف تقنع العالم بأنها تدخل التطبيع، وهي كانت تفعل ذلك سابقا مستندة إلى مقولة إن جيشها لا يقهر، لكنها اليوم أعجز من ذلك، وها هي تفتعل الفتن وتثير الأزمات وتستدرج بعض الفلسطينيين لمفاوضات عقيمة لتقطيع الوقت وتعميق الانقسام، ونحن نرفض ذلك ونرحب في الوقت عينه بكل جهد عربي يحمي لبنان».

وقال رعد متوجها للأمير القطري «نحن نعرف ما بذلتموه أيام الحرب من جهود لوقفها، ونعرف أولياء العدوان الذين كانوا يعولون على استمرار الحرب، ونعرف أن المقاومة هي التي أرغمت إسرائيل وحلفاءها على صدور القرار 1701 تحت الفصل السادس، وعلى تعزيز قوات اليونيفيل، ويدرك اللبنانيون جميعا بعد الأزمة المريرة التي ألمت بلبنان أن اتفاق الدوحة فتح الطريق إلى خروج لبنان من تلك الأزمة». ولفت في هذا الإطار إلى أن «ذاك الاتفاق يتعرض اليوم لتهديد جديد بتسلل صياغة قرار ظني واضح يهدف لتلفيق تهمة عبر التسييس لتحقيق ما عجزت عنه إسرائيل في حرب يوليو، وفعلا فإن التسييس هو أبعد ما يكون عن العدالة، ونحن دققنا ناقوس الخطر لأننا أردنا ونريد أن نحفظ لبنان بأغلى ما عندنا».

ومساء، لبى الأمير القطري دعوة الحريري إلى حفل عشاء في السراي الكبير، وهو يشارك اليوم كضيف شرف في الاحتفال بعيد الجيش في ثكنة «شكري غانم» في منطقة الفياضية.