مذكرة سرية موقعة من الرئيس الصومالي تحذر من التفاوض مع تنظيم «أهل السنة»

قالت: إن التحالف مع مصر والسعودية وقطر والسودان طبيعي

مسلحون صوماليون تابعون لجماعة أهل السنة والجماعة وهي جماعة معتدلة تقاتل حركة الشباب الإسلامي المتطرفة يعرضون أسلحتهم في مسيرة بالعاصمة مقديشو أمس (رويترز)
TT

اقترحت مذكرة سرية موقعة من الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد الاستمرار في محاولة عقد مفاوضات مع المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة بالسلطة الانتقالية في الصومال دون علم الحكومات الغربية.

وقالت المذكرة التي تحمل عنوان «المذكرة الاستراتيجية السياسية» وأعدتها مجموعة من العلماء الصوماليين بناء على طلب الشيخ شريف، إن العلاقات مع الحكومات الغربية سيئة وجيدة في نفس الوقت، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن هذه الحكومات تقدم الدعم المادي والمعنوي، فإن تورطها على هذا النحو يجعل من عملية تقريب وجهات النظر مع المعارضة عملية صعبة.

وأضافت المذكرة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها وتقع في صفحتين وكتبت أساسا باللغة الإنجليزية قبل ترجمتها إلى اللغة العربية: «إن أغلب قوات المعارضة لا تثق في الغرب لذلك لا يريدون وقف القتال أو الانضمام للحكومة الانتقالية في الصومال». وبعدما اعتبرت أن عملية تقريب وجهات النظر مع المعارضة هي أكثر أهمية من تأييد الدول الغربية التي تظهر حكما يفتقر للسياسة الأساسية الصومالية.

واقترحت المذكرة أن تواصل الحكومة الصومالية دائما المفاوضات مع الخوارج (المتمردين الإسلاميين) دون علم الحكومات الغربية على أن تكتفي الحكومة مقدما ودائما باستشارة الحكومات الغربية والإسلامية التي تثق بها قبل أي محاولة لتقريب وجهات النظر (المفاوضات).

ورأت المذكرة فيما يخص السياسة الخارجية للسلطة الانتقالية التي يقودها الشيخ شريف أن التحالف مع الجامعة العربية والدول الإسلامية خاصة مصر والسعودية وقطر والسودان هو تحالف طبيعي، مشددة على ضرورة القيام بالتشاور مع هذه الحكومات الشقيقة قبل أي مبادرة سياسية جديدة من أجل الحصول على نصحها ودعمها. ولاحظت المذكرة أن الحكومة الصومالية وجدت نفسها منذ توليها السلطة مجبرة على مقاومة الأوضاع السياسية بدلا من أن تتهيأ باستراتيجية سياسية واضحة على صعيد القوات المحلية والدولية (الأفريقية) والمؤسسات الحكومية والأمن.

وفيما يخص الإدارات الإقليمية وموقف الحكومة المركزية في مقديشو من إقليم بونت لاند (أرض اللبان) الذي يتمتع بالحكم الذاتي في شمال شرقي الصومال منذ عام 1998 وحكومة أرض الصومال الانفصالية، قالت المذكرة إن أقاليم الحكم الذاتي هذه تعتبر من العوامل المعيقة للوحدة الوطنية لأنها غير موالية للحكومة الفيدرالية الانتقالية وتتصرف بصورة مستقلة. وتابعت: «تناقض سياستها سياسة الحكومة المركزية في بعض الأحيان ولهذا السبب يجب أن تتخذ الحكومة موقفا قويا ضد هذه السلطات وأن لا يكون لديها أي علاقات دبلوماسية مع أي من الحكومات التي لديها علاقات سياسية وأمنية مع هذه السلطات الإقليمية». وتابعت: «وعلاوة على ذلك فإنه يجب منح الحرية لأعضاء مجلس الوزراء والبرلمان من هذه السلطات بمغادرة الحكومة أو يكونوا أعضاء أقوياء فيها وأنه من الآن فصاعدا لا يسمح بسياسة المعايير المزدوجة».

وبشأن وحدة الشعب الصومالي، أكدت المذكرة أنه يجب منح هذا الشعب الشعور الوطني، لافتة إلى أن الشعب الصومالي لن يكون متحدا إلا برؤية أو شعور وطني.

واقترحت المذكرة في هذا الصدد إحياء فكرة الصومال الكبرى، كما فعلها الرئيس الصومالي الراحل سياد بري قبل انهيار نظام حكمه وبدء الحرب الأهلية منذ عام 1991، وتنفيذ الشريعة الإسلامية في البلاد لتشويه سمعة الخوارج الدينية بالإضافة إلى التوزيع العادل للموارد. وكان إبراهيم محمد حسين رئيس الجبهة المتحدة لتحرير الصومال الغربي قد أعلن أمس أنه تم التوقيع على اتفاق مع إثيوبيا بعد محادثات استمرت نحو 6 أشهر.

وقال حسين إن الاتفاق يوفر الحريات الأساسية للشعب الصومالي الغربي وحق تقرير مصيره، إضافة إلى حرية الدين والتعليم، وإعادة التأهيل ومساعدة العائدين وتوفير الأجواء للذين نزحوا إلى الخارج. يشار إلى أن الجبهة المتحدة إحدى أهم الجبهات التي كانت تقاتل الحكومة الإثيوبية منذ 20 عاما للمطالبة باستقلال إقليم أوغادين.

وتتضمن بنود الاتفاق إيقاف الأعمال القتالية وإطلاق السجناء. وأوغادين إقليم يقطنه 4.5 مليون نسمة من أصل صومالي مسلم، وهو محط صراع بين الصومال وإثيوبيا منذ أكثر من 30 عاما.

وفيما يتصل بالعلاقة مع تنظيم أهل السنة والجماعة، قالت المذكرة التي وقعها الرئيس الصومالي الشيخ شريف وتحمل الديباجة الرسمية لمكتبه، إنه يتعين على الحكومة الصومالية أن تتجنب رفضه كلية أو إقامة علاقة سلمية معه. وشرحت المذكرة هذا الموقف الملتبس بالإشارة إلى أن هذا التنظيم يعارض مبدئيا الحكومة الفيدرالية، كما أنه يعارض أيضا مختلف جماعات المعارضة التي تسعى الحكومة للتفاوض معها.

وأقرت المذكرة بوجهة نظر مخالفة وصادمة تماما لكل المساعي المعلنة للحكومة الصومالية لدمج تنظيم أهل السنة والجماعة معها، وقالت إن هذا التنظيم لن يرضى بأقل من السيطرة الكاملة على الصومال لشعوره بأن لديه أغلبية الشعب الصومالي.

كما اعترفت بأن هذا التنظيم يصعب التفاوض معه حول خطة البرنامج السياسي المشترك، مقترحة في المقابل أن تسير الحكومة في طريقها الحالي في التعامل مع مجموعات أهل السنة الذين يحترمون رغبات الآخرين.