الخرطوم: قرار لاهاي حول أبيي لم يحل المشكلة.. وجوبا تصف الخطوة بـ«الخطيرة»

وفد عربي إلى جوبا اليوم.. و«أطباء بلا حدود» تعلق نشاطاتها في إحدى مناطق الجنوب بسبب العنف

منظر جوي لجانب من مدينة أبيي الغنية بالنفط (رويترز)
TT

اعتبر المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير قرار محكمة التحكيم الدولية حول ترسيم الحدود لمنطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الشمال والجنوب، لم يحل المشكلة ولم يكن عادلا وشافيا ويلبي احتياجات أكبر قبيلتين تقطنان المنطقة هما الدينكا والمسيرية، داعيا إلى مخرجات جديدة بين شريكي الحكم، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، غير أن الحركة الشعبية بزعامة النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت ردت بعنف ووصفت تصريحات المؤتمر الوطني بـ«المؤشر الخطير» في تنفيذ اتفاقية السلام وقرار التحكم الدولي، وأنها تأكيد على عدم الالتزام بالعهود والمواثيق، في وقت يصل وفد كبير من الجامعة العربية ومملكة البحرين إلى جوبا اليوم للتحضير للمؤتمر الثاني حول التنمية الذي تنظمه الجامعة العربية مع حكومة الجنوب.

وقال مستشار البشير للشؤون الأمنية عضو المكتب القيادي للمؤتمر الوطني الفريق، صلاح عبد الله قوش، لدى مخاطبته الملتقى الشبابي العاشر للمؤتمر الوطني، أمس، بحسب وكالة السودان للأنباء الحكومية، إن قرار هيئة التحكيم الدولية حول أبيي، الذي صدر في يوليو (تموز) العام الماضي في لاهاي (هولندا) «لم يحل هذه المشكلة ولم يكن عادلا أو شافيا أو ملبيا لاحتياجات الطرفين، ولا بد من مخرجات جديدة بالنسبة للشريكين»، مشيرا إلى أن «اتفاقية السلام لم يتبق منها سوى تقسيم الحدود وإجراء الاستفتاء في الجنوب ومنطقة أبيي». وقال إن قانون الاستفتاء للجنوب وأبيي تمت إجازته في البرلمان قبل إجراء الانتخابات الأخيرة في أبريل (نيسان) الماضي، مشددا على إجراء الاستفتاء في مناخ حر ونزيه يحدد فيه مواطن الجنوب رأيه في الوحدة أو الانفصال، داعيا الشباب إلى التوجه نحو الجنوب من أجل تنفيذ برامج وقوافل تساعد على عكس التسامح بين أبناء الشعب السوداني.

وقال إن مفوضية ترسيم الحدود أكلمت كل الخطوط من دولة إثيوبيا من الجنوب الشرقي إلى أفريقيا الوسطى على الجنوب الغربي، لكنه أقر بوجود خلافات عالقة بين شريكي اتفاقية السلام - المؤتمر الوطني والحركة الشعبية - في بعض المناطق بالولايات، وقال إن «الحدود بين أعالي النيل في الجنوب والنيل الأبيض في وسط السودان وبين أعالي النيل وولاية سنار، إلى جانب منطقة كفيا كانجي بين ولاية جنوب دارفور في غرب السودان وغرب بحر الغزال في جنوب البلاد لم تكتمل، ومن المتوقع أن يكتمل فيها العمل قريبا».

من جانبه وصف وزير مجلس الوزراء القيادي في الحركة الشعبية وأحد قياديي منطقة أبيي وهو الدكتور لوكا بيونق تصريحات قوش بالخطيرة للغاية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أي شكوك في قرار هيئة التحكيم الدولية في لاهاي بعد أن قبلت بها الأطراف كافة سينعكس بصورة خطيرة للغاية على كيان الدولة السودانية»، وأضاف أن الحكومة السودانية وطرفي اتفاقية السلام الشامل ومن أعلى مؤسسات الحكم ممثلة في رئاسة الجمهورية، أعلنت التزامها بتنفيذ قرار المحكمة الدولية، وتابع: «نتمنى أن تكون تصريحات قوش خاصة به وشخصية لا تعبر عن رأي المؤتمر الوطني، وإلا فإن ذلك يعتبر نكوصا عن الالتزام أمام الشريك والمجتمع الدولي بأسره». وكرر: «هذا مؤشر خطير ووعكة في تاريخ السودانيين في عدم الالتزام بالاتفاقيات، وبخاصة أن المؤتمر الوطني رفض من قبل تقرير اللجنة الدولية حول أبيي الذي صدر في يوليو (تموز) من عام 2005 والآن يرفضون قرار هيئة التحكيم الدولية».

وقال بيونق إن مؤسسة الرئاسة بعد صدور قرار المحكمة في لاهاي حول ترسيم حدود أبيي أصدرت مراسيم دستورية لتبني القرار وترسيم الحدود على الأرض، وإنها شكلت لجنة لترسيم الحدود بناء على قرار المحكمة، وأضاف أن الحكومة رصدت الموارد لتنفيذ ترسيم الحدود وتمت الاستعانة بالأمم المتحدة، مشيرا إلى أن مجموعة من قبيلة المسيرية ذات الأصول العربية التي تتنازع دينكا نقوك الأفريقية حول المنطقة، رفضت ترسيم الحدود من ناحية الشمال، ولم تسمح المجموعة المسلحة للجنة ترسيم الحدود بإكمال عملها، وقال: «المؤتمر الوطني أخفق في القيام بتنوير المسيرية وتوصيل الرسالة في قرار المحكمة الدولية والقبول به لأنه قرار نهائي وملزم»، وتابع: «على العكس من ذلك فإن النائب الأول رئيس حكومة الجنوب سلفا كير جمع قياديي المسيرية والدينكا نقوك وشرح لهم قرار التحكيم الدولي وأكد للمسيرية أنهم لن يتأثروا بالعلاقة التاريخية مع الدينكا حتى إذا وقع الانفصال في الجنوب».

وقال إن حكومة الجنوب في حال الانفصال ملتزمة بتوفير المرعى والمياه لقبيلة المسيرية التي تذهب إلى الجنوب في فترة الصيف بحثا عن الكلأ لمواشيها، وأضاف: «هذا أكدناه ونؤكده مرة أخرى لأننا ننشد الاستقرار في المنطقة، خصوصا أن هناك علاقات قديمة بين القبائل في تلك الناحية».

من جهة أخرى يصل اليوم إلى جوبا وفد من الجامعة العربية ومملكة البحرين يضم ثلاثة عشر شخصا برئاسة وكيل وزارة خارجية مملكة البحرين حمد أحمد العمري، وممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير سمير حسني. وقال سفير الجامعة العربية لدى جنوب السودان، محمد منصف، في تصريحات، أمس، إن الزيارة تأتي في إطار الإعداد والترتيب لمؤتمر جوبا الثاني للتنمية الذي دعت إليه مملكة البحرين، مشيرا إلى أن الوفد سيلتقي عددا من وزراء حكومة الجنوب أبرزهم وزراء البنية التحتية، والاستثمار، والتجارة، والصناعة، والطرق والنقل المواصلات، وأضاف أن الوفد سيقوم بالترتيبات للمشاريع التي ستناقش في المؤتمر الذي سيعقد في البحرين في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتوقع سفير الجامعة العربية أن يلتقي الوفد رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفا كير ميارديت قبل أن يختتم زيارته إلى جوبا.

إلى ذلك، أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» عن تعليق نشاطاتها في عيادتها النقالة في منطقة جمرك، جنوب السودان، وذلك نتيجة لأعمال العنف التي استهدفت فريقها. ووقعت 3 حوادث خلال الشهر الأخير في منشآت أطباء بلا حدود في جمرك، القرية المعزولة في ولاية جونجلي الجنوبية التي تعتبر من أكثر المناطق اضطرابا في جنوب السودان. ولا يمكن الوصول إلى تلك القرية سوى بواسطة القوارب أو الطائرات خلال موسم الأمطار، ويعني انسحاب «أطباء بل حدود» ترك 30 ألف شخص يرتادون العيادة بلا رعاية طبية من أي نوع.