خادم الحرمين وملك الأردن يشددان على تكثيف الجهود الدولية لتحقيق تقدم في عملية السلام

الملك عبد الله بن عبد العزيز يختتم جولته العربية والملك عبد الله الثاني يثمن جهوده في تعزيز التضامن العربي

العاهل الأردني في وداع خادم الحرمين الشريفين أمس (واس)
TT

اختتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمس، زيارته الرسمية للأردن، التي استمرت يومين أجرى خلالهما مباحثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، تناولت علاقات التعاون بين البلدين وآليات تعزيزها في مختلف المجالات، إضافة إلى الأوضاع الراهنة في المنطقة والقضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. واستقبل خادم الحرمين الشريفين في مقر إقامته بقصر الندوة في عمان بعد ظهر أمس الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية.

حضر الاستقبال الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين.

عقب ذلك صحب العاهل الأردني، خادم الحرمين الشريفين في موكب رسمي إلى مطار ماركا العسكري؛ حيث غادر عمان متوجها إلى جدة بعد زيارة للمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة استمرت يومين.

وكان في الوداع الأمير علي بن الحسين، ورئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي، ورئيس مجلس الأعيان طاهر المصري، ورئيس المجلس القضائي راتب الوزني، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي ناصر اللوزي، ومستشارو العاهل الأردني، وسفير المملكة الأردنية الهاشمية لدى السعودية قفطان المجالي، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن فهد بن عبد المحسن الزيد، وكبار المسؤولين في المملكة الأردنية الهاشمية من مدنيين وعسكريين، وعدد من السفراء العرب المعتمدين لدى الأردن، وأعضاء سفارة خادم الحرمين الشريفين في الأردن.

وكان خادم الحرمين الشريفين والملك عبد الله الثاني قد عقدا لقاء قمة خلال الزيارة، عبرا خلاله عن اعتزازهما بالعلاقات الأخوية التاريخية التي تربط البلدين، وحرصهما المشترك على تطوير وتمتين وزيادة التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.

وأكد الزعيمان خلال مباحثاتهما على ضرورة استمرار التنسيق والتشاور لتعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة مختلف التحديات، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة.

وثمن الملك عبد الله الثاني الجهود التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين لتعزيز التضامن العربي وبلورة مواقف عربية موحدة خدمة للمصالح والقضايا العربية. ووضع خادم الحرمين الشريفين العاهل الأردني خلال المباحثات في صورة نتائج جولته العربية التي شملت كلا من مصر وسورية ولبنان واللقاءات التي جمعته مع قادة هذه الدول، التي جاءت في إطار الجهود الحثيثة التي يبذلها خدمة للقضايا العربية وتعزيزا لوحدة الصف العربي في مواجهة مختلف التحديات. وبحث الزعيمان، خلال اللقاء الذي جاء في إطار التشاور والتنسيق المستمر بين البلدين الشقيقين حيال مختلف القضايا، الجهود المبذولة لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وفي سياق إقليمي شامل يضمن استعادة جميع الحقوق العربية، خصوصا حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.

وشدد الزعيمان على ضرورة تكثيف جهود المجتمع الدولي لتحقيق تقدم ملموس في عملية السلام، وصولا إلى حل الدولتين الذي يشكل السبيل الوحيدة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وفي الشأن اللبناني، شدد الزعيمان على وقوفهما إلى جانب لبنان في جهوده لتعزيز أمنه واستقراره، ودعم وحدة صفه الداخلي ووفاقه الوطني.

وحول العراق، أكد الزعيمان مركزية أمن واستقرار العراق، الذي يشكل ركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة، مؤكدين ضرورة التوصل إلى حكومة وحدة وطنية عراقية تشارك فيها جميع مكونات الشعب العراقي.

وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الأردني علي العايد: «إن زيارة خادم الحرمين الشريفين للأردن، تعكس عمق علاقات التعاون الأخوي المتينة التي تربط البلدين بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين». وأكد العايد أهمية الزيارة في إطار التواصل العربي والبحث في الملفات التي تهم المنطقة، لافتا إلى توقيت الزيارة التي تحمل دلالات عميقة تؤكد حرص المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين نحو تعزيز العلاقات العربية - العربية ومواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة. وقال إن الأردن يعتز بمواقف خادم الحرمين الشريفين ودعمه الدائم ومؤازرته.

واهتمت الصحف الأردنية بالزيارة؛ حيث صدرت صفحاتها الأولى بعناوين الزيارة، وأفردت لها مساحات كبيرة تتحدث عن مواقف خادم الحرمين الشريفين وجولته إلى مصر وسورية ولبنان.

وقالت صحيفة «الرأي» الأردنية الرسمية إن زيارة خادم الحرمين الشريفين تكتسب أهمية إضافية خصوصا لجهة التوقيت الدقيق الذي تأتي فيه هذه الزيارة التي تتجمع فيها سحب الأزمات التي تعصف بالمنطقة وقد تأخذها إلى مربعات ومزالق خطيرة إذا لم تجتمع الحكمة وبعد النظر والقراءة الدقيقة والحصيفة للمشهدين الإقليمي والدولي، وهو ما تقوم به القيادتان الأردنية والسعودية، نظرا لما يتمتع به خادم الحرمين الشريفين والملك عبد الله الثاني من مصداقية واحترام في المنطقة والعالم وما يبذلانه من جهد لخدمة القضايا العربية والإسلامية وفق رؤى تنهض على تعزيز ثقافة الحوار ورفض العنف والتطرف وعدم التفريط في أي من الحقوق العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وأضافت الصحيفة أن أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين للأردن، تكمن في ما تعكسه من عمق وتميز في العلاقات الأردنية - السعودية، وهي العلاقات التي لا يختلف اثنان على أنها تشكل نموذجا يحتذى في العلاقات العربية - العربية خصوصا أنها تقوم على مبادئ الأخوة الحقيقية والتنسيق والتشاور في مختلف القضايا والمجالات.

وقالت: «لعل التطابق في وجهات النظر الأردنية والسعودية إزاء مختلف القضايا والملفات الإقليمية والدولية هو ما يؤشر حقا على عمق وحيوية المبادئ والتنسيق والتشاور التي أرساها البلدان في علاقاتهما الثنائية، كما في المشهد العربي، بهدف إحياء العمل العربي المشترك، وسعيا لموقف عربي موحد إزاء هذه القضايا ينهض في جملة ما ينهض على عدم السماح لأي جهة أو دولة إقليمية أو دولية بالتدخل في القضايا العربية وفي رفض الإرهاب والتطرف وفي دعم حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية واستنادا إلى مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية وفي إشاعة ثقافة الاعتدال والحوار وعدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة ودعم الأمن والاستقرار في لبنان».

وأما صحيفة «الدستور» فقد أكدت في افتتاحيتها على أن أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين للأردن، تأتي من خطورة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية، ومن خطورة الأحداث والمستجدات التي تعصف بالمنطقة، وفي مقدمتها رفض عصابات الاحتلال الصهيونية، الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، وإصرارها على الاستمرار في الاستيطان والتهويد، وممارسات التطهير العرقي، لتنفيذ خططها وأهدافها التوسعية العدوانية، القائمة على نفي الآخر وعدم الاعتراف بالحقوق الوطنية والتاريخية للشعب العربي الشقيق.

وفي هذا الصدد يبرز دور الأردن والسعودية من خلال التمسك بالثوابت العربية، وفي مقدمتها دعم ومساندة الشعب الفلسطيني الشقيق، في نضاله العادل، لإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وعاصمتها القدس الشريف، وفي التمسك بالمبادرة العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في قمة بيروت 2002، ووافقت عليها القمم العربية بعد ذلك، وأصبحت بمثابة «المشروع العربي للسلام» الذي يجسد إرادة الأمة كلها في الانحياز للسلام الشامل، ودعوتها إسرائيل إلى الانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وفي مقدمتها القدس العربية، وعودة اللاجئين، كسبيل وحيدة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ووضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، التي تجاوزت كل الحدود، وأصبحت لا تطاق بفعل الاحتلال والحصار.